تنعقد، عصر غد، الجلسة الثالثة من حوار التوافق الوطني، ويُتوقع، نسبة الى المواضيع المطروحة، أن تشهد سجالات حامية، إذ إنها ستتناول مواضيع الحكومة في المحور السياسي، والأمن والسلم الأهلي، على أن يجري التطرّق الى الخطاب والمواكب الدينية في المحور الاجتماعي، والحوكمة في المحور الاقتصادي، ويُبحث في إطاره ملف أملاك الدولة، أما المحور الحقوقي فسيتناول حرية التعبير والاعتصامات والمسيرات.
إذاً هي مواضيع ساخنة على اتصال مباشر بما جرى خلال الأحداث الأخيرة في المملكة، وبالتالي فإنّ التخوف هو أن يستغل بعض المزايدين الأمر لإفراغ ما تكتنزه الصدور، وتحويل الجلسات الى ما يشبه المحاكمات.
وكانت جلسة أول من أمس قد طرحت مواضيع صلاحيات المجلسين في المحور السياسي، ومؤسسات المجتمع المدني في المحور الاجتماعي، ومستوى الخدمات الحكومية في المحور الاقتصادي، والسلطة القضائية في المحور الحقوقي.
وقال النائب الوفاقي المستقيل سيد هادي موسوي، الذي حضر المحور الحقوقي الى جانب بشرى الهندي، لـ«الأخبار»، إنّ قرار الجمعية حضور المحورين السياسي (الذي حضر فيه عن الجمعية خليل مرزوق وجميل كاظم) والحقوقي، يعود الى التمثيل الضعيف المسموح فيه للجمعيات المعارضة في هذا الحوار، إذ إنّه غير مسموح لها أن تشارك بأكثر من واحد ونصف في المئة من نسبة الحضور الذي يناهز 300 شخص، رغم أنهاّ تمثل أكثر من 60 في المئة من الشارع.
وأضاف «مشاركة 2 منّا في كل من المحورين ستعطينا 8 دقائق للتكلم، بدلاً من أن نتوزع على جميع المحاور، عندها لن يكون لدينا هذا الوقت، إضافة الى أنّ أحد ممثلينا في الحوار جواد فيروز معتقل لدى السلطات».
وبالنسبة إلى آلية التوافق المعتمدة بدلاً من التصويت، وإن كانت ضمانة لعدم فرض أي رؤية سياسية لا توافق عليها المعارضة، قال إن «إدارة الحوار لم تعطهم بعد ردّاً صريحاً على ما إذا كان سيسقط الاقتراح الذي لا نتوافق معه». وأكّد موسوي أنهم رفعوا جميع تحفظاتهم عن هذا الحوار، لجهة الإجراءات والآليات والتمثيل غير العادل، الى إدارة الحوار، لكن لم تردّ عليها حتى الآن. وأضاف إنّ السلطة طلبت دخول الحوار من دون شروط مسبقة، لكنّها في المقابل فرضت شروطها في التنظيم والتمثيل. ورأى أن طرح التوافق كلام طوباوي ومثالي «لن يحصل هناك توافق مع هذا الجمع، أكثر من 40 في المئة لا يمثلون إلا أنفسهم». ورفض القول بأنهم يعرقلون الحوار «فهم من ينادي بالحوار منذ أكثر من 10 سنوات، لكن هذا ليس حواراً، هذا تجمّع أنواع وطنية». وعن أهمية وجود مثل هذه اللقاءات لإزالة التشنج والاحتقان من النفوس، قال إن الاقتتال الفردي والتشنج والمشادات الكلامية يمكن أن تحصل في أي مجتمع، وتطرق الى مشادته مع النائب جاسم السعيدي، فقال إنه «جرى تضخيم الحادثة وقيل إنه كاد يحصل تضارب بيننا، لكنني كنت بعيداً عنه أكثر من 15 متراً». وأكّد أنّ الخلاف السياسي لا يمنع اللقاءات الجانبية في قاعة الحوار، لكن بالنسبة إلى جاسم السعيدي قال «لن أصافحه أو أكلّمه أو أبتسم في وجهه. فهو شخص بذيء اللسان ويشتم. لكن الآخرين الذين يختلفون معي محترمون ومهذبون ولا يتطاولون، طبيعي أن نلتقي ونتحاور، هذا هو العمل السياسي المتحضر». وأوضح أنه انتقد خلال الجلسة أداء وزير العدل، وقال له «أنت نفسك كنت منحازاً في قضية الـ 23 (ما يعرف بخلية التنظيم الإرهابي)، تدخلت وحاولت أن تؤدّب المحامين، لذلك دعونا الى سلطة قضائية مستقلة»، لكن عندما انتهت الجلسة صافح الوزير. ولفت الى أنه خلال الجلسة استُفزّ الوزير بسبب طرح المحامية لولوة العوضي، الأمينة العامة السابقة للمجلس الأعلى للمرأة، رسالة موقّعة من 35 قاضياً تحمل شكواهم، تطالب باستقلالية القضاء.
وقد حصلت «الأخبار» على نسخة من الرسالة، وتشير الى عدة إشكاليات، وهي: الكادر الوظيفي وتفعيل استقلالية السلطة القضائية مالياً وإدارياً وتشكيل المجلس الأعلى للقضاء. وبالنسبة إلى المحور السياسي، شارك فيه 87 شخصاً. وشهدت الجلسة الثانية عملية شدّ حبال بين طرحين، الأول تدعمه المعارضة ويقوم على إلغاء مجلس الشيوخ وحصر السلطة التشريعية بمجلس النواب المنتخب، طرحته «الوفاق»، والثاني تدعمه الجهات الموالية، وفي مقدّمها تجمع الوحدة الوطنية بزعامة عبد اللطيف محمود، ويؤيد إبقاء نظام المجلسين، وبما أنّ غلبة الحضور للجهات الموالية والفردية، فإنّ الطرح الثاني لقي تأييداً واسعاً. لكن، كان هناك أيضاً تأييد واسع لتوسيع صلاحيات مجلس النواب.