إقليم التفاح ـ خالد الغربي
«ها أنت الآن قد وصلت وأشرق دمك فتحا ونصراً»، عبارة خطت على قماش أصفر زيَّنت ساحة بلدة عين قانا في إقليم التفاح واستقبل بها جثمان المقاوم محمد علي الملاح الذي قضى في قنبلة عنقودية من مخلفات العدوان الإسرائيلي والذي شيعه أمس حزب الله في موكب حاشد، عند الحادية عشر من قبل ظهر أمس. وصل جثمان الملاح إلى بلدته حيث أعد له استقبال وسط البلدة التي رفعت فيها اللافتات الصفراء التي تؤكد الاستمرار في المقاومة وتحذر بقطع كل يد تحاول النيل من سلاحها، فضلاً عن أعلام حزب الله وصور عملاقة للإمام الخميني والمرشد علي الخامنئي وللسيد حسن نصر الله.
وبعد أن أخذ النعش الذي لف بعلم حزب الله مكانه على منصة حديدية، صلي على الجثمان، وأم المصلين إمام البلدة الشيخ وائل ترمس لينطلق موكب التشييع باتجاه مقبرة البلدة يتقدمه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وعضو الكتلة النائب أمين شري ومشايخ ورؤساء بلديات ومخاتير قرى المنطقة.
تقدم الموكب كشافة المهدي، فيما حمل النعش على أكف «أخوته» المجاهدين، وبدا موكب التشييع كلوحة فنية، نعش يسير، خلفه قبضات مرفوعة وصرخات منددة وهتاف منقطع النظير عن للجهاد ضد الشيطانين الأصغر (إسرائيل) والأكبر (الولايات المتحدة)، بينما صورة كبيرة للشهيد باسماً خلف نعشه وكأنه يحدق جيداً في الأصدقاء مطمئناً منهم إلى الاستمرار في مسيرة المقاومة، فيما صديقه أبو علي يمعن جيداً في الصورة ويقول: «هذا طريقنا سلكناه والشهادة ماضية إلى يوم الدين». في الطريق إلى المثوى الأخير دموع وزغردات نساء ونثر أرز وماء زهر وورود، لكن المشهد الأكثر «دراماتيكية» يتجسد في مرور النعش أمام منزل الملاح حيث عرج الجثمان في زيارة هي الأخيرة، الزوجة الثكلى التي بدت معظم الوقت متماسكة، أجهشت ببكاء حاد، وقريبات له رقصن بقميصه وبعض أشياء من خاصاته، فتح النعش لوقت لم يكن كافياً للوداع الأخير.
النائب رعد ألقى كلمة في التشييع عدد فيها مزايا الشهيد، وقال: في وقت يغفل فيه الكثيرون في لبنان، وخصوصاً بعد الانتصار المدوي الذي حققته المقاومة، عن العدو وما يخطط له وما يدبره للبنان من مشاريع تسلطية وتوسعية واعتدائية على أرضه ومياهه وكرامة أبنائه، تستمر مسيرة المقاومة والشهادة. وأشار إلى أن عيون المقاومين تتابع رصد العدو وحركته في شكل يحفظ قدرة المقاومين على مواجهة العدو إذا ما فكر وأرتكب حماقة وشن عدواناً على لبنان. وتحدث رعد عن ضرورة الاستعداد والإعداد لمواجهة العدو الذي يهيئ للعدوان علينا ويحاول إعادة الاعتبار بعد الهزيمة التي تلقاها، منبهاً إلى أن هذه المرحلة التي يسترخي فيها الناس ويظنون أن العدو قد حول نظره عن لبنان ولن يعيد الكرة فيما العدو يعد العدة ويستغل غفلة الكثيرين، مشيراً إلى تنافس كثر في لبنان وسعيهم لأخذه إلى موقع التصالح مع العدو. النائب رعد أكد أن المقاومة لن تلقي سلاحها ما دام هناك تهديد إسرائيلي وما دام الإسرائيليون يتوعدون لبنان واللبنانيين، وما دام هناك انتهاكات وخروق للسيادة واحتلال للأرض، وما بقي الأسرى في السجون، وما بقي الإسرائيليون يمنعون علينا ممارسة حقنا في استغلال ثرواتنا وينتهكون سيادتنا.