دمشق | لا تنسَ أن تحضر هويتك معك إذا قررت أن تشتري بخاخاً للطلاء في دمشق، فلن يستطيع البائع أن يبيعك البخاخ من دون أن يملأ مجموعة من البيانات عنك وعن حاجتك إلى شراء الطلاء، فلا أحد يعلم ربما أتى يوم تستعمله لتكتب على أحد الجدران ويتحول هذا البخاخ إلى معارض للنظام. يحكى أنه في ليلة سقوط مبارك، وتحديداً تحت جسر الفحامة في العاصمة دمشق، كتب أحدهم خلسة وتحت جنح الظلام، ظناً منه أن الليل سيحميه: «إجاك الدور يا دكتور».
طبعاً، لم يتسن إلا لقلة قليلة قراءة هذه العبارة بسبب السرعة المذهلة التي أزيلت بها عن الحائط، تكررت المحاولات للكتابة على الجدران في المنطقة نفسها أكثر من مرة، ودائماً كانت تختفي هذه العبارات بسرعة البرق، فلا يأتي الصباح إلا والحائط نظيف.
مع بدايات الأزمة في سورية، انتقلت هذه العدوى إلى مناطق أخرى من العاصمة، فظهرت مجموعة من الكتابات في منطقة باب توما، وطبعاً كما كان الحال في الفحامة أُزيلت هذه العبارات بسرعة وبدأت الروايات تتناقل عن الشخص الذي يقوم بالكتابة على الجدران، وبدأ الاسم الرائج عند الناس لهذا الشاب بالتناقل على الألسنة: إنه «الرجل البخاخ»، مستمدين التسمية من إحدى لوحات السلسلة التلفزيونية الشهيرة «بقعة ضوء»، التي عرضت لوحة بهذا الاسم في جزئها السادس عام 2008 عن هذا الرجل الذي أرهق المسؤولين ورجال الأمن بكتاباته على جدران المدينة، التي تحدثت عن الهموم المعيشية والمطلبية للمواطنين، الأمر الذي استفز رجال الشرطة، فأنهوا القصة بحبسه ضمن غرفة بيضاء برفقة عنصرين مهمتهما دهن الغرفة كلما خطر بذهن الرجل البخاخ أن يملأها بهمومه وأحزانه.
طبعاً هذا الشاب لا أحد يعرف عنه شيئاً، لكن الصحافي السوري إياد شربجي ذكر على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي (فايس بوك) لقاءً له مع رجل بخاخ خلال إقامته في الأمن الجنائي بعد اعتقاله من تظاهرة المثقفين في الميدان: «كان شاباً في العقد الثالث من العمر. وعرفنا أن اسمه أحمد خانجي، وهو مهندس، ويسكن في منطقة أبو رمانة الراقية في دمشق، ولديه عمله الخاص وسيارته الحديثة. كان أحمد يخرج إلى دمشق القديمة ويكتب عبارات ضد النظام على الجدران، وفي إحدى الليالي، وبينما كان يبخّ عباراته في المنطقة، فإذا ببعض الأهالي يلمحونه، فيطاردونه بين الحارات، وفجأة يفتح له أحدهم الباب ويدعوه للدخول، وعندما يفعل يقوم هذا بإغلاق الباب عليه ثم إحضار الشرطة لتعتقله، كان أحمد متألماً جداً، ليس من الاعتقال بحد ذاته، بل ممن سلّمه للشرطة وقد دخل إلى بيته آمناً».
الشباب الذين قاموا بالكتابة على الجدران في دمشق وغيرها من المدن السورية لم يستخدموا أي تقنيات معروفة في الكتابة، بل كان أهم ما استخدموه هو بخاخ بلون أسود وعبارة يخترعها ذهنهم تعكس التظاهرات على الجدران.
الكتابة على جدران الفايس بوك
«إن لم تسعكم جدران الوطن، تتسع لكم جدران الويب»، شعار لإحدى المجموعات على فايس بوك، تحمل عنوان «كلنا الرجل البخاخ». هذه المجموعة تدعو الناس إلى تحويل جدران الفايس بوك إلى جدران للتظاهر مثلما تحولت الجدران في الشارع هي الأخرى لمكان للمعارضة والمطالبة بالحرية.
هذه المجموعة هي انقسام بين من امتلك شجاعة الرجل البخاخ بالنزول إلى الشارع، وأن يعرض وجهة نظره هناك متحدياً رجال الأمن وإن كان في سواد الليل، وبين من لم يكسر بعد الحاجز الإلكتروني وبقي يكتب ما يريده، ولكن على حائط الفايس بوك.
في المعضمية، إحدى مدن ريف دمشق، والتي تبتعد عن العاصمة دمشق 4 كيلومترات، اعتاد المتظاهرون أن يكتبوا على جدران المدينة شعارات (الشعب يريد إسقاط النظام ـــــ سورية حرة...) وغيرها، حتى إنهم عملوا على مشروع، حسب ما ذكر على الإنترنت، رسم أكبر علم سوري على جدار بطول 250 متراً، وبلا شك بقي المشروع في مصير المجهول.
القصة تقول إن ثمة غرفة كانت مخصصة لمراقب المكيروباصات في المعضمية، وجد فيها المتظاهرون ملاذاً للنيل من المؤسسات الرسمية في الدولة، فكانوا يقومون بكتابة شعاراتهم على جدرانها، التي يرد المؤيدون للنظام عليها بكتابة عبارات التأييد بدلاً منها، وفي الليلة التالية يعود المتظاهرون للمناداة بالحرية على جدرانها مرة ثانية، فباتت هذه الغرفة تمثل الحالة السورية وحالة الانقسام السوري والصراع على الجدران. لكن فجأة ودون سابق إنذار، استيقظ الناس صباحاً ولم يجدوا تلك الغرفة في مكانها، لتختفي ويختفي معها الصراع اليومي على الحرية ضمن هذه المنطقة الجغرافية الضيقة.
الكتابة على الجدران في سوريا ليست وليدة الأزمة الحالية، فقد اعتاد الطلاب السوريون الكتابة داخل الحمامات المدرسية عبارات حب أو ذكريات، وحتى عبارات تتضمن شتائم تطاول مدير المدرسة والمدرسين، وأيضاً كانت الحمامات العامة في سوريا تستقبل العاشقين على جدرانها، وكذلك شتى أنواع الشتائم والرسوم ذات الإيحاءات الجنسية، ولكن رغم ذلك لم يعتد السوريون قبل الأزمة الحالية كتابة أو حتى قراءة شعارات على جدران بلدهم تحمل مضامين سياسية وتنادي بالحرية وإسقاط النظام.
26 تعليق
التعليقات
-
حديث السجونقبل رمضان قريت على الفيس بوك عن زوجة احد الموقوفين في أن الدولة و المفرج عنهم [ان زوجها الكريم رأى بعينيه كيف أن اللواء علي مملوك جالس على كرسي في الساحة الداخلية و يضع رجله على رأس أحمد البياسي (من قرية البيضة- بانياس - موقع الكمين على سيارة المبيت العسكري) و شتمه ثم اطلف النار عليه و أرداه قتيلا، طبعا شاهد العيان الموقوف سابقا كان مهندسا أو طبيبا و زوجنه ايضا متخرجة من احدى الجامعات و مع ذلك ظلت هذه القصة رائجة لمدة أسبوع و تناقلتها معظم الفضائيات و الجرائد الصفراء إلى أن ظهر أحمد البياسي على شاشة التليفيزيون السوري نافيا خبر اعتقاله و من ثم قتله. القصة الهوليودية أو البوليودية تكررت مع احمد الخانجي في الأمن الجنائي و صدقه الكثيرون و منهم كاتب هذه المقالة فهل الأمن السوري غبي لدرجة بأن يضع الرجل البخاخ مع موقوف في مظاهرة بالميدان ليقوم البخاخ باخبار قصته لمن هب و دب؟ ألم يسمع الكاتب بالعبارات البذيئة التي يكتبها بعض الأشخاص على الجدران في بعض المدن و القرى ؟ فهل الثورة تبيح شتم الأعراض في الشوراع العامة؟ و هل تبيح الثورة الكتابات التحريضية أيضا؟ فاذا كانت هذه هي أدبيات الثورة فنحن في غنا عنها
-
حلو مقالك يا فراس ولكنك نسيتحلو مقالك يا فراس ولكنك نسيت شيئا هاما عن الكتابة على الجدران فمنذ زمن بعيد وهذه الظاهرة موجودة في سوريا والنظام هو من علمها للشباب اليست كل الجدران مكتوب عليها تهليلات الى الملوك؟نعم الملوك من الاب الى الابن ورسوم ملونة لطلائع البعث تمجد الملك وصور على الجدران والسيارات للملك واولاده ولا تنسى النظارات السود لانها من شيم الملوك.
-
الى كل الذين يتكلمون عن زينبالى كل الذين يتكلمون عن زينب طيب هي لم تمت ولكن من التي سلموا جثتها ومن المشفى العسكري الى اهلها ؟اليست فتاة من لحم ودم ؟على كل استمعواالى قناة ااح... لتستمعوا الى ما قالته والدتها وكفى استهزاء بعقول الناس .
-
حزازير الثورة ! 2أليست حزورة أن من يخون ويسب الجلبي وعلاوي وكرزاي والسنيورة...يصل إلى برهان غليون ويغص؟! بعد المخلوق الذي خرج على السوريين من تحت الأرض الجمعة الماضية وحاولت تشخيصه فلم أجد إلا جوابات مثل : خلد,فار,عقرب,خنفس...أتانا الأن الرجل البخاخ (مش كاربيراتار يعني!) كثرت الحزازير ولكن هناك واحدة أعجزتني : {المجلس الوطني يرفض التدخل الأجنبي ويطلب من الأمم المتحدة حماية السوريين}!!!!! كيف يعني؟! كيف "بتنعرب هاي"؟!,(بلكي بان كي مون بمارس سحرو الأخاذ أو وهرتو على النظام!) شر البلية ما يضحك,ولكن ليس هناك أي شيء مضحك باستغلال جثة المراهق حمزة الخطيب بطريقة رخيصة ومعاناة الشابة زينب الحصني بطريقة أرخص!,والسؤال هل وصلت هذه "الثورة" إلى القعر أم أن علينا أن نتحمل المزيد من ...!
-
حزازير "الثورة" !عندما ذكر السيد نصرالله في إحدى خطبه: (http://www.youtube.com/watch?v=eOKgva5vOnY)أن بولتن: (http://www.aei.org/scholar/12) ذكره بأحد شخصيات الرسوم المتحركة "تحرقصت" لأنه لم يوضح لنا من هو هذا الشبيه بـبولتن,لكنني لم أيأس فقمت ببحث على النت حتى وجدته: (http://www.cartoonspot.net/looney-tunes/picture-looney-tunes-9.php) وعندما قرأت تعليقا رائعا لمهى المساء على مقالة للأستاذ جان عزيز (http://www.al-akhbar.com/node/22438#comment-62873),لم أستطع إلا أن ألجأ إلى النت لمعرفة إذا كانت موفقة في تشبيهها :(http://users.telenet.be/U96/AA/images/pictures/AAPic06.jpg) وكانت 100% محقة! جميلة هي حزازير "الثورة" مثلا: أليست حزورة أن من أعلن على التلفزيون الإسرائيلي أنه مستعد للسلام معها يجرم النظام على أنه يكذب في ما خص ممانعته والدليل أنه لم يطلق طلقة واحدة في الجولان..؟!! أليست حزورة أن يقال أن عدم قيام دمشق وحلب (وفيهم نصف سكان سوريا تقريبا) بدعم "الثورة" سببه تعاون الطبقة الوسطى مع النظام (إذا نص الشعب عل قليلة طبقة وسطى عشو الثورة بدي إفهم؟!)
-
أين الثورة؟يُخيّل للقارئ للتغطية السورية في الأخبار أن هذه الثورة المزعومة تدور مجرياتها في الأردن! معظم الصور من الأردن! مزعومة و ستين مزعومة!
-
جريدة الاخبارهالجريدة ما بتشوف غير صفحات المعارضين بس صفحات المؤيدين ما بتنشاف...و بيتسائلو ليش ما بيخلوهون يفوتو عسوريا
-
الصورة المدهشة كالعادةيي ما خبرناكن إنو "الشهيدة" زينت حية ترزق ، لم تمس منها شعرة؟ ألم يصلكم علم؟ أي "بخوها" على شي حيط ..
-
البخاخيعني ياكاتب هذا المقال شوبدك شوفكرتك بهالمقال ماعرفت يعني مثلا هالمقال رسالة للسوريين السلمين ان يصبحو بخاخين في كل مكان المهم اردت التعليق على الصورة(الى روح الشهيدة زينب) يعني قبل ماتحطوا شي أ, تكتنوا عنه تأكدوا منه عزيزة الكاتب زينب الشهيدة حية ترزق لم تمت عايشة يعني بقى ليش كل هالكذب وتلفيق
-
بعثت من الموت !انطلاقا من روحية "السرد " اعلاه سأكمل .. يحكى عن فتاة سورية تم اعتقالها،وبعد ذلك بأيام عثر على جثتها وقد اغتصبت وفصل رأسها عن جسدها وبترت أطرافها. ضجت البلاد والعالم معها بهذه الحادثة التي اشعلت النيران في التحركات مجددا. ثم ومن العدم خرجت هذه الفتاة ،المفترض بانها بلا رأس وبلا نبض، على شاشات التلفزة حية ترزق ! في مكان اخر وفي زمان اخر، حكي عن فتاة "مثلية " في دمشق. وجد الاعلام الغربي ضالته فيها ، وفي والدها الذي يدافع عنها. كانت الامل وكانت الانفتاح وكانت تحكي وتروي في مدونتها عن مدينتها وعن تحركات الشارع. ثم تم اعتقالها. وفي محاولة يائسة حاولت الصحف الغربية التواصل معها او مع من يعرفها ، فكان الجواب لا احد يعرفها شخصيا ومن ادعى انه يعرفها شخصيا لم يعد يرد على الرسائل التي تصله . لم يكن لهذه الفتاة وجود . يا للهول !! اعطونا شيء نصدقه . نريد حقا ان نصدقكم ..
-
زينبيحيي العظام وهي رميم فلقتونا بزينب وتعذيب زينب وتقطيع اوصالها وحرق جثتها حتى صارت ايقونة الثورة السوريةالمجيدة السلمية جدا جدا وكل ما ينحشر معارض بالسؤال عن المسلحين والارهابيين في صفوفهم السلمية يشهر لنا سيفه مستقويا بقصة زينب المقطعة الاوصال اربا والتي ظهرت امس حية ترزق على شاشة التلفزيون بشحمها ولحمها بعد ان تم تركيب اوصالها واعادة الحبال الصوتية لها فنطقت زينب وسكتت القنوات والصحف فاتحة فمهما مدهوشة ؟!! لكن طبعا الى حين فبركة ايقونة جديدة يعتاش عليها المجلس الوطني العتيد لاستصدار قرار من مجلس الامن لتدمير سورياالحبيبة لكن لا يسعناالا ان نقول تحيا روسيا والصين وليخسأ الخاسؤون
-
الكتابة بالدماءالان يا سيدي الشعب السوري يكتب تاريخه بدمائه على صفحات التاريخ تاريخ سيرمي كل مخلفات الحقبة السوداوية الماضية من تاريخ سوريا الحديث وحكم النظام العائلي البغيض الذي أرجع بلدي للقرن الثامن عشر والتاسع عشر أيام الحكم العثماني بعد ما كانت سوريا من أرقى الديمقراطيات في العالم وليس في المنطقة فبعض بقع الاوساخ كالدهون تزول بسائل الجلي وغيرو وبعضها بلسيدكس أما عندنا فلن تزول هذه البقع الا بدماء الشهداءالمعطر برائحة المسك وإن غدا لناظره قريب
-
أظنكم لم تعلموا بقضية زينب الحصني ؟تنشرون ( الحقائق ) وعندما يظهر زيفها تتجاهلون التوضيح !!!! قضية زينب والتي شغلت بل أبكت الناس لأن ( الشبيحة والأمن ) السوريان قاموا بأختطافها وقتلها وحرقها وتقطيع جثتها وعبر فضائيات الكذب والنفاق والتي ظهرت أمس على الفضائية السورية بلحمها وشحمها تحكي قصة هروبها من منزل العائلة وأختفائها وهو الخبر الذي تناولته اليوم معظم الصحف بأستثناء الأخبار والمستقبل والنهار !!! فه باتت الأخبار من ضمن توليفة المستقبل ؟؟؟
-
افتراءلماذا الكذب؟ شراء الطلاء لا يحتاج لهوية. صار اسلوب مقالات المعارضين بالاخبار ممل جدا
-
وبعدينياريت يا أستاذ فراس باعتبارك حاطط صورة لبعض المتظاهرين ذوي الشعور المرهف والحس الإنساني إنو العدد اللي جاي تخبرنا شو شعورك أنت وهنن لما عرفت إنو الشهيدة مانها شهيدة وبعدها حية أكيد أصابكم شعور بالفرح لأن الشهيدة مو شهيدة
-
بخصوص الصورة...صحبخصوص الصورة...صح النوم...زينب طلعت عايشة...ماشفتوها؟؟هربانة من بيت أهلها بسبب ضربهم لها. تعيشوا وتاكلوا غيرها ياثوار...وياأخبار.