أمل ديب
استحدثت جامعة البلمند هذا العام مباني جديدة لبيت الطالبات وجهزتها بصالات للدرس والرياضة والكومبيوتر وغيرها من متطلبات العيش في الحرم الجامعي

تفتقد فتيات «بيت الطالبات» المشيّد حديثاً في جامعة البلمند «حميمية» المبنى القديم. تشعر ريان بالحنين على رغم الاستقلالية في الغرف والطوابق، والخصوصية التي وفرها المبنى الجديد. فمساحة «بيت الطالبات» القديم الصغيرة مقارنة بالجديد، كانت تسمح للفتيات باللقاء والاحتكاك المباشر. أما اليوم، «فبالكاد أرى صديقاتي لأننا قلّما نلتقي في صالات المبنى الواسعة»، تقول لارا. تتدخل منى فتضيف ممازحة: «المبنى كبير لدرجة أنه لم يبق لدينا فرصة لنتعارك في ما بيننا، فعندما كان المبنى صغيراً وغير مجهز بوسائل الترفيه كنا نمضي الوقت في الثرثرة وافتعال المشاكل».
ومع ذلك، تعيش سوسن التي عادت أخيراً من كندا جواً عائلياً كانت تفتقده في المغترب، ولا سيما أنّ الحياة الاجتماعية هنا تعوض ابتعادها عن أهلها. وفيما تستفيد تيريز من أوقات فراغها للاهتمام بـ«الغسيل والمحافظة على نظافة الغرفة»، لا تمضي لين وقتها في المبنى، بل تفضل الذهاب إلى شقق صديقاتها حيث الهدوء والسكينة بعيداً عن الثرثرة والضجيج، مع أنها لا تزال تفضّل احتساء فنجان القهوة الصباحي على شرفة «بيت الطالبات» المطل على أشجار الزيتون والسنديان.
أمّا مديرة بيت الطالبات ندى نصر، فتشرح أنها مسؤولة عن سير أعمال المباني وتأمين السلامة والأمن لفتيات السكن، وهي تحرص على خلق جو من السلامة والأمان وتطبيق النظام. تقول: «لست هتلر فأنا هنا لمساعدة الفتيات وتأمين مطالبهن المحقة ضمن المعقول، لذا أحاول أن أؤدي دور الأم لـ80 صبية، ونطلب منهن في المقابل احترام النظام والقوانين».
لا تبدو الحياة داخل الحرم الجامعي سهلة. فعدا بعدك عن الأهل وتحملك مسؤولية العيش مستقلاً، عليك أن تكون مهيئاً للاندماج في مجموعة يختلف أفرادها في عاداتهم وآرائهم، لكن يتقاسمون معك مكان السكن والدراسة، إضافة إلى كونك «محاصراً» في الحرم طوال أيام الأسبوع. فالأمر إذاً يتطلب استعداد الطلاب لتقبل القوانين التي تضعها الجامعة، والتي تختلف في كثير من الأحيان عن تلك المعتمدة في المساكن الطلابية خارج الجامعة.
لكن إيلي يرى أنّ القوانين ليست صارمة، فهي تراعي الحرية الفردية للطلاب وتوفر لهم إقامة مناسبة يطمئن إليها الأهل الذين وافقوا على اختيار أبنائهم السكن في الحرم الجامعي. أما المشكلة، يقول طارق، فتكمن في مخالفة الطلاب للقوانين، إذ يشكو الطلاب المقيمون في البيت الطلابي الخاص بالشباب من إهمال وعدم نظافة وترتيب أماكن الجلوس والمطابخ والحمامات، فـ«الشباب مهملون بطبعهم ولا يعطون أهمية لهذه المسألة على رغم أن الإدارة لا تنفك توجه الملاحظات إليهم وتعاقبهم إذا اضطر الأمر، لكن لا حياة لمن تنادي، لأنّ الشباب مشغولون بلعب الورق» كما يشير حسن، وبتدبير «المقالب» بعضهم لبعض، كي يروّحوا عن أنفسهم من عبء الدرس.
وعلى ذكر الدرس، يضيف أنطوني إنه لا مجال للدرس في «بيت الشباب»، فالضجة والصراخ أصبحا من المسلّمات التي يجب أن يتعلم الطالب كيف يتعايش معها. لا مجال لا لأخذ قيلولة بعد الظهر ولا للنوم باكراً ولا لمحاولة الدرس، فالشباب يتجمعون إما في غرفة التلفاز أو الـTV Room حيث يشاهدون التلفاز وينشغلون، كما يقول ريمون، «بالجدل حول اختيار المحطة التلفزيونية»، أو «يحتلون» غرفة الدرس الـ«Study Room» حيث يفعلون «كل شي إلاّ الدرس»، على حد قول طارق، «فالغرفة صغيرة ولا تتسع إلا لعدد قليل وتزدحم في الصيف خصوصاً لأنّها مكيّفة. وبالتالي، فإنّ محاولة الهرب من الضجة تكون عادة عبر الانزواء في الغرفة حيث يقرأ ريمون الكتب، ويشاهد سامي الـDVD على حاسوبه المحمول، ويعزف فادي الطالب في كلية الطب على العود هارباً من الضجيج المتواصل، أو يكون الحل بالخروج من المبنى والتنزه في أرجاء الجامعة، وإذا توافرت السيارة والبنزين، فلا مانع من الهروب إلى طرابلس أو بلدات الكورة.