strong>صور ـ سوزان الهاشم
يخضع سجن صور لأعمال ترميم تعيد لمظهره الخارجي تألقه التراثي، من دون الالتفات إلى مساحته الضيقة وافتقاره إلى برنامج إصلاحي يسمح للمحكوم بإعادة الاندماج في المجتمع

يخضع سجن صور حالياً لأعمال ترميم وتأهيل، بدأت منذ نحو سنة ونصف السنة، ويُتوقع أن تنتهي في منتصف شهر أيار. وقد أدت هذه الأعمال إلى إفراغ السجن من نزلائه، الذين نقلوا إلى سجني النبطية وتبنين المزدحمين. وقد شملت أعمال التأهيل التبليط والدهان وبعض التصليحات الثانوية في المبنى كالأبواب والكهرباء، من دون أي زيادة في مساحة الغرف أو تغيير في تقسيمها. فالغرف الضيقة والمعتمة باقية على حالها، تعاني رطوبة شديدة ولا يدخلها الهواء ولا أشعة الشمس. وبالتالي فإن أمراض الجهاز التنفسي ولا سيما الربو أيضاً باقية، ما يشكل خطراً على السجناء والعسكريين الذين يخدمون هناك على السواء، علماً بأن الهواء الفاسد الذي تخرجه الشفاطات من الغرف، مسلّط على باحة النزهة.
فالسجن عبارة عن 5 غرف، لكل منها حمام واحد، تبلغ مساحة أكبرها (6.5 م × 6 م) كانت تؤوي أكثر من 60 سجيناً في معظم الأحيان. أما الحمامات، فلا تتوافر فيها المياه الساخنة. لكن «البخورة»، وهي مكان الاستحمام، تنعم بالمياه الساخنة ويسمح باستعمالها مرتين في الأسبوع في الحدّ الأقصى. أما بالنسبة إلى المنامة، فالازدحام كفيل باحتكاك السجناء بعضهم ببعض وحصول تحرشات جنسية من وقت لآخر.
أما نزلاء السجن فهم عادة من المحكومين بعقوبة أربع سنوات حداً أقصى، أو من الذين قضوا فترة من عقوبتهم في سجون أخرى وبقيت لهم أربع سنوات. وليس في سجن صور أي موقوف لعدم توافر آليات مخصصة لنقلهم من المحاكم وإليها.
وإذا كان السجن عقوبة تهدف إلى إصلاح المحكوم لإعادة دمجه في المجتمع، وجعله طاقة بشرية فاعلة ومنتجة، فذلك يحتاج وضع سياسة عقابية إصلاحية شاملة. إلا أن ذلك غائب كلياً عن سجن صور. فالمسجون فيه بعد ارتكابه «جنحة، يخرج ليرتكب جناية»، وذلك بحسب قول المحامي جواد صفي الدين، الذي يتابع «عدا عن الظروف الصعبة التي يعيشها السجين، هناك غياب كلّي للتأهيل الاجتماعي في السجن، فلا وجود لأي حرفة يتعلمها المحكوم، والعقوبة، تالياً، لا تعدو كونها هدراً لوقت السجين».
ويحتل سجن صور الطبقة السفلية من مبنى سرايا صور القديمة، العائد تاريخها إلى سنة 1760، إذ شيّدها الشيخ عباس المحمد النصار، الذي كان حاكماً لمدينة صور حينذاك، واستخدم هذا الطابق كمربط للخيل. وقد حولته السلطات اللبنانية في القرن المنصرم إلى سجن يؤوي أكثر من مئة سجين.