نيويورك ـ نزار عبوديتوقع أن يشهد مجلس الأمن الدولي غداً الثلاثاء جدلاً بشأن التطورات الدراماتيكية في قضية التحقيق الدولي باغتيال الرئيس الحريري، ورفضاً للبيان الرئاسي الفرنسي المدعوم أميركياً. فالجلسة تأتي لمناقشة تقرير القاضي دانيال بلمار الأول عن انتماء القَتَلة إلى «شبكات إجرامية»، لاغياً الصبغة السياسية للتحقيق. بينما تنوي جنوب أفريقيا، رئيسة المجلس، إثارة قضية استمرار الاعتقال التعسّفي للقادة الأمنيين الأربعة، يدعمها أعضاء آخرون بينهم ليبيا وإندونيسيا. ثم جاءت مفاجأة اختفاء الشاهد محمد زهير الصدّيق من فرنسا لتكشف المعايير المزدوجة في التعامل مع قضايا باتت شأناً دولياً.
ولقد أثار الاختفاء علامات استفهام دولية كثيرة، فقال دبلوماسي غير عربي من مجلس الأمن: «فرنسا امتنعت طويلاً عن التعاون مع التحقيق الدولي في موضوع الصدّيق، وها هو يختفي من أراضيها وتسمح له بالسفر، ولا تسلّمه إلى القضاء اللبناني، رغم نيله الحصانة من حكم الإعدام. الأمر يثير الكثير من الاستغراب والريبة».
وسط هذه الأجواء، قدّمت فرنسا مساء الجمعة إلى مجلس الأمن مشروع بيان رئاسي مدعوماً من واشنطن، يتعلق بتقرير الأمين العام الأخير عن تطبيق القرار 1701. البيان الذي جرى الحديث عنه منذ أكثر من أسبوعين، رأى فيه أحد الدبلوماسيين في نيويورك «قنبلة دخانية تُرمى للتعمية على المفاجآت الكثيرة التي تكشّفت أخيراً، وأبرزها اختفاء الصدّيق المفاجئ من الأراضي الفرنسية».
وسجّل موقف متشدد من حكومة بريتوريا يرفض فكرة البيان. وقال دبلوماسي من بعثة جنوب أفريقيا إن بلاده مدعومة من الصين وليبيا وفيتنام وإندونيسيا «ترى عدم ضرورة لإصدار بيان».
وأضاف أن مسودة البيان «ووجهت باستغراب الدول المعارضة التي قارنت الوضع اللبناني بالكثير من القضايا الدولية الساخنة التي يناقشها المجلس، ولا يصدر في نهاية كل نقاش بيان بشأنها». وأكد أن موقف جنوب أفريقيا «سيكون متصلّباً رافضاً لفكرة البيان». ولم يتسنّ الاطلاع على الموقف الروسي.
واستغرب الدبلوماسي من بعثة جنوب أفريقيا إبقاء الضباط الأربعة «قيد الاعتقال التعسّفي»، كما وصفه، «بينما تمنح الحماية للشاهد الصدّيق في فرنسا وفي الدول العربية، التي تموّل المحكمة الدولية، وتسمح له بالسفر». وأكد أن الموضوع لن يمر دون مساءلة في المجلس.
دوميساني كومالو، مندوب جنوب أفريقيا، كان قد عقد اجتماعاً مساء الجمعة الماضي مع المجموعة العربية في مقر الأمم المتحدة، بناءً على دعوة من رئيس المجموعة الدوري، مندوب سوريا، بشار الجعفري. وأعرب كومالو خلال اللقاء عن استغرابه الشديد لـ«تساهل العرب اللافت في قضاياهم»، وانتقد الانقسام العربي.
من جهة أخرى، حصلت «الأخبار» على نسخة من مسودة البيان الفرنسي الذي حظي برضى البعثتين اللبنانية والإسرائيلية في صيغته التي قدمت، ويركز على أربع قضايا أساسية: الأسيران الإسرائيليان، والتسلّح، واحترام وقف إطلاق النار، والانتخابات الرئاسية دون مزيد من التأخير. وعلم أن البيان أعد بمساعٍ من تيري رود لارسن، ناظر القرار 1559، الذي يتوقع أن يقدم تقريره في 12 نيسان الحالي. ولقد تركزت جهود لارسن على العمل لعقد مؤتمر دولي بشأن لبنان. وهو يرى أن البيان خطوة ضرورية على هذا الطريق.
تعرب مسودة البيان عن قلق عميق لأعضاء مجلس الأمن «من عدم إعادة حزب الله الجنديين الإسرائيليين اللذين اختطفهما، أو حتى تقديم برهان على أنهما لا يزالان على قيد الحياة. ويدعو إلى الإفراج عنهما فوراً دون قيد ولا شرط». ويكتفي بتشجيع «الجهود الرامية إلى التسوية العاجلة لقضية السجناء اللبنانيين المحتجزين في إسرائيل».
وفيما يعرب البيان عن «القلق البالغ من الانتهاكات الإسرائيلية المتزايدة للمجال الجوي اللبناني»، يطالب بالاحترام الكامل لوقف الأعمال العدائية والخط الأزرق، «وبالحفاظ على سلامة عناصر الأمم المتحدة».
ويذكّر بضرورة حصر التسلّح واستيراد السلاح في الحكومة اللبنانية، معرباً عن القلق من «التصريحات التي تشير إلى خرق الحظر على التسلّح»، وينبّه «من عواقب استمرار المأزق السياسي في لبنان، ويكرر دعوته إلى عقد انتخابات رئاسية حرة ونزيهة دون إبطاء، بانسجام مع قواعد الدستور اللبناني، ومن دون تدخّل أو تأثير أجنبي، وباحترام تام للمؤسسات الدستورية. ويرحب بالجهود الإقليمية والدولية البنّاءة، بما فيها جهود الجامعة العربية، من أجل مساعدة الأطراف اللبنانيين على تحقيق تفاهم ضمن إطار روح الحوار والتصالح».