strong>استمر أمس التوتر الأمني بين عناصر الموالاة والمعارضة، استكمالاً لما حصل أول من أمس. فقد حصل اشتباك في مدينة طرابلس وآخر في البقاع، بالإضافة إلى توتر الأوضاع في منطقة عاليه. وتطرح هذه الاشتباكات المسلحة السؤال عمن يحسم الأمور باتجاه السلم ليحفظ حياة المواطنين
انكشف الرماد عن الجمر في طرابلس أمس، فسقط جريحان جرّاء تجدّد التوتر وتبادل إطلاق النار بين مسلحي «تيار المستقبل» في باب التبانة، والحزب العربي الديموقراطي في بعل محسن. وقد بدأت الاشتباكات نحو الثالثة والنصف بعد الظهر عقب تشييع القتيل خالد أحمد خالد، الذي سقط أول من أمس ضحية اشتباك جرى قرب طلعة العمري على خلفيّة التحرّك الذي دعت إليه المعارضة.
وقد جرى التشييع وسط حشد من أبناء التبانة، وظهور عدد من المسلحين، وفي غياب أي من مسؤولي «التيار» ونوابه. وأفاد مواطنون من سكان المنطقة بأن استفزازات جرت بين الطرفين أدّت إلى تبادل إطلاق النار بالأسلحة الرشاشة. كما سمعت أصوات قذائف خلال الاشتباك. أصيب جراء ذلك كلّ من صالح أحمد حسين (مواليد 1985) وربيع كحيل (1979)، ونقلا إلى المستشفى الإسلامي، وكانت إصابتاهما في الأرجل. استمرّ إطلاق النار زهاء ساعة، ساد بعدها الهدوء، لكن الاشتباكات ما لبثت أن تجدّدت بالأسلحة الخفيفة بطريقة متقطعة.
وكانت أحياء باب التبانة، بشقيها بعل محسن والتبانة، قد شهدت توتراً كبيراً إثر سقوط قتيلين، وعدد من الجرحى، مساء أول من أمس.
وبنتيجة التوترات المتتالية، عزّز الجيش اللبناني قوّاته عند عدد من النقاط بين الحيّين، لكن ذلك لم يحل دون وقوع الاشتباكات في النقاط البعيدة عنه. ومساء، انتشر الجيش في المنطقة بشكل واسع، ما أدى إلى ضبط الوضع الأمني.
البقاع
وفي البقاع، وقبل إعلان المعارضة ليل أول من أمس توقيف تحركاتها الاحتجاجية، سرت شائعات عن نية مناصري المعارضة نصب خيم في بعلبك أمام «الحمرا بلازا» في الكرك وفي ساحة شتورا. هذه الأجواء أدّت إلى احتقان بين أنصار المعارضة والموالاة مع ورود معلومات إلى القوى الأمنية عن تحركات وظهور مسلّح في بعض القرى، تحضيراً لمهاجمة أماكن تجمع قوى المعارضة خلال الليل، وعند طلوع الفجر لفتح الطرقات بقوة السلاح، قابله من ناحية أخرى تخوّف لدى قوى الموالاة من إقدام مسلحين تابعين لقوى المعارضة بالهجوم على أماكن وجود قوى 14 آذار.
وأفادت مصادر مطلعة «الاخبار» عن حصول اجتماعات مكثفة لرؤساء بلديات ومخاتير مؤيدين للحكومة، وأن اجتماعاً حصل في منزل أحد المراجع الدينية لدرس الخطوات اللازمة لمواجهة تحرّك المعارضة، ترافق مع البيان الذي صدر عن قوى 14 آذار ليلاً. لكن الوضع عاد إلى طبيعته تدريجاً بعد إعلان قوى المعارضة تعليق الإضراب.
يوم الإضراب الطويل، الذ حمل في جعبته الكثير من الحوادث الأمنية، لم تغب شمسه بعد عن بلدتي النبي عثمان والعين في البقاع الشمالي. فما كان يُعمَل على تجنبه طوال أول من أمس، ولا سيما بعد قيام بعض المتظاهرين من مناصري الحزب السوري القومي الاجتماعي من أبناء النبي عثمان بتكسير «زيتونة» زرعها أهالي بلدة العين في ساحة بلدتهم باسم الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتمزيقهم بعض الصور والشعارات، «فجره» بعض الشباب مع مطلع يوم أمس. فقد عمدت مجموعة من أنصار تيار «المستقبل» إلى تمزيق لافتات رفعها «حزب الله» على الطرقات لمناسبة عاشوراء. كما أقدمت مجموعة أخرى من مناصري «المستقبل» على إقامة حاجز في بلدة العين، أمام محل سمير الطحان، لـ«محاسبة» من يريد المرور عليه «على الصورة» و«على الانتماء»، ما أحدث بلبلة وفوضى ومشاحنات، استعملت خلالها الحجارة والعصي حيث كسرت السيارات واستهدفت نوافذ المنازل والمحال التجارية. كما تعرض أحد المارة، وهو من طلاب الحوزة الدينية، للضرب والإهانة. من جهة أخرى حاولت مجموعة من أنصار «المستقبل» إغلاق ثانوية العين الرسمية، وتعطيل الدراسة فيها استنكاراً لما حصل معهم يوم الإضراب، لكن طلاب الثانوية منعوهم من ذلك، فتربصوا لهم وضربوا طالباً من آل نزهة أثناء عودته إلى منزله، ما أجج نار «الفتنة». وتطور الإشكال إلى إطلاق نار بين آل نزهة (من النبي عثمان) وآل يحيى (من العين) من دون أن يسجل وقوع أي إصابات.
وعلى الفور طوقت وحدات الجيش اللبناني وعناصر قوى الأمن الداخلي المكان وفككت الحاجز، واعتقلت المتهم بتمزيق اللافتات ومسبب الإشكال وهو من آل «حويجي» من بلدة العين.
عاليه
في مدينة عاليه أقدم مجهول ليل الثلاثاء ــ الأربعاء على إحراق شاحنة تخص القيادي في الحزب الديموقراطي اللبناني وسيم الصايغ، التي كانت متوقفة أمام منزله في المدينة.
وعلّق مدير الداخلية في الحزب الديموقراطي اللبناني لواء جابر على الحادث فقال: «إن نجاح الإضراب الذي دعت إليه المعارضة في عاليه أدى إلى تشنج بعض الأطراف السياسية، وعلى أثرها أقدمت مجموعة ليل الثلاثاء ــ الأربعاء على حرق شاحنة تخص القيادي في الحزب وسيم الصايغ». واستنكر جابر حادث بلدة صوفر، أول من أمس، الذي جُرح فيه عدد من عناصر الحزب السوري القومي الاجتماعي.
وفي هذا الإطار، أفاد مصدر مسؤول في الحزب القومي بأن مطلق النار في حادثة صوفر المدعو م. أ. يوم أول من أمس كان يستهدف مسؤول منفذية منطقة عاليه حسام العسراوي، وليس فقط التجمع الذي قطع الطريق في البلدة وذلك على خلفيات سياسية. وعلمت «الأخبار» أن العسراوي بصدد تقديم دعوى قضائية ضده.
من جهة أخرى وردت معلومات لـ«الأخبار» أنه، على أثر تظاهرات أول من أمس والتحركات الشعبية في مناطق الجبل، «شوهدت عناصر من الحزب الاشتراكي توزع أسلحة فردية ورشاشات على عدد من مناصري الحزب». كما ذكرت المعلومات أن «مسؤولين من «الاشتراكي» استدعوا العديد من المقاتلين السابقين وتداولوا معهم في بعض التحركات المحددة التي قد يستلزمها الموقف، وعمموا على المناصرين أن توقف الاعتصامات والتحركات جاء على خلفية تهديد وجهته قوى 14 آذار إلى المعارضة بالنزول إلى المواجهة المباشرة ومن ضمنها استعمال السلاح».
وفي اتصال مع «الأخبار»، نفى النائب وائل أبو فاعور هذه المعلومات جملة وتفصيلاً، مؤكداً «أن ما ذكرته وسائل الإعلام عن أي تحرك مسلح هو غير صحيح»، موضحاً أن الدعوة التي كانت قوى 14 آذار تنوي توجيهها لمناصريها للتحرك و«فك الحصار عن بيروت، كانت ستؤدي إلى تحرك سلمي يشبه كل تحركات 14 آذار السابقة».
(الأخبار)