أكد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أنه رغم سوداوية المشهد في لبنان «فإن الظلمة ستنحسر تدريجاً ويبزغ الفجر قريباً». واتهم سوريا بإدخال تعزيزات عسكرية إلى معسكرين لـ«فتح ـ الانتفاضة» و«الجبهة الشعبية ـــ القيادة العامة» موجودين على الحدود، مشدداً على أن «فرنسا كانت ولا تزال مستمرة في دعمها للحكومة المنتخبة ديموقراطياً ومنفتحة على كل الأطراف».وأنهى السنيورة أمس زيارته لباريس وانتقل إلى روما لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي تتركز على عمل قوات اليونيفيل في الجنوب بعد الاعتداء الذي تعرضت له، على أن ينتقل قبل ظهر اليوم إلى مدريد.
وقبل مغادرته العاصمة الفرنسية زار السنيورة غرفة التجارة والصناعة حيث كان في استقباله رئيس الغرفة بيار سيمون، وعقدا اجتماعاً بحضور السفير الفرنسي في لبنان برنارد إيمييه وعدد من مسؤولي الغرفة.
بعد اللقاء تحدث السنيورة عن لقاءاته مع المسؤولين الفرنسيين، مؤكداً أن محادثاته مع الرئيس نيكولا ساركوزي «كانت جيدة تناولت العديد من المسائل، وكانت مناسبة للرئيس ساركوزي للتعبير عن الدعم المطلق لاستقلال لبنان وسيادته، ورؤية كيف يمكن أن تساعد فرنسا لبنان على تخطي الصعوبات والظروف القائمة في المنطقة والمشاكل التي نشأت في لبنان». وأكد أنه «رغم سوداوية المشهد فإن هذه الظلمة ستنحسر تدريجاً ويبزغ الفجر قريباً». وكرر قوله إن «كل الدول التي شاركت في قوات حفظ السلام «اليونيفيل» في الجنوب أظهرت التزاماً تجاه لبنان، رغم ما حصل في الجنوب قبل أيام قليلة، وهي لن تخضع إلى ضغوط وتهديدات، بل ستستمر في إظهار التزامها تجاه استقلال لبنان وسيادته».
واستقبل السنيورة في مقر إقامته السفراء العرب في باريس، وشرح لهم الأوضاع التي يمر فيها لبنان وخلفية المواجهة الدائرة في مخيم نهر البارد. وطالب الدول العربية بـ«مساعدة لبنان في هذه الظروف، وخصوصاً تجاه هذه المشكلة، لأنها في النهاية مسؤولية عربية مشتركة».
وخلال مؤتمر صحافي عقده في مركز الصحافة الأجنبية في باريس أكد السنيورة «أننا حصلنا على التزام العديد من الدول التي تساند لبنان وتدعمه في إعادة إعمار المخيم على أن يكون تحت سلطة الدولة اللبنانية. أما المسلحون فما زلنا نعطيهم فرصة الاستسلام للحكومة اللبنانية على أن نعاملهم بعدل وأن يحاكموا أمام محكمة عادلة بشفافية تامة وأمام الرأي العام العالمي».
وكرر دعوته إلى الحوار «بهدف تحقيق مصلحة اللبنانيين، لا من أجل فريق ضد آخر، ولا من أجل أن يكون لبنان ساحة لصراعات الآخرين، لأننا نريد لبنان وطناً لا ساحة، ولا أن نستبدل نفوذ فريق معين أو دولة معينة بنفوذ دولة أخرى». وقال: «هناك وجهات نظر مختلفة في رؤية المصلحة العامة، وهذا أمر طبيعي في أي نظام ديموقراطي، لكن أهم طريقة للمعالجة هي من خلال الحوار والاجتماع والتلاقي، وليس من خلال إقفال الأبواب والمنابر التي يجب أن يكون الحوار عبرها، ليس من خلال إقفال مجلس النواب ولا بالتعنت».
ورأى «أن مبادرة جامعة الدول العربية التي كانت تنطوي على عمل مماثل لما كان اقترح من الإخوة الفرنسيين من أجل الحوار وعلى مستوى الصف الثاني»، مشيراً إلى أنه بعد ما جرى للمبادرة العربية أصبحت الأجواء منفتحة وقابلة للسير قدماً في موضوع المؤتمر، ونحن نسير بالاتجاه المؤدي إلى الدعم بوضوح وبشكل كامل لهذه المبادرة والعمل على إنجاحها».
وشدد على أن «فرنسا كانت ولا تزال مستمرة في سياستها الداعمة للحكومة المنتخبة ديموقراطياً وللبنان، ومنفتحة على كل الناس والأطراف، وتريد أن تسهم في تمكين لبنان من التغلب على مشاكله»، مؤكداً أنه لم يسمع انتقاداً من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس لمؤتمر باريس «أما من المملكة العربية السعودية فقد سمعت فقط توخياً لأمر أكبر من هذا المستوى من الحوار فكان أمل في أن تكون فرنسا راعية لدور أكبر من ذلك».
ورداً على سؤال عمن قتل الجنود الإسبان قال السنيورة: «سبق أن صدرت تصريحات من البعض تقول إن ضحايا إقرار المحكمة الدولية تحت البند السابع في مجلس الأمن ستكون ضحايا القرار 1701 وقوات «اليونيفيل»، وهذه التصريحات يجب أخذها في الاعتبار وتجميدها في الوقت الحاضر والاستمرار في التحاليل المناسبة حتى التوصل إلى النتيجة».
وأشار إلى أن «لدينا حدوداً مشتركة مع الشقيقة سوريا لعدة مئات من الكيلومترات وليست طبيعتها من الأمر السهل، ونعلم ما هي المصاعب على هذا الصعيد، والجميع يعلم أن مسؤولية التهريب حسب القرار 1701، أكان تهريب الأسلحة أم المسلحين أم تسللهم ليست مسؤولية لبنان فقط، بل هي مسؤولية مشتركة بين لبنان وسوريا». وقال: «هناك معسكران على الحدود اللبنانية ـــــ السورية، معسكر لفتح الانتفاضة ومعسكر للجبهة الشعبية ـــــ القيادة العامة، وخلال الأسابيع الماضية سجلت بشكل واضح تعزيزات بالذخائر والأسلحة والرجال، في هذين المعسكرين اللذين هما على الحدود اللبنانية ـــــ السورية، داخل الأراضي اللبنانية وظهرهم مباشرة إلى الحدود، أي إن تواصلهم مع الحدود السورية مباشر وتأتيهم التعزيزات والمؤن وحتى الأكل الساخن». وأكد أن «مزارع شبعا أرض لبنانية، وعلى إسرائيل الانسحاب منها»، مشيراً إلى أن «إعادة الأرض إلى لبنان عبر وصاية الأمم المتحدة هي خطوة على طريق طويل لتعزيز الدولة ودورها وسيادتها في لبنان بحيث لا يكون هناك سلاح غير سلاح السلطة والدولة الشرعية». ورأى أن «المحكمة الدولية هي لاحترام الإنسان في لبنان»، مؤكداً «أننا لا نريد أن تكون المحكمة وسيلة للتدخل، بل نريد المحكمة الشفافة».
والتقى السنيورة بعد ذلك رئيس مجلس النواب الجديد برنار اكوييه ورئيس مجلس الشيوخ كريستيان برسوليه وعرض معهما العلاقات اللبنانية ـــــ الفرنسية. كما التقى ليل أول من أمس وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد.
(وطنية)