وافق مجلس الوزراء يوم السبت على طلب وزير الداخلية دعوة الهيئات الناخبة في دائرتي جبل لبنان الثانية (المتن) وبيروت الثانية (الباشورة والمصيطبة والرميل) الى انتخاب نائبين عن المقعد الماروني والمقعد السنّي للملء الفراغ الذي خلّفه اغتيال النائبين الشهيدين بيار الجميل ووليد عيدو. والسؤال الاساسي الذي يطرح نفسه هنا هو هل يحقّ لمجلس الوزراء اصدار مرسوم يدعو الى انتخابات فرعية من دون موافقة وتوقيع رئيس الجمهورية؟ هناك رئيين في هذا الموضوع ويُجمع عدد من الخبراء القانونيين والدستوريين أنه من الصعب تفضيل رأي على آخر لأن الدستور لا يتضمّن ارشادات واضحة في هذا المجال.
الرأي الذي يعتبر أن مرسوم دعوة الهيئات الناخبة يمكن أن يكون نافذاً بدون توقيع رئيس الجمهورية يستند على اعتبار ذلك مرسوم من اختصاص مجلس الوزراء وليس مرسوماً عادياً، وبالتالي يستوجب توقيع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزير المختصّ واذا تعذّر توقيع رئيس الجمهورية خلال خمسة عشر يوماً يعتبر المرسوم نافذاً حكماً. ويستند أصحاب هذا الرأي على المادة 56 (المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17/10/1927 وبالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990) والتي تنصّ الفقرة الاخيرة منها «يصدر رئيس الجمهورية المراسيم ويطلب نشرها، وله حق الطلب إلى مجلس الوزراء إعادة النظر في أي قرار من القرارات التي يتخذها المجلس خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إيداعه رئاسة الجمهورية. وإذا أصر مجلس الوزراء على القرار المتخذ أو انقضت المهلة دون إصدار المرسوم أو إعادته يعتبر القرار أو المرسوم نافذاً حكماً ووجب نشره». كما يؤكد اصحاب ذلك الرأي أنه حتى لو لم يُعتبر هذا المرسوم من اختصاص مجلس الوزراء فان قاعدة «Qui peut le plus peut le moins» تسمح بحسب هؤلاء لمجلس الوزراء بالتعامل مع المرسوم العادي وكأنه من اختصاصه.
اضافة الى ذلك يستند أصحاب هذا الرأي على المادة 41 (المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17/10/1927 وبالقرار129 تاريخ 18/3/1943 و بالقانون الدستوري الصادر في 21/1/1947) والتي تنصّ «إذا خلا مقعد في المجلس يجب الشروع في انتخاب الخلف في خلال شهرين. ولا تتجاوز نيابة العضو الجديد اجل نيابة العضو القديم الذي يحل محله». ولا تشترط تلك المادة توقيع رئيس الجمهورية على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة بل يشدّد نصّها على وجوب الشروع في انتخاب الخلف خلال شهرين. كما يستند أصحاب الرأي نفسه على المادتين السابعة من قانون الانتخاب 2000/171، اذ تنصّ «تدعى الهيئات بمرسوم وتكون المهلة بين تاريخ نشر هذا المرسوم واجتماع الهيئات الانتخابية ثلاثين يوماً على الأقلّ».
أما الرأي الذي يعتبر أن مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لا يصبح نافذاً الا بتوقيع رئيس الجمهورية فيشدّد مؤيديه على الالتزام بالمادة 54 من الدستور (المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990) والتي تنصّ: «مقررات رئيس الجمهورية يجب أن يشترك معه في التوقيع عليها رئيس الحكومة والوزير أو الوزراء المختصون ما خلا مرسوم تسمية رئيس الحكومة ومرسوم قبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة. أما مرسوم إصدار القوانين فيشترك معه في التوقيع عليه رئيس الحكومة.» ويعتبرون أن مرسوم دعوة الهيئات الناخبة هو مرسوماً عادياً يستوجب الخطوات المذكورة بشكل واضح في نصّ الدستور.
ومهما كثرت الاجتهادات الدستورية والقانونية لا شكّ أن نصّ الدستور ليس قاطعاً في هذا الشأن.
(الأخبار)