strong>لا تزال المؤسسات الأمنية المختلفة، وعلى رأسها قوى الأمن الداخلي، تعاني انعكاس الانقسام السياسي، وخاصة لناحية تأخير صدور قرارات إدارية تمسّ رتباءها وضباطها. فهل يُرفَع سيف الطائفية والسياسة عن رؤوس رجال الأمن؟
حسن عليق
لا تزال الانقسامات السياسية في البلاد تلقي بثقلها على الأجهزة الأمنية عملانياً وإدارياً. وتُعَدّ المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أحد أكثر الأجهزة تأثراً بالجو السياسي العام، لأسباب عدة، أبرزها الطابع الأمني ـــ الإداري ـــ السياسي الذي يحكم عمل هذه المؤسسة، وتسليط الأضواء السياسية والإعلامية عليها خلال السنوات الثلاث الماضية. ورغم ذلك، تمكنت قيادة قوى الأمن الداخلي من إعادة لمّ شملها عبر عودة كل رؤساء وحداتها إلى المشاركة في جلسات مجلس القيادة مباشرة عقب انتخاب رئيس الجمهورية.
هذه العودة التي مضى عليها أسبوع واحد، لم تحل بعد دون استمرار حالة «الركود» المخيمة على بعض الشؤون الإدارية التي تمسّ العدد الأكبر من رتباء المديرية وضباطها. وتؤكد مصادر مطلعة على أوضاع المؤسسة أن انتخاب رئيس للجمهورية وعودة مجلس القيادة إلى الانعقاد بكامل أعضائه، ساهما بحلحلة بعض الأمور وفتح باب النقاش واسعاً أمام كل القرارات. لكن، تضيف المصادر، ما يكوّن أرضية لبناء قرارات توافقية داخل المديرية هو التوافق السياسي في البلاد.
ومن الأمور التي لا تزال عالقة داخل المؤسسة وخارجها، صدور مرسوم ترقية الضباط مستحقي الترقية عام 2007، فضلاً عن عدم إصدار نتائج امتحانات ترقية الرتباء إلى رتبة ملازم بعد أكثر من عام على انتهاء الامتحانات. يضاف إلى ذلك فتح دورات ترقية الرتباء بشكل دوري وترقية من فازوا بامتحانات الترقية قبل نحو 3 أعوام، وتسوية أوضاع حاملي الإجارات أسوة بزملائهم. ولكل من هذه القرارات المتأخرة أسبابه الخاصة. فترقية الرتباء من معاون إلى معاون أول مجمدة منذ عام 2005، حين أجريت امتحانات للترقية، ونجح من المستحقين نحو 340 رتيباً. إلا أن قرار ترقيتهم لم يصدر بعد. والسبب الأبرز لعدم إصدار القرار يعود لأن عدد المعاونين الأول المنصوص عليه في ملاك قوى الأمن الداخلي هو 1150، في حين أن عدد أفراد الرتبة المذكورة الموجودين في السلك حالياً زاد عن 2500 معاوناً أولَ. وبما أن «عقدة» الملاك قد تم تخطيها منذ زمن، حيث زاد عديد العاملين في رتب وقطعات محددة العديد المنصوص عنه في الملاك، فإن صدور ترقية هؤلاء المعاونين بات قريباً جداً، وليس هناك أي عقبات أمامه، بحسب ما ذكرت مصادر مطلعة في المديرية لـ«الأخبار». من ناحية أخرى، قالت المصادر إن المديرية فتحت دورة لترقية الرتباء مستحقي الترقية حتى 31/12/2007، وإن الامتحانات ستجري لاحقاً هذا العام، على أن تصبح دورات ترقية المستحقين دورية.
أما الرتباء الذين فازوا في مباراة الترقية إلى رتبة ملازم قبل أكثر من عام، فلا يزال قرار صدورهم بحاجة للتشاور في مجلس قيادة المؤسسة، لما لهذا الأمر من تأثرات بالوضع السياسي والطائفي والمذهبي العام. ورغم أن العدد المطلوب هو 121 ملازماً، إلا أن التوجه هو نحو ترقية 60 من الفائزين بهذه الدورة، رغم عدم حسم هذا الأمر بعد. وتقف عقدة التوزيع الطائفي والمذهبي على رأس المعوقات، وخاصة مع مطالبة أحد الأطراف برفع حصة الطائفة التي يمثلها من 4 ملازمين إلى 6. وفي هذا الإطار، أشارت مصادر مطلعة إلى أن بتّ هذا الأمر قد يكون بحاجة لتوافق على المستوى السياسي، ويسهّل إصدار القرار داخل المديرية.
من ناحية أخرى، أنهت المديرية إعداد الملف المتعلّق بالرتباء حاملي الإجازات، تمهيداً لاقتراح ترقيتهم أسوة بما جرى مع زملائهم من حاملي الشهادات العليا. ورجّحت مصادر مطلعة ألا تكون دون اتخاذ القرار عقبات جدية في المرحلة المقبلة.
وتبقى ترقية الضباط الذين استحقوا الترقية عام 2007. فهؤلاء، كما زملاؤهم في الأمن العام وأمن الدولة والجمارك، لم يصدر مرسوم ترقيتهم بعد، مع أن المرسوم الخاص بضباط الجيش وقّعه رئيس الجمهورية وأصدره فور توليه مهماته. ورغم وجود رأي داخل الأجهزة الأمنية يتحدّث عن ثغرة قانونية في إصدار مرسوم الترقية بمفعول رجعي، تتمثل في أن المفعول الرجعي بحاجة لقانون لا لمرسوم، إلا أن هذا الأمر، بحسب مصادر مطلعة، لن يقف حائلاً دون إصدار مرسوم ترقية ضباط المديريات المذكورة، فور انخفاض نسبة التوتر السياسي الذي تمر فيه البلاد.