بينما اختارت عدن، للمرّة الثانية، الاعتصام المدني والإضراب تعبيراً عن احتجاجها، عمّت التظاهرات، أمس، العاصمة صنعاء وتعز وأب (جنوب غرب) والحديدة، التي تقع على البحر الأحمر، حيث شارك عشرات الآلاف في المعركة السلمية لإسقاط الرئيس، التي انطلقت قبل شهرين، وقدّمت أكثر من 180 شهيداً للثورة، بحسب ما كشفت منظمة حقوقية.
وفي صنعاء، سار المحتجون في أحد الشوارع الرئيسية للمدينة وهتفوا بشعارات إسقاط علي صالح. ورفعوا الأعلام اليمنية وأعلام دول مجلس التعاون الخليجي الست، بما في ذلك قطر، التي أثارت غضب صنعاء، عندما أشار رئيس وزرائها الى أن الوساطة الخليجية تهدف الى التوصل الى حل يتنحّى بموجبه الرئيس اليمني، وهو ما دفع نظام علي صالح الى استدعاء السفير القطري لدى صنعاء احتجاجاً على التصريحات القطرية.
ونُظّمت تظاهرات مماثلة في تعز وأب والحديدة، حيث لم تسجَّل مواجهات مع قوى الأمن أمس، لكن يوم أول من أمس كان صاخباً، إذ قُتل متظاهر وأُصيب العشرات بالرصاص في تعز، التي شهدت «يوم غضب» طالب خلاله المتظاهرون بمحاسبة المسؤولين عن المجازر بحق المحتجين، فضلاً عن مئات الإصابات نتيجة الضرب والغاز المسيّل للدموع.
وقال مسؤول في المستشفى الميداني للمعتصمين في تعز إن «متظاهراً توفّي متأثراً بجروحه خلال الليل». فيما ذكرت مصادر طبية أنّ اشتباكات وقعت في تعز وصنعاء بين المتظاهرين والشرطة واستمرت حتى وقت متأخر ليل أول من أمس، وأدّت إلى إصابة 43 شخصاً بالرصاص في تعز، و30 شخصاً في صنعاء.
من جهة ثانية، أُصيب نحو 80 شخصاً في صنعاء بعدما ضُربوا بالهراوات، فيما عولج 1200 شخص جراء تنشّقهم الغازات، بينما أُصيب في تعز 29 متظاهراً بضرب الهراوات وعولج 580 آخرون بسبب تنشق الغاز. واعتُقل 20 شخصاً أيضاً في المدينة.
هذا وشلّ إضراب الحركة في مدينة عدن (جنوب) استجابةً لنداء تنسيقيّة «شباب ثورة 16 شباط» التي دعت سكان المدينة الى العصيان المدني، وعدم تسديد فواتير الماء والكهرباء، ودعت الموظفين الى الإضراب. وأغلقت المتاجر أبوابها في عدة أحياء وتوقفت وسائل النقل العمومية. وأقام الشباب المتاريس في عدة محاور طرق لمنع السيارات من المرور.
وهذا الاعتصام هو الثاني من نوعه الذي تشهده مدينة عدن في أقل من أسبوع في إحدى أهم المدن اليمنية وأكبرها، التي فيها أهم موانئ البلاد والمنطقة الحرة.
إلى ذلك، كشف الملتقى الوطني لحقوق الإنسان أن حصيلة شهداء الثورة اليمنية في 15 محافظة خلال شهرين بلغ 180 قتيلاً، بينهم أطفال، إضافةً الى 3282 جريحاً. وقال في ندوة في محافظة الحديدة «إن التظاهرات الاحتجاجية التي بلغت ذروتها خلال الشهرين الماضيين، واجهتها السلطات الحكومية بالقمع والاستخدام المفرط للقوة، في 15 محافظة يمنية». ورصدت 62 فعالية احتجاجية خلال شهري شباط وآذار الماضيين، منها 15 اعتصاماً مفتوحاً في 15 محافظة، هي صنعاء وتعز وعدن والحديدة وإب والجوف وشبوة وذمار وحجة ومأرب وعمران والمحويت والضالع وأبين والبيضاء.
في هذه الأثناء، قُتل ثلاثة أشخاص بينهم ضابط برتبة عقيد في الاستخبارات اليمنية، في هجوم واشتباكات مع تنظيم «القاعدة» في محافظة أبين الجنوبية. وقال مصدر طبي إن «مسلحَين من تنظيم «القاعدة» كانا يستقلان دراجة نارية أطلقا النار على العقيد ونجله أمام منزلهما في مدينة لودر ثم لاذا بالفرار». وأكّد أن العقيد توفي على الفور «متأثراً بإصابة قاتلة في الوجه، بينما أُصيب نجله صدام بطلقة نارية في اليد».
وقُتل شخصان أحدهما جندي وأُصيب آخرون، بينهم ضابط، بجروح في اشتباكات دارت فجر أمس بين الجيش اليمني وعناصر مفترضين من تنظيم «القاعدة» في بلدة جعار في نفس المحافظة، لكنّ مصدراً قبلياً قال إن وحدات الجيش انسحبت من منطقة المخزن التي شهدت المواجهات، وتمكّن المسلحون من مصادرة دبابة وتدمير أخرى.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)