غزة | استجابت حركة «حماس» وإسرائيل لجهود مصر ومنظمة الأمم المتحدة بالتوصل إلى تهدئة بينهما، واضعتين بذلك حدّاً لأربعة أيام من التصعيد العسكري خشي العالم من تحوله إلى عدوان صهيوني شامل على القطاع الفلسطيني. تصعيد جاءت نتيجته بسقوط 15 شهيداً ونحو 70 جريحاً فلسطينياً سقطوا ضحايا غارات جوية مكثفة شنتها الطائرات الحربية المعادية، وهو ما ردت عليه فصائل المقاومة بإطلاق أكثر من 100 صاروخ على بلدات في جنوب فلسطين المحتلة، أدت إلى مقتل إسرائيلي واحد على الأقل، وجرح نحو عشرة آخرين، في ما وُضع بخانة تداعيات العملية الفدائية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في مدينة إيلات على البحر الأحمر التي قُتل فيها 7 إسرائيليين.وأعلنت الحكومة المقالة في قطاع غزة، مساء أمس، التوصل إلى تهدئة متبادلة بين الفصائل الفلسطينية وحكومة الاحتلال، برعاية مصر والأمم المتحدة. وأكدت الحكومة، على لسان الناطق باسمها طاهر النونو، أن الفصائل الفلسطينية كافة ستلتزم التهدئة بقدر ما تلتزمها قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأعرب النونو، في مؤتمر صحافي عقده في القطاع المحاصَر، عن تقدير حكومته لوقوف الفصائل عند مسؤولياتها بالالتزام بالتهدئة، ووقف العدوان على غزة. كذلك ثمّنت حكومة «حماس» دور الاستخبارات المصرية بقيادة اللواء مراد موافي، وجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة روبرت سيري، في الوصول إلى تفاهمات لوقف العدوان على القطاع. وقالت مصادر محلية إنّ قوات الأمن التابعة لحكومة «حماس» بدأت بإعادة انتشارها بعدما كانت قد انسحبت من مواقعها، في إشارة إلى دخول التهدئة حيز التنفيذ. وسبق إعلان التهدئة من جانب حكومة «حماس»، قرار المجلس الوزاري المصغر للحكومة الإسرائيلية، «الكابينيت»، بعدم الرد على نطاق واسع على استمرار إطلاق الصواريخ الفلسطينية من قطاع غزة. وأشارت الإذاعة العامة الإسرائيلية إلى أن المجلس الوزاري اتخذ هذا القرار خلال اجتماع له برئاسة بنيامين نتنياهو في ساعة متأخرة من ليل الأحد ـــــ الاثنين. واتهم مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى، حركة «حماس»، بأنها معنية بتصعيد الموقف رغم إعلانها موافقتها على التوصل إلى وقف لإطلاق النار، «لهذا السبب يجب على تل أبيب أن تعمل كل ما بوسعها لتحقيق التهدئة». ورأى المصدر أن «حماس» تسعى إلى جر الدولة العبرية إلى خوض معركة برية داخل قطاع غزة، بهدف إضعافها دولياً، ولا سيما قبل توجه السلطة الفلسطينية لطلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة الشهر المقبل.
وفي السياق، أعربت محافل سياسية في حكومة نتنياهو عن «قلقها من أن يؤدي التصعيد على الحدود مع قطاع غزة إلى ضعضعة السلطة في مصر، وإلحاق الضرر بمكانة إسرائيل دولياً». ولفتت مصادر أمنية إسرائيلية إلى أن نحو 15 صاروخاً أطلق من قطاع غزة ليل الأحد ـــــ الاثنين، أي عقب إعلان موافقة الفصائل الفلسطينية على إعادة تثبيت التهدئة.
وكان قطاع غزة قد شهد، منذ مساء الخميس الماضي، تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً وغارات جوية مكثفة، أدت إلى استشهاد 15 فلسطينياً وجرح العشرات، ردت عليه فصائل المقاومة بإطلاق أكثر من 100 صاروخ محلي، و«غراد» روسي الصنع على مدن وبلدات إسرائيلية، سببت مقتل وجرح نحو 10 إسرائيليين. تصعيد ضرب حالة الهدوء النسبي الذي عاشته غزة منذ آخر موجة تصعيد شهدتها في نيسان الماضي، وأدت في حينها إلى استشهاد 20 فلسطينياً. هذا الهدوء اخترقته غارات إسرائيلية مكثفة عقب اتهام نشطاء فلسطينيين بالتسلل من غزة إلى إيلات عبر سيناء المصرية، وتنفيذ عملية نوعية مركبة يوم الخميس الماضي، أدت إلى مقتل ثمانية إسرائيليين وجرح عشرات آخرين، علماً بأن أي فصيل فلسطيني لم يعلن حتى اللحظة مسؤوليته عن تنفيذ العملية.
وشهد ليل الأحد ـــــ الاثنين انخفاضاً ملموساً في معدل الغارات الجوية الصهيونية، وتحليق الطيران الحربي في أجواء القطاع، إذ نفذت طائرات الاحتلال ثلاث غارات جوية، أصابت إحداها فلسطينيين اثنين بجروح متوسطة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، بينما نجا مقاومون من غارة استهدفت سيارتهم في شمال القطاع، فيما استهدفت الغارة الثالثة أرضاً خالية. وتعقيباً على اتفاق التهدئة، أعلنت «لجان المقاومة الشعبية»، في مؤتمر صحافي للناطق العسكري باسم ذراعها العسكرية ألوية الناصر صلاح الدين، أبو عطايا، سبق المؤتمر الذي عقده النونو بساعات، وقفاً «مؤقتاً» لإطلاق الصواريخ على البلدات والتجمعات الإسرائيلية «تماشياً مع مصحلة الشعب الفلسطيني». واستبقت ألوية الناصر إعلانها التزام التهدئة، بتبنّي إطلاق صاروخ أصاب مبنى الأمن العام في المجلس الإقليمي في النقب الغربي المحتل، وألحق به أضراراً مادية من دون وقوع إصابات، بحسب اعتراف الإذاعة العبرية الرسمية، التي اعترفت بسقوط صاروخ آخر على منطقة «شاعر هنيغف» بالنقب الغربي من دون إصابات أو أضرار، بينما سقط صاروخ من طراز «غراد» روسي الصنع على مدينة عسقلان فجر أمس، وأصاب منزلاً من دون وقوع إصابات. وأعلنت كتائب المقاومة الوطنية، الذراع العسكرية للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، مسؤوليتها عن إطلاق صاروخ على النقب الغربي فجراً، مؤكدةً أنها ستستمر في إطلاق الصواريخ ما دام العدوان مستمراً على غزة.
بدورها، رفضت كتائب أبو علي مصطفى، الذراع العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الالتزام بالتهدئة، مؤكدةً أن «لا تهدئة مع الاحتلال؛ لأن جرائمه لن تمر من دون عقاب». وجاء في بيان وزعته «أبو علي مصطفى» مباشرة عقب إعلان التوصل إلى تهدئة في غزة: «لسنا طرفاً في هذه التهدئة، ولم نكن جزءاً من أي تهدئة سابقة ولا حالية و(نحن) مستمرون في المقاومة»، وذلك عقب إعلانها مسؤوليتها عن إطلاق صارخ «غراد» على مدينة عسقلان، ظهر أمس، رغم نفي مصادر الاحتلال وقوعه.



عبّاس يؤجّل الانتخابات... من أجل المصالحة

قرّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، تأجيل موعد إجراء الانتخابات المحلية في محافظات الضفة الغربية المحتلة، إلى حين توافر الظروف المناسبة لإجرائها في كافة محافظات الوطن، بعدما كان من المقرر أن تجري في تشرين الأول المقبل. وقال عباس، في مرسوم رئاسي نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا»، إنه «تقرر تأجيل موعد الانتخابات المحلية في محافظات الضفة الغربية، وذلك إلى حين توافر الظروف المناسبة لإجرائها في كافة محافظات الوطن». وأشار إلى أن القرار يأتي دعماً للجهود الوطنية والعربية المبذولة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية وتوفير الأجواء لتحقيق ذلك، ولإعطاء الفرصة للجنة الانتخابات المركزية استكمال الجاهزية في كافة محافظات الوطن». وكانت حركة حماس قد هاجمت بشدة قرار إجراء الانتخابات، وعدّته مخالفاً لاتفاق المصالحة الذي نص على ضرورة إجرائها في أجواء توافقية. وعلّقت وكالة «يونايتد برس إنترناشونال» بأن قوى يسارية فلسطينية تعارض تأجيل الانتخابات وتطالب بإجرائها في موعدها، على أمل تحقيق مكاسب في ظل مقاطعة حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» لها، إضافة إلى الخلافات التي تعصف بحركة «فتح».
(يو بي آي)