حذّر ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، أمس، من أن يؤدي التقليص المتوقع في موازنة الدفاع إلى المس بتطبيق خطة «حلاميش»، المتعلقة ببناء القوة العسكرية على مدى السنوات الخمس المقبلة لدولة الاحتلال. وذكرت تقارير إعلامية أن صدمة تسود أوساط القيادة العليا للجيش في أعقاب التوصيات التي تضمنها تقرير ترختنبرغ، والقاضية باقتطاع مليارات الشواكل من موازنة المؤسسة الأمنية لحساب تغطية نفقات اجتماعية أوصى بها التقرير. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الجمود المطلق يلف الجيش في ما يتعلق بالاستعداد للعام المقبل وللبدء بتطبيق «الخطة الخمسية» الذي كان متوقعاً أن يبدأ عام 2012. وتهدف «حلاميش» إلى إعداد الجيش لمواجهة التهديدات المحدقة بإسرائيل، وهي تتضمن بنوداً تتعلق بالتدريب وأخرى تعنى بشراء الأسلحة والمعدات. ونقلت الصحيفة عن ضابط كبير تأكيده أن «الخطة التي جرى العمل على بلورتها لفترة طويلة تقريباً، لم تعد ذات صلة». ورأى أن الاقتطاعات المقررة أشد خطورة من تلك التي حصلت قبل «حرب لبنان الثانية»، والتي أدت في حينها إلى وقف التدريبات. ورغم أن توجيهات قائد الأركان، الجنرال بيني غانتس، شددت على التقليل قدر الإمكان من المس بالتدريبات في إطار التكيّف مع الاقتطاعات الجديدة حتى لا يتكرر ما حصل قبل الحرب، إلا أن ضباطاً في الجيش رأوا أن الأمر غير ممكن تقريباً، وأن تطبيق التقليصات سيؤدي إلى وضع أسوأ من الذي كان قائماً قبل الحرب. وبحسب أحد الضباط، فإن التغيير الذي سيتعيّن إدخاله على خطة حلاميش كبير جداً إلى الحدّ الذي لا تنفع معه التقليصات، وسيتعين القيام بإلغاء أجزاء منها. على سبيل المثال، فإن ألوية المشاة تُجري تدريباً لوائياً واحداً كل عامين بسبب القيود المتعلقة بالموازنة. وفي حال تطبيق الاقتطاعات التي ينص عليها تقرير ترختنبرغ، فإن هذا التدريب سيُلغى، كما ستُلغى أيضاً تدريبات أخرى على مستوى الكتائب النظامية والاحتياطية التي تجري لمدة أسبوع سنوياً، وجرى إقرارها بعد عدوان تموز كجزء من عملية استخلاص العبر. وما يعزز القلق في أوساط الجيش هو التقديرات المستجدة التي تتحدث عن ارتفاع مستوى الأخطار الأمنية التي تحيط بالدولة العبرية، وخصوصاً تلك المرتبطة بالحدود الجنوبية مع مصر في أعقاب سقوط الرئيس حسني مبارك.
ومن المتوقع أن يبادر الجيش إلى بلورة طرح يوضح «الخطوط الحمر» التي لا ينبغي تجاوزها في الاقتطاعات التي ستطاله من أجل تقديمها إلى الحكومة. ووفقاً لتقارير صحافية، فإن غانتس عقد اجتماعاً على مستوى هيئة الأركان قبل أسبوع، طلب فيه من الجنرالات الأعضاء رسم هذه الخطوط الحمر، كلٌّ ضمن نطاق صلاحياته. وقد أفضى الاجتماع إلى تحديد المجالات التي سيُضحّى بها لمصلحة الاقتطاعات وهي: الجبهة الداخلية، دائرة الهجوم البعيد المدى، بناء الجدران على حدود إسرائيل المختلفة، إنتاج بعض أنواع الذخيرة، والتزوّد بدبابات الميركافا وبناقلات جند من طراز «نمرة»، وذلك إضافة إلى دمج بعض الوحدات العسكرية ووقف مشاريع أخرى لم يُعلن عنها.
وتعتبر الموازنة الأمنية في إسرائيل «بقرة مقدسة» تتجنّب الحكومات عادةً المس بها خشية أن يؤدي ذلك إلى المس بجهوزية الجيش وقدرته على مواجهة التحديات العسكرية والأمنية. وقد جرت العادة على أن تمارس المؤسسة الأمنية، عشية إقرار الموازنة العامة في كل عام، ابتزازاً للحكومة من خلال تطعيم وسائل الإعلام بأخبار وتحليلات وتقديرات تتحدث عن ارتفاع مستوى التهديدات. وفي سياق هذا النهج، من المتوقع أن يعرض رئيس الأركان أمام الحكومة، في اجتماعها المقبل، التداعيات التي ستترتب على الاقتطاعات في الموازنة على مستوى جهوزية الجيش واستعداداته. إلا أن غانتس، بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، سلّم أخيراً بالاقتطاعات، والبحث جار حالياً في إمكان تأجيلها إلى العام المقبل، من أجل إعطاء الفرصة للجيش للاستعداد لها على نحو أفضل.