يأتي إعلان الحكومة السوريّة نيتها لإعداد قانون جديد للانتخابات مع نهاية ولاية المجلس التشريعي الحالي، ما يفرض أن مرحلة الانتخابات المقبلة ستكون مختلفة، ولا سيما أنها تأتي بعد موجة احتجاجاتطرح قرار الحكومة السورية تأليف لجنة لإعداد مشروع قانون جديد للانتخابات العامة «حسب المعايير العالمية»، أسئلة عن واقع الحياة السياسية في سوريا والجانب المتعلق بالسلطة التشريعية بالتحديد، لما لهذه السلطة من علاقة عضوية مع الشعب الذي من المُفترض أن يكون صاحب الكلمة الفصل في أمور الحكم.
مشروع القانون يذكّر بمسيرة طويلة من الحياة السياسية تعرضت لانتقادات كثيرة بسبب تحكّم الأجهزة بالعملية الانتخابية، وإنتاج مجالس على قياس النظام الحاكم. فمنذ تسلّم حزب البعث السلطة في عام 1963، مرّت التجربة البرلمانية في مراحل عديدة، لم تخرج خلالها عن المسار الذي رسمه الحزب بوصفه «حزباً قائداً للأمة»، حسبما قررت المادة الثامنة من الدستور السوري.
في المرحلة الأولى كانت السلطة التشريعية مجسّدة في «المجلس الوطني للثورة»، الذي انتقلت إليه مهنة التشريع في البلاد بموجب المرسوم الرقم «68» تاريخ 9 حزيران 1963، أي بعد قيام الثورة بثلاثة أشهر. وأُنيطت بهذا المجلس مهمة وضع دستور يتلاءم والأوضاع الجديدة في البلاد، «انطلاقاً من مفهوم الثورة بأن تكون الجماهير، وعبر ممثليها في تنظيماتها الشعبية هي التي تسن القوانين التي تؤمّن مصالحها، وبالتالي مصالح الشعب المؤطّر في تنظيمات شعبية ديموقراطية».
ومع «الحركة التصحيحية» بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد سنة 1970، بدأت المرحلة الثانية لتعيد صياغة الحياة التشريعية في ضوء التطورات الجديدة. فبين عامي 1970 و2003، سارت السلطة التشريعية في مسار ما سُمي «الديموقراطية الشعبية»، الذي وسّع من دائرة العناوين المشاركة في البرلمان ضمن دائرة «البعث»، فكانت هناك حصص في المجلس التشريعي لمنظمات شعبيّة ونقابيّة.
هذه الصيغة أتت في إطار نتائج الحركة التصحيحية، حيث صدر في 16 تشرين الثاني عام 1970، المرسوم التشريعي الرقم «466»، ليتضمن تأليف أول مجلس للشعب في سوريا. وأوكلت إلى هذا المجلس مهمتان أساسيتان: إنجاز الدستور الدائم للبلاد وإصدار قانون الانتخابات. نتيجةً لهذا المرسوم، أُقرّ الدستور في الاستفتاء العام الذي أجري في 12 آذار 1973، بينما صدر قانون الانتخابات بموجب المرسوم التشريعي الرقم «26» بتاريخ 14 نيسان 1973.
وقد حدد الدستور السوري عمل المجلس التشريعي وآلياته وهيكليته وكيفية الترشّح ومن يحق له الترشح والاقتراع. وفي هذا الإطار تقول المادة الخمسون من الدستور: «ينتخب أعضاء مجلس الشعب انتخاباً عاماً وسرياً ومباشراً ومتساوياً وفقاً لأحكام قانون الانتخاب». وتناولت المادة الثالثة والخمسون الدوائر الانتخابية وعدد أعضاء مجلس الشعب، على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين. أما المادة الـ«54» فتوضح أن كل من أتم الثامنة عشرة من عمره، ومسجل في سجل الأحوال المدنية وتوافرت فيه الشروط المنصوص عليها في قانون الانتخاب، يحق له الترشح، فيما تُبين المادة الـ«55» أحكام الانتخاب والاستفتاء وتشير إلى الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب.
وتؤكد المادة الـ«57» من قانون الانتخاب «كفالة» حرية الناخبين بانتقاء ممثليهم وسلامة الانتخاب وحق المرشحين في مراقبة العمليات الانتخابية وعقاب العابثين بإرادة الناخبين. ويدعى المجلس لثلاث دورات عادية في السنة، وتجوز دعوته لدورات استثنائية، ويحدد النظام الداخلي للمجلس مواعيد الدورات ومددها ويدعى إلى الدورات الاستثنائية بقرار من رئيس المجلس أو بناءً على طلب خطي من رئيس الجمهورية أو من ثلث أعضاء المجلس.
ويتولى مجلس الشعب ترشيح رئيس الجمهورية. ويصدر الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية عن مجلس الشعب بناءً على اقتراح القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، على أن يُعرض لاحقاً على المواطنين للاستفتاء. كذلك يجري الاستفتاء بدعوة من رئيس مجلس الشعب. ويصبح المرشح رئيساً للجمهورية بحصوله على الأكثرية المطلقة لمجموع أصوات المستفتين، فإن لم يحصل على هذه الأكثرية رشح المجلس غيره، وتتبع بشأن ترشيحه وانتخابه الإجراءات نفسها، على أن يكون ذلك خلال شهر واحد من تاريخ إعلان نتائج الاستفتاء الأول. أما انتخاب أعضاء مجلس الشعب، فيكون على أساس الدائرة الانتخابية، وتنتخب كل دائرة عدداً من المرشحين يساوي عدد المقاعد المخصص لها. وتُعَدّ كل محافظة دائرة انتخابية، إلا محافظة حلب التي تقسم إلى دائرتين: مدينة حلب ومناطق محافظة حلب.
وتبدو صورة المجلس النيابي الحالي، المؤلف من 250 مقعداً، في دورته التاسعة شبيهة بما سبق من دورات لجهة تمركز أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية التي تدور في فلك «الحزب القائد». فالجبهة التي تضم 10 أحزاب يسارية وقومية عربية واشتراكية، حصلت على 172 مقعداً، بينها 131 لحزب «البعث» وحده، وهذا يعني أن الأحزاب التسعة الباقية نالت 36 مقعداً فقط. أما «المرشحون المستقلون» فحصلوا على 78 مقعداً. وحافظت النساء في المجلس الحالي على المقاعد نفسها التي حصلن عليها في الدورة السابقة، وهي 30 مقعداً.
يشار إلى أن المجلس النيابي الحالي انتهت مدته في السادس من أيار الحالي. ولم يحدد موعد للانتخابات المقبلة، غير أن المادة الـ85 من الدستور تنص على أن الانتخابات تجري خلال الأيام التسعين التي تلي تاريخ انتهاء مدة مجلس الشعب، وتنص الفقرة الثانية من المادة على عودة المجلس إلى الانعقاد حكماً إذا لم ينتخب غيره ويجتمع بعد انقضاء التسعين يوماً، ويبقى قائماً حتى يُنتخَب مجلس جديد.
(الأخبار)
4 تعليق
التعليقات
-
عربي عاقلما هي الديموقراطية؟؟؟ ما هو مفهومها؟؟؟ وهل تعني التحرر من كل الضوابط؟؟؟ كيف تفسر الديموقراطية في إطار القانون؟؟؟ الديموقراطية ليست قرار أو مرسوما جمهوريا أو نيابيا يصدر صباحا ليطبق لحظة إعلانه بل ثقافة متراكمة تاريخيا وهنا يكمن السؤال الأهم -هل نحن ديموقراطيون في بيوتنا في مدراسنا في أعمالنا بل حتى مع أنفسنا؟؟؟ إذا استطعنا الجواب على هذا السؤال يمكننا عندئذ أن نعرف الديموقراطية ويبقى السؤال الثاني هل يمكن لدولة أن تأكل مما لاتزرع وتلبس مما لاتصنع أن تبني ديموقراطية؟؟؟
-
مرحلة مابعد إنهيار النظام السوري المنافق (2)على الطريق إلى هدف كهذا أُنجزت خطوات بارزة أهمها احتضان مصر للمصالحة الفلسطينية.غير أن معركة سياسية تهيمن على أفق العلاقة مع الدولة العبرية ، ذاك أن الأخيرة تتصرف كما لو أن التغيير الشامل الذي يحصل الآن في النظام الإقليمي لا يعنيها، أو أنه يعنيها في حدود مطالبة العبيد بالتكيّف مع الوضع النموذجي كما يشتهيه السيّد.إن مصر الوطنية لا تحتمل ذلك، ولا يجوز أن تحتمله. وإذا كان الوضع الاقتصادي لمصر يدفع في اتجاه التمسك بالسلام، فهذا أيضاً ما تقضي به استحالة العزلة عن العالم في يومنا هذا، فكيف وأن محور "الممانعة" الذي كان يهوِّل على الآخرين ويبتزّهم، متصدِّع متهاوٍ، بحيث لا تهدأ مدينة سورية حتّى تنفجر أخرى، ولا يُسكَّن خلاف بين خامنئي ونجاد حتى يتفجر آخر بين نجاد ولاريجاني؟ كيف ستعالِج مصر الجديدة المسألةَ الاسرائيلية، جامعةً بين الاستقلال والدور والديموقراطية والسلام، وكيف تنقل مفهوم الصراع إلى الحيّزين السياسي والديبلوماسي بعيداً من دجل أصحاب المصالح الكبيرة الذي يتحوّل دماً على أيدي أصحاب المصالح الصغيرة أو العقول الصغيرة؟ هذه قد تكون أهم أسئلة المرحلة المقبلة، والمقبلة سريعاً.
-
مرحلة مابعد إنهيار النظام السوري المنافقأعفانا السيد رامي مخلوف،إبن خال بشار الأسد ، مِن جَهدٍ إقناعيٍّ بأن مسألة إسرائيل، كما يطرحها البعض، ممن يودون متابعة نهب ثرواتنا الوطنية و التحكم برقابنا، لعبٌ على عقولنا، لعبٌ يَستغِل صغرَها ثم يمعن في تصغيرها. ففي أيام «الاستقرار»،وً حسب زعم الناهبين المتحكمين ، تمثِّل إسرائيل التهديدَ الوجودي الذي ينبغي أن يحملنا على الوقوف خلف أنظمتهم،أما في أيام الخطر،فهم أنفسهم من يناشدون إسرائيل نفسها لكي تقدِّم الإنقاذ لتلك الأنظمة في مواجهتها معنا نحن الشعوب.وحين تكون المسألة الإسرائيلية هذا كلَّه، مصدرَ الألم الأوحد ومصدرَ الأمل الأبرز، فإنّها لا تكون شيئاً. في مصر وحدها تُطرح مسألة إسرائيل بقدر من الجدّ، فالقاهرة إذا كانت ستغدو - بعد انتفاضتها - «وطنيّةً» أكثر و «ديموقراطيةً» أكثر، فإنها ستكون مضطرة لأن تتعامل مع هذه المسألة كمهمة ذات مضمون متكامل، ذاك أن «وطنية» مصر تتضمن - تعريفاً - استعادتَها النفوذ والمكانة الإقليميَّيْن اللذين تراجع عنهما حسني مبارك وعهده المديد. ولا بد تالياً، من أن تطوِّر القاهرة سياسة مآلها الأخير الضغط في سبيل إقامة الدولة الفلسطينية الموعودة، التي إذ تُحقُّ الحقَّ تشرط الاستقرار في الشرق الأوسط.
-
متى نغير قانون انتخاب اللبنانيينعلى الأقل بسوريا فكروا بتغيير قانون الانتخاب ونحنا عنا بلبنان لانزال نُحكم من فلان ابن فلان وعلان ابن علان .. هفتان بن زفتان.. يعني القوانين الديمطراقية في لبنان تأتي مفصلة على قياس ابن الزعيم وابن الباشا وابن رئيس الحزب وابن أخ عميد الحزب والنونو بنت حفيد الحزب والسوسو ابن أخ ..... وعلى هيك مافي دم جديد من 50 سنة لليوم مازادت كنية جديدة على السياسة اللبنانية .. يعني هني هني .. المر وجميل وجنبلاط و؟؟؟؟؟؟ والباقي بتعرفوه فخلينا بهمنا وبلا ما نعمل مناظرات على اللآخرين .. على الأقل بسوريا ممكن بني أدم عادي طبيب ولا محامي ولا .. بيكون من البعث ومن عائلة فقيرة وبيوصل لوزير أو مجلس شعب .. لكن في لبنان ..لايصل إلا ابناء العائلات الحاكمة ...