القاهرة | رغم أن التعديل الوزاري الذي أجراه عصام شرف في حكومته لم يلق كل القبول من الشارع و«الميدان»، إلا أن كثيرين كانوا يترقبون مراسم تأدية الوزراء لليمين أمام المشير حسين طنطاوي، أمس، بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، ربما من باب الفضول اذ هي أول حكومة تأتي تحت ضغط الشارع منذ عقود طويلة. لكن المشهد المنتظر لم يحدث، وبعدما احتشد الجميع في مقر الأمانة العامة بوزارة الدفاع، خرج مسؤول ليعلن أن القسَم قد تأجل إلى أجل غير محدد، قدرته مصادر بساعات، ورأت أخرى أنه قد يتأجل إلى اليوم التالي، ولا أحد يكشف عن الأسباب. وزارة الآثار كانت على رأس الأسباب التي دفعت بالتأجيل، إذ إن الآثاريين لم يكتفوا بتسجيل اعتراضهم على تعيين د. عبد الفتاح البنا لمنصب وزير الدولة لشؤون الآثار، خلفاً للدكتور زاهي حواس، بل شكّلوا وفداً منهم التقى شرف، نقلوا عبره استياءهم من هذا الاختيار الذي دفع بعض قطاعات الوزارة إلى الإضراب عن العمل مثل ما حدث مع العاملين في قطاع المشروعات، إضافة إلى تقديم بعض مسؤولي الوزارة استقالتهم مثل ما فعل المستشار الفني لوزارة الآثار مختار الكسباني ومجلس إدارة متحف الفن الإسلامي، الذي تقدم باستقالته بالكامل، وعلى رأسه رئيس مجلس الإدارة، د. محمد الكحلاوي. وكان لافتاً أن أحداً لم يكشف عن أسباب رفضه للبنا، باستثناء أن الرجل من خارج الوزارة وأنه أكاديمي «أستاذ للترميم بجامعة القاهرة»، فيما تحدث البعض عن ملفات فساد تطال أداءه في الجامعة من دون دليل. وكانت محصلة هذا التحرك «الآثاري» أن جمد شرف قرار تعيين البنا، بل إن البعض تحدث عن إقالته قبل أن يتلو القسم بالأساس.
لكن أزمة الآثار لم تكن وحدها السبب في الارتباك، إذ إن استمرار عدد من الوزراء القدامى في مناصبهم أثار غصب المرابضين في ميدان التحرير واستياءهم، وخصوصاً أن اسماً مثل منصور العيسوي في وزارة الداخلية يثير غضب كثيرين، وتحديداً أن حركة تطهير جهاز الشرطة التي جرت قبل أسبوع عمدت الى نقل عدد من الضباط المتهمين بالاعتداء على المتظاهرين وقتلهم إلى أماكن أكثر راحة وبمقابل مادي أكبر، إضافة إلى التعامل الأمني العنيف مع تظاهرات وقعت في نهاية شهر حزيران الماضي، وهو أمر دفع حقوقياً شهيراً، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهي الدين حسن، لأن يعتذر عن توليه منصب نائب وزير الداخلية.
وقال حسن، في بيان أمس، إن «السياق السياسي الذي يستحدث فيه المنصب لا يدعو إلى التفاؤل بإمكان أن يكون له تأثير على الواقع داخل الوزارة، بقدر ما قد يؤول إلى تجميل واقع لا يزال قبيحاً، وينبغي العمل على تغييره، وهذا ما لا يمكن للنائب وربما حتى للوزير فعله. التغير الذي حدث في أجهزة الأمن محدود للغاية، وهو ما اتضح بأجلى صورة خلال أحداث 28 و29 حزيران، بل إنه خلال هذه الأحداث لم يتم الالتزام ببعض تعليمات وأوامر وزير الداخلية نفسه، فكيف تكون الحال مع منصب مستحدث ليس له جذور أو تقاليد في الوزارة، وهو في الوقت نفسه وافد من خارج جهاز الشرطة، الأمر الذي يحيله إلى أدنى من مستشار، وقد يفيد في تسويق أو تجميل السياسات الراهنة، بين قطاعات الرأي العام الوطني والدول المانحة في أوروبا والولايات المتحدة».
ومن الداخلية إلى الخارجية، ظهرت الاعتراضات مجدداً على اسم المرشح لتولي الحقيبة السيادية المهمة، والتي لاحق الهجوم وزيرها الأخير، محمد العرابي، باعتباره من أتباع النظام السابق وهو أمر جعله لا يهنأ بالكرسي سوى 20 يوما فقط، خرج بعدها من المنصب وتم ترشيح محمد كامل بدلاً منه، وهو الذي خرج من السلك الدبلوماسي المصري عام 1997 وشغل منصب المدير التنفيذي المناوب بالبنك الدولي وممثلاً لمصر و13 دولة عربية في الفترة من 1997 إلى 2008. لاقى اسمه رفضاً من ائتلافات الثورة لأن الدبلوماسي الغائب عن الخارجية منذ سنوات بعيدة على علاقة قوية بعمرو موسى، المرشح الرئاسي المحتمل، بل اعترف في مؤتمر صحافي بأن موسى أستاذه وأن الأخير يستشيره في العديد من الأمور وخاصة ما له علاقة بحملته الانتخابية، وهو أمر رفضه كثيرون باعتبار أنه يضع في حكومة انتقالية رجلا منحازا بوضوح لمرشح رئاسي سيتنافس مع أخرين في معركة انتخابية قوية بعد شهور.
مجموعة من المشكلات إذاً حالت دون القسَم الجديد للحكومة المعدلة، وهو أمر يزيد من هموم رئيسها عصام شرف الذي لم يفلت من الانتقادات على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إذ تداول عدد من أعضائها المقولة الساخرة للصحافي أحمد رجب في جريدة الأخبار المصرية والتي قال فيها، أمس، إن شرف اختار نائبين جديدين له واختار عدداً من الوزراء الجدد ولم يبق أمامه سوى أن يختار، فقط، رئيس وزراء جديداً.