أصبحت جبنة الشنكليش جزءاً لا يتجزّأ من سفرة المازات اللبنانيّة، تزيّن المائدة بطبق ملوّن فيه الفلفل الرومي الأخضر والبصل الأبيض والبندورة الحمراء المقطّعة. وباتت الشنكليش طبقاً يصاحب مزاج سفرة الأحد التي يتحلق حولها كل طلاب الاسترخاء من أيام العمل الطويلة، بعد أن كانت زاد الفلاحين، وخصوصاً فلاحي الشمال، لنهاراتهم الطويلة في الحقول ومؤونتهم لفصول الشتاء الباردة. يحتمل أن يعود أصل الشنكليش إلى قبائل الأكراد والتركمان التي استوطنت في شمال لبنان في العصور القديمة، إذ يرجّح أن كلمة شنكليش تتحدّر من اللغة الكردية، وتعني «الجبن المخمّر في وعاء الفخار». تتحلّى هذه الجبنة بميزات خاصة جداً، أوّلها أنها الجبنة المخمرة الوحيدة في بلادنا، أي أنها تصنّع بطريقة شبيهة بتلك التي تصنّع بها جبنة «الروكفور» الفرنسية، أو ما يعرف بالجبنة الزرقاء التي تعتمد على الفطريات الطبيعية لإنتاجها.
ميزة الشنكليش الثانية، هي أنها تصنّع من اللبن الزبادي، لا من الحليب كسائر الأجبان: فبعد أن يخضّ اللبن وينفصل الزبد عن المصل، يسخّن المصل حتى يتخثّر وتتجمّد بروتينات اللبن وتتحوّل إلى «قريش». يقرّص القريش على شكل كرات، ويوضع في أوعية فخارية للتخمير والإنضاج لبضعة أسابيع. خلال عملية التخمير هذه، تنمو الفطريات على سطح كريات القريش. وبعد أن ينضج، تزال الفطريات وتزيّن كرات الجبن بالصعتر أو الفلفل الحرّ المهروس. أمّا الميّزة الأهم للشنكليش، فهي أنها وجبة مغذّية لا تحتوي إلا على القليل من الدهن الحيواني. فقد أشارت التحاليل إلى أن كمية الدهن في الشنكليش تقلّ عن 5%، أي أنها أقل بعشرة أضعاف من سائر الأجبان، كما أنها تحتوي على 35% من البروتينات. ولذلك، فهي وجبة مناسبة جداً للذين يحاولون تخفيف الدهون في غذائهم، شرط ألّا يغرقوها بزيت الزيتون كما جرت العادة، لأنّ الزيت، رغم أنّه صحّي، يحتوي على الدهون.
ر. ز