صباح أمس، كان الموعد لانطلاق شرارة التمرد الأول في سجن بعلبك. السجن الذي حافظ مساجينه على هدوئهم، طيلة فترات التمرد التي شهدتها سجون رومية والقبة في طرابلس وجب جنين وزحلة في البقاعين الأوسط والغربي. يوم أمس، الذي كان من المقرر أن يكون يوم زيارات لأهالي المسجونين المحكومين، وسوق للموقوفين إلى محاكم في بيروت وزحلة، تحول إلى يوم تمرد بامتياز. فما إن تبلّغ حوالى عشرين موقوفاً أنهم لن يساقوا إلى المحاكم بذريعة «عدم وجود سيارات سوق تابعة لقوى الأمن الداخلي كافية للقيام بهذه المهمة»، حتى أعلنوا انتفاضتهم في السجن الصغير الذي يقبع في إحدى زوايا سرايا بعلبك الحكومية التي تضمّ أكثر من سبع دوائر رسمية.
القرار بالتمرد، بحسب أحد أهالي المسجونين، ما هو «إلا محاولة لرفع الصوت عن الطبابة السيئة في السجن والتأخير والتلكؤ اللافت في سوق أبنائنا للمحاكم حتى يعرفوا الأحكام التي ينبغي أن تصدر بحقهم ومدة محكوميتهم». وقد امتنع الموقوفون عن استقبال الطعام. ومنعوا عناصر الحراسة من الدخول إلى الزنزانات وجمعوا الفرش المخصصة للنوم وهدّدوا بإحراقها مع السجن ومن فيه. ولم تنجح مساعي آمر السجن مع المتمردين، الذين حاول أحدهم تشطيب نفسه، ليطالب بعدها أحد المساجين، ويدعى عباس ز. بـ«التواصل مع الإعلاميين»، وهو ما لقي رفضاً من القوى التي تعاملت بقسوة مع الصحافيين ومنعتهم من الاقتراب من المبنى الذي أحيط بطوق أمني كثيف مع استقدام تعزيزات إضافية من القوى السيارة في قوى الأمن الداخلي (الفهود)، وفرق من الدفاع المدني، بالإضافة إلى دورية مؤللة من فوج المغاوير في الجيش.
مساعي التفاوض التي تواصلت مع أمنيين، ومع القاضي زياد أبو حيدر، لم تفض إلى نتيجة، إذ شدد المتمردون على «ضرورة الاستماع إلى مطالبهم وإيلائها الاهتمام الكافي لجهة توفير آليات سوق إلى المحاكم، وتأمين طبابة لبشر ينفذون محكومياتهم». وفي الثالثة عصراً، حضر قائد منطقة البقاع في قوى الأمن الداخلي العميد إميل عطا الله، ومن ثم مدعي عام البقاع القاضي كمال المقداد اللذان استمعا إلى مطالب السجناء والمشاكل التي يعانون منها، وأكدا تفهّمهما للوضع، والعمل من أجل تحسين الأمور. إلا أن مزاجية أحد السجناء، الذي تولى عملية التفاوض، أدّت الى تدخّل أمني لفضّ التمرد في السادسة مساءً، بعدما عمد السجناء إلى محاولة إشعال فرش الإسفنج، ما استدعى اقتحاماً سريعاً من قبل عناصر من الفهود والدفاع المدني بخراطيم المياه، وتمكنوا من السيطرة على الحريق، ونقل 6 جرحى من المساجين إلى مستشفى بعلبك الحكومي، بسبب إصابتهم بحالات اختناق، فيما سجّلت إصابة واحدة في صفوف رجال الأمن. يذكر أن سجن بعلبك يعدّ من السجون اللبنانية التي تعاني مشاكل بالنظر إلى وجوده في مباني السرايا الحكومية، التي تعاني ضيقاً في الأساس لكونها تعج بالمؤسسات العامة. فسجن بعلبك، الموجود في سرايا بعلبك الحكومي القديم، يجاور مكتب قائمقام بعلبك، ودائرة الأحوال الشخصية، ومحتسبية المالية والوكالة الوطنية للإعلام، ومديرية بعلبك ـــ الهرمل في أمن الدولة.