رأى الرئيس سليم الحصّ أن لا خيار أمام اللبنانيين سوى «العمل على عبور الاستحقاق الرئاسي بسلام، أي بانتخاب رئيس توافقي»، مشدّداً على ضرورة «تجاوز البعد الخارجي» في قرار الانتخاب. ودعا المعنيين الى «إنهاء الاعتصام في وسط العاصمة»، كما «المربّعات الأمنية في أحجامها المبالغ فيها».وفي كلمة ألقاها تحت عنوان «سرّ الداء في لبنان والمنطقة»، خلال رعايته حفل إفطار أقامه «منبر الوحدة الوطنية» في فندق «البريستول»، أمس، انطلق الحص من استعراض الهموم والهواجس «المفتعلة» التي تعتمل في حنايا وثنايا المجتمعات العربية التي باتت «مسرحاً لصدام بين محورين: محور سوريا وإيران من جهة، ومحور أميركا وإسرائيل من جهة أخرى»، ليطلّ على الواقع اللبناني الذي «تتوزّع فيه الولاءات بين المحورين»، فـ«القوى الخارجية تتدخل اليوم في شؤوننا الداخلية، على وجه ينذر بتعطيل الاستحقاق الرئاسي»، محمّلاً الإدارة الأميركية مسؤولية «تبنّيها للحكومة المختلف عليها داخلياً، فحالت دون قيام حكومة وحدة وطنية».
ومن باب التذكير بالمحاولات والمساعي الداخلية لتأمين عبور سليم للاستحقاق الرئاسي، رأى الحصّ أن عدم إتيان مبادرة الرئيس نبيه برّي ثمارها حتى الآن «عائد الى أن قرار بتّ المسألة هو في واقع الحال خارجي، ويبدو كأن هذا القرار لم يصدر بعد، أو أن القرار قد يكون عدم انتخاب رئيس توافقي ضمن المهلة الدستورية. وعند ذاك، يكون الفراغ وتكون الكارثة».
وفي هذا الصدد، أشار الى أن «البعض يحاول التخفيف من غلواء الخطر الماثل بالتساؤل: هل من مصلحة الخارج أن يقع لبنان في حال من الفوضى إذا ما تعذّر إنجاز الاستحقاق الرئاسي؟»، مبدياً أسفه لكون الجواب «قد لا يكون في مصلحتنا، إذا ما تذكرنا أن السياسة الخارجية المعلنة من جانب الإدارة الأميركية تقوم على السعي إلى إقامة ما يسمّى شرقاً أوسط كبيراً أو جديداً، والطريق إليه هو ما يسمّى الفوضى الخلاقة».
وإذ أكّد أن الشرق الأوسط الجديد هو «مشروع تفتيت للشعوب والكيانات العربية. أما الفوضى الخلاقة، فبدعة فاضحة»، وأن «لا فارق، حتى في التفاصيل، بين استراتيجية أميركا واستراتيجية إسرائيل في الشرق الأوسط»، لم يجد الحصّ غلواً في القول إن «حلفاء الإدارة الأميركية من اللبنانيين هم، من حيث لا يدرون أو لا يريدون، في واقع الحال، حلفاء الكيان الصهيوني في سياسته المدمّرة».
ورأى الحصّ أن حرب إسرائيل على لبنان في صيف 2006 «ربما أحدثت تبديلاً جذرياً في معطيات الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي»، إذ «ربما شهدنا آخر الحروب العربية ـــــ الإسرائيلية»، مضيفاً: «قد لا تكون ثمة حرب عربية ـــــ إسرائيلية بعد اليوم، مع استمرار الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، وستكون الكلمة في الجانب العربي للمقاومة لا للحرب. وقد تكون المقاومة مسلّحة أو غير مسلّحة».
وبالعودة الى خصوصية الواقع اللبناني، أعلن الحصّ تأييده «بلا أدنى مواربة» لرافضي عودة الوصاية السورية، مرفقاً برفض أية وصاية أخرى، فـ«لا لوصاية أميركية ولا لوصاية فرنسية ولا لوصاية شرقية أو غربية، أو حتى أممية»، مشيراً الى ضرورة «تصحيح العلاقة بين الشقيقين الجارين وتنميتها، على قاعدة التكافؤ والاحترام المتبادل».
وأعرب عن أمله أن تحمل الأيام المقبلة «عهداً جديداً يحرص على سنّ قانون انتخاب جديد كلياً، يكون مفتاحاً لإصلاح سياسي فاعل ومقدّمة لإصلاح شامل. عند ذاك، ومع إجراء انتخابات نيابية تجدّد الحياة السياسية، لن يكون مطلب حكومة الوحدة الوطنية طبيعياً. فالطبيعي ديموقراطياً أن تحكم الأكثرية وتعارض الأقلية».
وختم الحصّ كلمته بالقول: «لا خيار أمامنا سوى العمل على عبور الاستحقاق الرئاسي بسلام، أي بانتخاب رئيس توافقي، على الرغم من كل الصعاب، متجاوزين البعد الخارجي في قرار الانتخاب مهما كانت التحدّيات. هكذا، نثبت أننا شعب يقبض على زمام أمره بيده، وأننا تالياً شعب جدير بالحياة».