طلبت النيابة العامة السعودية عقوبة الإعدام لخمسة نشطاء، بينهم إسراء الغمغام، إحدى أبرز المدافعات عن حقوق المرأة في البلاد، في إجراءٍ تعسّفي جديد يأتي بعد مرور عامين على احتجاز السلطات ستة ناشطين في الحبس الاحتياطي، ودون تمثيلٍ قانوني. وفق تقارير منظمات حقوقية يُحاكم النشطاء الخمسة، إلى جانب شخص سادس لا يواجه حكم الإعدام، في ما يعرف بـ«محكمة الإرهاب»، بتُهمٍ تتعلّق فقط بنشاطهم السلمي؛ إذ إن النيابة العامة السعودية اتهمت النشطاء المحتجزين بتهم عدة لا تتعدّى حدود انتقاد السلطة الحاكمة، منها «المشاركة في المسيرات والتظاهرات في منطقة القطيف»، التحريض على التظاهر، ترداد عبارات مناوئة للدولة، «محاولة التأثير في الرأي العام وضد السلطة»، تصوير المسيرات ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي و«توفير الدعم المعنوي للمشاركين في التجمعات». ووفق ما أفاد به نشطاء سعوديون على «تويتر»، فقد دعت النيابة العامة إلى تنفيذ حكم الإعدام على أساس مبدأ «التعزير» في الشريعة، الذي يكون للقاضي فيه حرية التصرف في تعريف الجريمة وتحديد الحكم.
واللافت أن الإجراء يأتي تزامناً مع مرور 100 يوم على احتجاز المملكة، منذ 15 أيار/مايو 12 ناشطاً بارزاً آخر، بينهم ثماني نساء أبرزهنّ: لجين الهذلول، إيمان النفجان وعزيزة اليوسف. وإحياء لذكرى مرور 100 يوم، تقوم «منظمة العفو الدولية»، اليوم، بحشد مؤيديها في جميع أنحاء العالم للتضامن مع المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان المحتجزين في سجون المملكة. وكجزء من الحملة، سيتجمع مؤيدو المنظمة «في مدن عدة حول العالم للاحتجاج خارج سفارات السعودية» ولممارسة ضغوط على السلطات السعودية، دفعاً لإطلاق سراح جميع سجناء الرأي في السعودية.


«العقوبة الأكثر ترويعاً»
فور شيوع النبأ، انضمّت منظّمتا «هيومن رايتس ووتش» و«العفو الدولية» (أمنستي) إلى كندا وبعض المنظمات الحقوقية في مسعاها لزيادة الضغط على السلطات السعودية للإفراج عن جميع معتقلي الرأي. علماً بأن جلسة الحكم المقبلة مقررة في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2018. وذكرت مديرة حملات الشرق الأوسط في «أمنستي»، سماح حديد، أن «إسراء الغمغام وأربعة آخرين يواجهون الآن العقوبة الأكثر ترويعاً، لمجرد مشاركتهم في تظاهرات ضد الحكومة». وفيما حضّت حديد «السلطات السعودية على التخلي عن هذه المخططات فوراً»، أشارت إلى أن «الحكم على إسراء بالموت يبعث برسالة مرعبة بأن ناشطين آخرين قد يتم استهدافهم بنفس الطريقة بسبب احتجاجاتهم السلمية ونشاطهم في حقوق الإنسان». وقالت إن «هذه التهم ضد الغمغام (...) عبثية وموجهة سياسياً بشكلٍ واضح لإسكات المعارضين».

احتجاز مدافعات عن حقوق المرأة تم بدون تهمة وتمثيل قانوني لما يزيد عن3 أشهر (أمنستي)

يأتي موقف «العفو الدولية» مكمّلاً لما ذكرته المنظمة سابقاً في خضم الأزمة الدبلوماسية المستعرة بين الرياض وأوتاوا على خلفية الاعتقالات في السعودية. إذ قالت «أمنستي»، في بيان، إنه «يتعيّن على المجتمع الدولي الضغط على السلطات السعودية لوضع حدّ لعمليات القمع واستهداف الناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان». حينذاك، انتقدت المنظمة الدول التي لديها نفوذ على السعودية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، التي «التزمت الصمت حيال هذا الموضوع لفترة أطول من اللازم». ودعت المجتمع الدولي لعدم غض النظر عن القمع الذي يستهدف الناشطين الحقوقيين السعوديين.
بدورها، لفتت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى أن إسراء الغمغام والنشطاء الخمسة حُكم عليهم بالإعدام خلال جلسة استماع جرت في وقتٍ سابق من آب/أغسطس الجاري. لكن بيان المنظمة اعتبر أن الاتهامات «لا تمثل جرائم معترف بها»، وأنها «تتعلق فقط بنشاطهم السلمي». وهو موقف أكدته مديرة قسم الشرق الأوسط في «رايتس ووتش»، سارة ليا ويتسن، التي اعتبرت في بيان أمس (الأربعاء)، أن «كل إعدام مروع، لكن السعي إلى إعدام نشطاء مثل إسراء الغمغام، وغير متهمين حتى بأعمال عنف، أمر فظيع».
الغمغام، التي اعتقلت في منزلها مع زوجها في كانون الأول/ديسمبر عام 2015، هي أول امرأة ناشطة قد تواجه حكماً محتملاً بالإعدام في المملكة بسبب نشاطها الحقوقي الذي يتضمّن توثيق التظاهرات في المنطقة الشرقية منذ عام 2011.

كندا تنتقد مجدداً
في غضون ذلك، جددت الحكومة الكندية انتقاداتها لسجل المملكة في مجال حقوق الإنسان على الرغم من الرد السياسي والاقتصادي الذي ألحقته الرياض بكندا وأسس لأزمة دبلوماسية عميقة بين البلدين، في مطلع آب الجاري. وذكرت صحيفة «غلوب آند ميل» الكندية أن مكتب وزيرة الخارجية الكندية، كريستيا فريلاند، أصدر بياناً جاء فيه إن «كندا تشعر بالقلق الشديد من اعتقال ناشطات سعوديات في حقوق الإنسان».
واعتبر بيان «الخارجية» الكندية أن هذه المخاوف «أُثيرت مع الحكومة السعودية»، مشيراً إلى أن «كندا ستدافع دائماً عن حماية حقوق الإنسان، بما فيها حقوق المرأة والتعبير، في جميع أنحاء العالم». وقالت الصحيفة إن هذا البيان صدر بعد سؤال «الخارجية» عن قضية الناشطة إسراء الغمغام.