صيدا ــ خالد الغربي
حَمَل أطفال مُعَوَّقون معاناتهم في معرض «أنا كمان برسم حلو...»، فأفرغوا مخزون أحلامهم إبداعاً، وأطلقوا العنان لمخيلتهم وريشتهم لرسم أفق الحياة وما يأملون. وجّه الأطفال رسالة تحدٍّ لإثبات الذات الضائعة، وأنتجت أناملهم الطرية لوحاتٍ فنية وأشغالاً يدوية، طالما اعتقد البعض باحتكار الأسوياء للخيال الفني.
وتنظم جمعية رعاية اليتيم في صيدا معرض الرسم الأول لذوي الحاجات الخاصة في خان الإفرنج في صيدا، ويشارك فيه 35 طفلاً ممن يعانون إعاقات ذهنية في مراحلها الأولى وصعوبة في النطق. وتعكس بعض الرسوم فناً دفيناً يعتمل داخل الأطفال، فيما تنقلنا لوحات أخرى بالأبيض والأسود إلى وجوه حالمة ليست إلاّ وجوه هؤلاء الأطفال التي شطرت إلى نصفين. ويقود التوغل في أرجاء المعرض إلى الإضاءة على إجادة في استخدام تقنية اللون. تقول كلمات إحدى اللوحات «أنا قصدي أرسم بيت حلو وجنينة بقَلبها ألعاب» وأخرى «هيدا شي كتير كبير وواسع أنا بحبه كتير»، فتعكس أفق الطبيعة الرحب وما تحويه من مناظر خلابة.
في رسمته، جسّد خالد قصب (5 سنوات) فكرة السلام وقال إنّه يكره الحرب «لأنها بتموّت الناس»، فاختار مشهد العصافير والورود البيضاء. وهرب محمد ناجيا (7 سنوات) من محلة التعمير «لأن في رصاص..»، فرسم وجوهاً لرجال طاعنين في السن، «لأني حابب صير رجال كبير». أما نبيل صالح (11 سنة) فرسم الجبال التي يعشقها، من دون أن ينسى ألوان السلام والألفة والمحبة.
إلى جانب الرسم، خطّ الأطفال أحلامهم بواسطة «المعجون» الذي طوّعوه فناً خالصاً يتخذ أشكالاً من وحي الحياة اليومية ومشاغلها وضوضائها ومن سكون الطبيعة وجمالها.
وفيما تقول معلمة الرسم مايا حداد إنّ الرسوم هي نتاج تعبير حر، يرى الفنان فؤاد جوهر الذي لا يخفي مفاجأته بما رأه، أنّ الأعمال تحمل العفوية والصدق وتعبّر عن انفعالات نفسية يثبت فيها ذوو الحاجات الخاصة وجودهم بالقوة.
من جهته، يشير رئيس الجمعية الدكتور سعيد مكاوي إلى الطاقة الإبداعية لدى هؤلاء الأطفال الذين يعانون إعاقة ذهنية، وتُعَدُّ الرسوم علاجاً لهم. وتلفت إحدى الزائرات إلى أنّها حجزت لوحة، ليس فقط لإضفاء البعد الإنساني والتشجيع، بل لاقتناعها بجمالية اللوحة التي اختارتها لتزين صدر منزلها. ويستمر المعرض حتى الأحد المقبل.