منذ بدأت الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية في سوريا، ينشط نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام على مختلف الجبهات. حديث تلفزيوني هنا، مقابلة صحافية هناك، وتنظير عن الثورة السورية وتوقعات بانهيار النظام السوري قريباً.
وفي مقابلة له مع جريدة الشروق المصرية، في 21 نيسان الحالي، يُسأل خدام عن المعارضة السورية في الداخل وعلاقته بها، فيقول إنّه لا يريد أن يتحدث عن فئات أو مجموعات؛ «لأنّ ذلك قد يؤذيها ولا يفيد العمل من أجل إنقاذ سوريا». وفيما لم تُدل المعارضة السورية الداخلية، منذ انشقاق خدام في كانون الثاني 2005 بأيّ تعليق علني يفسر موقفها منه بوضوح، تشير برقيات صادرة عن السفارة الأميركية في دمشق، سرّبها موقع «ويكيليكس» إلى أنّ مواقف المعارضين السوريين في الداخل تباينت من شخص إلى آخر. فبعض المعارضين رأوا أنّ خطوة خدام موجهة ضد المعارضة الداخلية المتقاعسة، فيما رفض آخرون رفضاً قاطعاً أي محاولة مستقبلية من نائب الرئيس السابق لقيادة المعارضة. ويبدو من البرقيات أنّ السفارة الأميركية تحاول جمع أكبر قدر من المعلومات عن علاقة المعارضين بخدام وموقفهم منه، إلى جانب موقف بعض رجال النظام الأوفياء، ممن هم مصادر دائمة للسفارة.
ففي برقية تعود إلى 9 كانون الثاني 2006 (06DAMASCUS141)، يعلق أحد المقربين من النظام السوري على مقابلة خدام على شاشة قناة «العربية» التي أعلن من خلالها انشقاقه، رابطاً ذلك بما يحصل في لبنان. ويؤكد الرجل أنّ هناك استياءً بين العلويين من الرئيس السوري بشار الأسد، يسبق انشقاق نائب الرئيس.
وتشير برقية أخرى مؤرخة في اليوم نفسه (06DAMASCUS149) نقلاً عن أحد مصادر السفارة إلى أنّ خدام اتصل بعدد من المعارضين عبر رسائل، ليخبرهم بأنّه سيتحدث عن النظام السوري في نهاية 2005. ويتحدث في الوثيقة أحد مصادر السفارة عن سفر عدد من البعثيين الإصلاحيين إلى فرنسا خلال خريف 2005، حيث التقوا خدام هناك. وتشير البرقية نقلاً عن بعض المعارضين إلى ترحيبهم بانضمام خدام الى إلجبهة المقابلة للرئيس السوري، لكنهم يرون أنّه لا مجال للصفح عنه بسبب كل ما فعله من قبل. ووصف معارضون آخرون خدام بالكاذب، وبأنّه لا يزال جزءاً من النظام. وأكد عدد آخر من المعارضين أنّهم تلقوا عروضاً من النظام للحديث ضد خدام في مقابل مساعدتهم.
في 19 كانون الثاني 2006، التقى القائم بالأعمال في السفارة الأميركية أحد المعارضين لنظام الأسد، وتناول الحديث انشقاق خدام. يقول المعارض (06DAMASCUS207) إنّ خدام كان في موقع يسمح له بتعميق الأزمة الطويلة المدى التي يجد النظام نفسه فيها، لكنّه لا يستطيع أن يقضي وحده على النظام السوري. ويضيف المعارض أنّ العائق أمام قيام خدام بذلك هو أنّه لم يحظ قط بتأييد كبير في الجيش والقوى الأمنية التي يسيطر عليها العلويون. ويقول إنّ انتقادات خدام للأسد بأنّه ضعيف ومتردد ولا خبرة له، أضاءت على مشاكل يعرفها جيداً اللاعبون الأقوياء في النظام، أي ماهر الأسد وآصف شوكت، وهي كيف يمكن نظاماً توتاليتارياً أن يعمل مع وجود فراغ مماثل في وسطه؟ ويضيف المعارض أنّ هجمات خدام عززت قوّة المعارضة في الداخل؛ لأنّه تكلم عليها بإيجابية وتبنى برنامجها. عزز ذلك، برأي المعارض، وضع المعارضة في الداخل، وقد يدفع النظام إلى التواصل معها في الأسابيع المقبلة. ويقول المعارض إنّ انشقاق خدام خدم المعارضة السورية في أميركا، فهي كانت تخاف من وصفها بالعميلة لواشنطن. وفي التعليق على البرقية، يقول القائم بالأعمال الأميركي، ستيفن سيش، إنّه يؤيد تقويم المعارِض القائل إنّ تصريحات خدام خدمت المعارضة في الداخل، لكنّه يضيف أنّه لا يعرف إن أدى ذلك إلى تقوية المعارضة أو لا. ويقول إنّ الإفراج عن المعارض رياض سيف وأربعة من المعارضين في 18 كانون الثاني، قد يكون رداً من النظام على خدام كي لا يستميل المعارضة إلى جانبه، وبعض الشعب السوري. ويضيف سيش أنّ الإفراج المبكر عن سيف يشير إلى أنّ خدام أزعج النظام. ويستمر اهتمام البعثة الأميركية بخدام في شهر شباط، فتتحدث برقية في الثاني منه (06DAMASCUS392) عن النقاش الدائر حول نائب الرئيس المنشق داخل سوريا. ويقول أحد المسؤولين السابقين في النظام إنّ خدام كان في ليلته الأخيرة في سوريا يلعب الورق مع أصدقائه. وينقل إلى السفارة سؤالاً من رجال النظام السابقين في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد، فهم يريدون أن يعرفوا إذا كانت واشنطن تريد بقاء بشار في منصبه، أو لا.
في 27 آذار 2006 (06DAMASCUS1357) التقى موظفون في السفارة عدداً من السوريين، معارضين ورجالاً في النظام، وتناول الحديث عبد الحليم خدام أيضاً. ويقول أحد المعارضين إنّه رفض الانضمام إلى جبهة الخلاص الوطني التي أسسها خدام مع الإخوان المسلمين. لكنّه في المقابل شجع وجود الجبهة، لكنّه رفض أن يقود خدام المعارضة. ويرى المعارض أنّ مبادرة الجبهة تتضمن خطأين: الأول هو تجاوز مسألة الجنسية للأكراد والمطالبة بحقوقهم الثقافية كاملة، ما قد يشجعهم على الاستقلال، وقد يثير مشاكل مع العرب. ثانياً، لا توضح المبادرة مساندة خدام للديموقراطية في سوريا. وتنقل البرقية لقاءً مع نائب سوري سابق قال إنّ خدام لديه تأييد بين العلويين الذين كانوا عماد نظام الأسد الأب. ويضيف أنّ هؤلاء يؤمنون بأنّه لا مستقبل للعلويين مع بشار. معارض آخر يرى أنّ تحالف الإخوان المسلمين مع خدام سيئ للإسلاميين داخل سوريا؛ فنائب الرئيس السابق يرفض حتى اليوم تحمّل مسؤولياته في جرائم النظام. فسجل انتهاكاته يعود إلى ترؤسه محافظة حماة في الستينيات، وتحديداً في 1964 حين حصل أول قمع للإخوان المسلمين. ويضيف هذا المعارض: «إذا أراد قيادتنا يجب أن يعترف بمسؤوليته أولاً». موضوع يوافقه عليه معارض آخر قال إنّ خدام يبدو طموحاً من خلال تصريحاته، وإنّه إن أراد قيادة المعارضة «فلدينا وسائل لإفشال مسعاه إن حاول». ويتساءل هذا المعارض عن الأسباب التي دفعت الإخوان المسلمين إلى التحالف مع خدام، وعما إذا كان خدام يعدّ لانقلاب. وينتقد الجبهة (الخلاص) لأنّها قسمت المعارضة. ويخاف هذا المعارض من أن يكون خدام يريد إنقاذ النظام (حزب البعث والمؤسسات الأمنية) عبر التخلص من بشار والدائرة المحيطة به. في المقابل، يقول أحد المقربين جداً من النظام إنّ خدام يقامر ولا يحظى بمساندة من الجيش لإعداد انقلاب ما. ويقول أحد رجال النظام الآخرين إنّ خدام يبالغ بتقدير حجمه؛ فهو لا يستطيع فعل أي شيء داخل سوريا؛ لأنّه لا مناصرين له.
وفي وثيقة تعود لـ30 آذار 2006 (06DAMASCUS1433) يرى أحد المعارضين أنّه يجب على الحكومة السورية ألا تقلق من جبهة الخلاص الوطني؛ لأنّ خدام وصدر الدين البيانوني (المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا) مكروهان من قسم كبير من الشعب السوري. وأضاف أنّه إذا رغب خدام في قيادة المعارضة، فستكون الحركة فاشلة وفاقدة للصدقية.
وتنقل برقية أخرى تعود لـ13 نيسان 2006 (06DAMASCUS1692) لقاءً بين موظفين في السفارة ومن تسميهم «زعيمين سنيين». الزعيمان يريان أنّ خدام هو أداة جيدة لإضعاف النظام، ويقولان إنّهما نصحا من يعرفونهم من المعارضة بعدم انتقاده، مهما كانت تحفظاتهم عليه. ويؤكد أحد الزعيمين أنّ خدام لديه مناصرون كثر بين السنّة السوريين.
وتتناول برقية أخرى مؤرخة في اليوم نفسه (06DAMASCUS1698) حدوث اجتماع للمعارضين من «إعلان دمشق» في 6 نيسان 2006، وأنّ الاجتماع تمحور حول التوصل إلى قرار بشأن الموقف من جبهة الخلاص الوطني، وإذا كان يجب على الإخوان المسلمين أن يبقوا من موقّعي إعلان دمشق. اتفق معظم المجتمعين، وفق بعض من حضروا الاجتماع، على ترك الجبهة لشأنها. واتفق المجتمعون على أنّه ما دامت الجبهة غير معارضة لمواقف الإعلان، فلا ضرورة للوقوف ضدها. وقرروا الإعلان أنّه لا صلة تجمع الجبهة بهم، لكن من دون الهجوم عليها. لكن كان هناك قسم من موقّعي إعلان دمشق ممن أصروا على طرد البيانوني بسبب تحالفه مع خدام. ووفق أحد المعارضين، كان هناك سخط بينهم بسبب عدم إخطار الإخوان موقّعي «إعلان دمشق» مسبقاً بالتحالف مع خدام، وكذلك عدم اعتذار هذا الأخير عن خدمته الطويلة لنظام البعث. ورأى بعض المعارضين أنّ «إعلان دمشق» سيكون في وضع أفضل إذا بقي موقفه مبهماً من خدام والجبهة. ويقول أحدهم إنّه لو كان الإعلان أقوى لانتقد خدام انتقاداً أكثر علنية. فخدام يضعف النظام، وبالتالي فهو «ليس عدونا». ويقول كاتب الوثيقة، القائم بالأعمال ستيفن سيش، إنّ خدام يستطيع أن يحتفل بأنّه استطاع البقاء بعيداً عن انتقادات المعارضة الداخلية، لكن مستوى تأييده في الداخل يبقى خاضعاً للتخمين، في الوقت الذي يقول فيه البعض إنه يكتسب شعبية، فيما يقلل آخرون من أهميته.
ويستمر الحديث عن خدام في برقية أخرى أُرسلت في 18 نيسان 2006
(06DAMASCUS1754)، فيقول بعض المعارضين الذين التقتهم السفارة إنّ تحالف خدام مع الإخوان المسلمين عبر جبهة الخلاص الوطني لا يفيده كثيراً بسبب ارتباطه القديم بنظام الأسد، فهو كان خادمه المطيع، إلى جانب فساده المعروف على نطاق واسع. ويشير هؤلاء إلى أنّه لا ينتقد حكم حافظ الأسد، بل فقط بشار، ولم يعتذر عن خدمته النظام لفترة طويلة. لكن المعارضة تراه أداة لإضعاف النظام. وقال آخرون إنّ خدام لا يريد إطاحة النظام، بل عائلة الأسد فقط، مع الاحتفاظ بالجيش وحزب البعث والقوى الأمنية. وينقل أحد المسؤولين السابقين أنّ خدام يحصل تدريجاً على شعبية بين السنّة في مدن خارج دمشق. ويحظى بشعبية بين بعض البعثيين والعلويين، من ضمنهم أشخاص بارزون في الدائرة المحيطة بحافظ الأسد سابقاً. وتنقل البرقية أنّ اعتراضات الحكومة السورية لدى السعودية أثرت؛ إذ لم يظهر خدام على العربية منذ نهاية كانون الأول 2005. وتتناول البرقية التي تجيب عن أسئلة طرحتها وزارة الخارجية الأميركية على بعثتها في دمشق، العلاقة بين خدام والبيانوني والإخوان المسلمين. وتقول إنّ خدام رغم كونه من رجال النظام سابقاً، لكن له علاقات مع بعض الفصائل الإسلامية، ومنها تلك التي تتعاطف مع الإخوان. وتشير البرقية إلى أنّ السفارة ليست على اتصال بأي شخص مقرب من الطرفين، فهي تعتمد على ما ينقله إليها المعارضون. وتنقل برقية تعود إلى 24 نيسان 2006 أنّ الحكومة السورية بدأت تسمح ببعض المظاهر الإسلامية، خوفاً من حصول خدام على تأييد في الأوساط السنية. وتعود السفارة إلى مصادرها في المعارضة في وثيقة مؤرخة في 3 كانون الأول 2006 (06DAMASCUS5349)، فيقول أحد المعارضين إنّ عبد الحليم خدام هو شوكة في خاصرة نظام بشار الأسد، لأنّ لديه القدرة على أن يتحدث، عن معرفة، عن فساد الدائرة الضيقة، فضلاً عن أن حديثه يغري بعض السنّة. لكن يضيف المعارض أنّ خدام ملوث بفساده الشخصي، وارتباطه الطويل بنظام حافظ الأسد. ويرى أنّ خدام ليس مقبولاً من جماعة «إعلان دمشق» للتعاون معه، حتى لو لم يكونوا يوجهون النقد العلني إليه.
وفي برقية صدرت بعد ذلك بأيام، في 13 كانون الأول 2006 (06DAMASCUS5399) تشرح السفارة وضع نظام الأسد ونقاط قوته ونقاط ضعفه. من هذه النقاط ما تسميه البرقية «عامل خدام»؛ فهذا الأخير يعرف خفايا النظام وأسراره، ما يثير حنق بشار، بما لا يتناسب ومقدار شعبية خدام داخل سوريا. وتضيف البرقية أنّ بشار الأسد يتابع هو شخصياً، ونظامه عموماً، كل معلومة خبرية عن خدام باهتمام بالغ. ويتصرف النظام بغضب مؤذٍ له، كلما استضافت دولة عربية خدام أو سمحت له بأن يعطي تصريحاً عبر وسائل إعلامها. وتضيف البرقية أنّه يجب الاستمرار في تشجيع السعوديين وغيرهم على السماح لخدام بأن يستخدم وسائل إعلامهم، ما يعطيه مساحة للكشف عن غسيل الحكومة السورية الوسخ. تقول البرقية إنّه «يجب أن نستبق رد فعل مبالغاً فيه من النظام، سيزيد من عزلته بين جيرانه العرب». وتضيف أنه يجب تشجيع الحلفاء الإقليميين مثل السعودية ومصر، على اللقاء بخدام ورفعت الأسد، لإرسال إشارات تفيد في الإعداد لانقلاب ما، مع تسريب بعض ما دار في تلك الاجتماعات لاحقاً.
بعد عام 2006، يخفّ الاهتمام الأميركي بخدام، فلا تعود أسئلتهم إلى الجميع بشأنه، لازمة متكررة في جميع الاجتماعات. لكن لا ينسى موظفو السفارة سؤال أي معارض يلتقونه عنه. وهذا ما حصل في البرقية المؤرخة في 25 تشرين الثاني 2008 (08DAMASCUS842)؛ إذ يرد أحد المعارضين على سؤال عن قدرة جبهة الخلاص الوطني على أن تمثل حلفاً هاماً في النشاط السياسي، ويقول: «هم خارج البلاد، ماذا يستطيعون أن يفعلوا دون الناس في الداخل؟». وفي وثيقة تعود إلى 11 آذار 2009 (09DAMASCUS185) تلتقي القائمة بالأعمال مورا كونيلي (السفيرة في لبنان حالياً) أحد المعارضين الذي يخبرها بأنّ خدام هرب من سوريا في 2005 لخوفه من سقوط النظام، ولأنّه «شخص يرغب في أن يكون في الجانب الآمن»، ولأنّه اعتقد أنّه سيحظى بمناصرين في حال سقوط النظام، وهو على مسافة منه. ويقول المعارض إنّ عدداً من البعثيين كانوا يفكرون بالطريقة نفسها، لذلك حثوا على اعتماد إصلاحات اقتصادية وسياسية في مؤتمر الحزب في 2005. وينقل هذا المعارض عن أنّه، إثر حرب غزة، بدأت المشاكل داخل جبهة الخلاص الوطني بسبب رغبة الإخوان المسلمين في أن تدين الجبهة العملية الإسرائيلية بنحو أقوى وتساند حماس، الأمر الذي رفضه خدام. تسأل السفارة المعارض عن قدرة خدام على أداء دور في معارضة الأسد، فيجيب بأنّ «الجبهة مهمة، وخدام كان فاسداً، لكن هناك مئة ألف شخص مثله في سوريا».



فرنسا محرجة من تصريحات خدّام

بعد انشقاق نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام وانتقاله الى باريس، انتقلت التساؤلات الأميركية الى مسؤولي وزارة الخارجية الفرنسية لتقصّي أخباره. وتشير برقية تعود إلى 4 كانون الثاني 2006 (06PARIS40) الى حوار بين مسؤول ملف مصر والمشرق في وزارة الخارجية الفرنسية ايرفيه بوزانسونو وأحد الدبلوماسيين في السفارة. ويقول المسؤول الفرنسي إنّ صدقية خدام مشكوك في أمرها، فهو كان جزءاً من النظام الذي ينتقده اليوم. وحين سُئل عن السبب الذي دفع خدام الى الانشقاق، أجاب المسؤول الفرنسي أنه يعتقد أن خدام يصفي حسابات قديمة مع مجموعة بشار الأسد، وهو يبقى أحد القلة ممن لديهم طموحات رئاسية.
وتنقل برقية أخرى مؤرخة في 9 كانون الثاني 2006 (06PARIS128) لقاءً بين مستشار الرئيس الفرنسي جاك شيراك لشؤون الشرق الاوسط والأميركيتين دومينيك بوش مع أحد الدبلوماسيين في السفارة. يقول بوش إنّ الحكومة الفرنسية فوجئت بثقة خدام بنفسه وبكونه رفع مستوى خطابه ليصل الى تهديد الحكومة السورية بالثورة ضدها.
ويضيف إنّه رغم أن تصريحات خدام خدمت المحكمة الدولية، فقد وضعت الحكومة الفرنسية في موقف صعب لأنّ الجميع يعتقد أنها تتحكم بخدام. ويضيف بوش أنّ خدام ليس بديلاً لبشار الأسد وهو مرتبط كثيراً بنظام الأسد الأب، ومسؤول مباشرة عن كل ما حصل للولايات المتحدة وفرنسا في لبنان ومن ضمن ذلك اغتيال مواطنين فرنسيين.
وتخوّف بوش من أن يثير خدام، لكونه سنياً، مزيداً من التضامن بين العلويين، أو يؤدي الى تبني الدول العربية له، لكسر الهلال الشيعي في المنطقة من إيران الى جنوب لبنان. والدليل على ذلك، برأي بوش، هو ارتباط سعد الحريري والسعوديين بخدام. وتضيف البرقية أن مصادر صحافية لبنانية أكدت للسفارة أن السعودية تدعم خدام بتحريض من سعد الحريري.
وفي وثيقة أخرى تعود إلى 28 شباط 2006 (06PARIS1236)، يقول بوش إنّ وضع خدام مؤسف، وإنّ الحكومة الفرنسية طلبت منه التوقف عن إطلاق التصريحات العلنية من الأراضي الفرنسية، خصوصاً بعدما نادى بإسقاط النظام في سوريا.
وقال إنّ خدام مسؤول أكثر من غيره عن الجرائم السورية في السنوات الثلاثين الماضية. وقال بوش إن خدام ليس مناسباً لتوحيد المعارضة السورية، وخلص الى أنّ من الافضل أن يبقى بشار الأسد يسيطر على سوريا، مع إبقائه تحت ضغوط دولية ومنعه من أن يثير المشاكل في الخارج.




جواز سفر أردني للحفيد

تشير برقية تعود إلى 23 أيار 2006 (06PARIS3482) إلى لقاء بين السكرتير الأول في السفارة البريطانية في باريس توم فليتشر وأحد الدبلوماسيين السياسيين، وتتناول قضية تأشيرة بريطانية لأحد أحفاد خدام. ويقول فليتشر إنّه تشاجر مع مستشار كبير في وزارة الداخلية الفرنسية بشأن تأشيرة طلبها الحفيد. فهذا الأخير لم يستطع مغادرة فرنسا بعد أن أضاع جواز سفره السوري، وكان يريد العودة إلى بريطانيا حيث يتابع دراسته الجامعية. ولم يكن الحفيد، وهو ابن جمال خدام، يرغب في الحصول على بطاقة إقامة فرنسية كتلك التي حصلت عليها العائلة كلها بأوامر من الرئيس شيراك إلى وزير الداخلية آنذاك نيكولا ساركوزي. ولم يعد باستطاعة السفارة البريطانية إعطاؤه تأشيرة من دون جواز سفر أو بطاقة إقامة، ما أثار غضب الفرنسيين، وفق فليشتر. ويضيف أنّ وزارته أعطته تعليمات ليقول للفرنسيين إنّ بريطانيا لا نيّة لديها بمساعدة خدام، ولا تريد التعاطي معه بأيّ شكل من الأشكال، ولن تميّزه في موضوع التأشيرات لتسهيل عودة حفيده إلى بريطانيا. وأضاف فليتشر أن القضية حُلّت حين قدّم حفيد خدام جواز سفر أردنياً مجهول المصدر. وتشير البرقية إلى أنّ عائلة خدام حاولت الحصول على جواز سفر لبناني أو سعودي للحفيد، لكنّها فشلت. وقال فليتشر إنّ جمال خدام أصبح صديقه الجيد ويريد تعريفه إلى العائلة كلّها. وتتحدث برقية في 1 آذار 2006 (06PARIS1296) (تنشرها الأخبار لاحقاً) عن شكوك تتعلق باحتمال عدم سماح فرنسا لخدام بالعودة إلى أراضيها إذا سافر إلى الخارج، لكن المشكلة حُلّت لاحقاً. وتتناول تلك البرقية أيضاً موضوع تصريحات خدام، إذ يدافع مسؤول ملف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية، جان فرانسوا تيبو، عن موقف الحكومة الفرنسية بطلبها من خدام التوقف عن إطلاق التصريحات من فرنسا. ويضيف أن فرنسا لديها تقليد في استضافة المنفيين السياسيين شرط تحفظهم على إطلاق تصريحات تحرج الحكومة الفرنسية. وقال تيبو إنّ خدام لا يعامل بطريقة مختلفة عن المنفيين الباقين ومن ضمنهم ميشال عون.