تعهد حلف شماليّ الأطلسي فعل «كل شيء» لحماية المدنيين في مصراتة (غرب)، غداة إعراب الثوار عن خيبتهم من تدخله العسكري، بعد تعرّض أهل مصراتة لحرب إبادة من كتائب الزعيم الليبي معمر القذافي، فيما اتجه مقاتلو المعارضة صوب ميناء البريقة النفطي المتنازع عليه، واستعادوا أراضي أغلبها مناطق صحراوية، بعد سقوطها في يد قوات القذافي قبل يومين.وفي منطقة الأربعين الواقعة بين البريقة وأجدابيا على الطريق الساحلي المطل على البحر المتوسط، تحدث مقاتلون عائدون من الجبهة عن هجمات صاروخية قرب الميناء.
وأحرز المعارضون تقدماً واضحاً بعد تقهقرهم 40 كيلومتراً على الأقل.
في هذا الوقت، أكد المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي، مصطفى الغرياني، أن التراجع الميداني لا يثير القلق، مشيراً إلى جبهة البريقة، حيث خسر الثوار نحو 30 كيلومتراً في مواجهة قوات القذافي.
في هذه الأثناء، عينت الحكومة الليبية عبد العاطي العبيدي وزيراً جديداً للخارجية، بعد قيامه بجولة شملت اليونان وتركيا ومالطا، لمناقشة حلول للأزمة في بلاده.
وفي سياق الحديث عن دور تركي في ليبيا، قال دبلوماسيون أتراك إن وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، التقى عضو المجلس الوطني الانتقالي محمود جبريل، في قطر، أمس وبحث معه السبل الآيلة إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في ليبيا، كما أعرب له عن قلقه من حصول تظاهرات مناهضة لتركيا في مدينة بنغازي التي يسيطر عليها الثوار.
في غضون ذلك، طلب البيت الأبيض من العقيد القذافي، القيام بأفعال لا الاكتفاء بالأقوال إثر تسلم رسالة منه بعد إعلان واشنطن انسحابها من الحملة العسكرية على ليبيا.
وقال المتحدث باسم الرئيس باراك أوباما، جاي كارني، على متن الطائرة الرئاسية التي كانت تقل الرئيس إلى فيلادلفيا (شرق) «يمكننا تأكيد أن هناك رسالة (لأوباما)، وهي بالطبع ليست الأولى» من الزعيم الليبي.
ولم يفصح كارني عن مضمون الرسالة، لكنه ذكر أن أوباما يقول منذ أسابيع إن وقف إطلاق النار في ليبيا مرهون «بالأفعال لا بالأقوال وبإنهاء العنف». وقال المتحدث «الكلمات ليست مثل الأفعال».
من جهته، أعلن حلف الأطلسي أنه «سيفعل كل شيء لحماية المدنيين» في مصراتة، وقالت مساعدة المتحدث باسم الحلف، كارمن روميرو، تعليقاً على تصريح وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، الذي قال إن الوضع في مصراتة «لا يمكن أن يستمر»، إن «مصراتة هي بالطبع أولويتنا الأولى».
بدوره، أبدى قائد القوات الفرنسية المسلحة، الأميرال إدوار جيو، إحباطه من وتيرة عملية الحلف لحماية المدنيين. وقال في حديث لمحطة «أوروبا 1» الإذاعية: «أود أن تسير الأمور بخطى أسرع، لكن كما تعلمون جميعاً إن حماية المدنيين تعني عدم القصف بالقرب منهم».
وكان القائد العسكري للثوار الليبيين، عبد الفتاح يونس، قد أعلن في بنغازي أن الاطلسي «خيب ظننا فيه»؛ لأنه يترك «أهل مصراتة يموتون».
إلا أن نائب قائد عمليات الأطلسي في ليبيا، الأميرال راسل هاردينغ، قال إنه ما من سبب يدعو المعارضة الليبية إلى عدم الثقة في دعم الحلف لها. وأضاف أن«ليبيا تمتد على مساحة 800 ميل، وفي كل ذلك المجال الجوي الذي نهيمن عليه قد يحدث ألا يسمعنا أو يرانا أحد في منطقة أو اثنتين، ويمكنني أن أفهم كيف يمكن أن يؤدي هذا إلى انعدام ثقة».
وفي موسكو، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن بلاده ترغب في معرفة شكاوى المعارضة الليبية من الأطلسي، وإن كانت هذه الشكاوى تتطابق مع قرار مجلس الأمن.
من جهة أخرى، نفى المجلس الوطني الانتقالي أن يكون قد عرض تقديم اعتذار ودفع تعويضات عن الدور الذي أدته ليبيا في دعم الجيش الجمهوري الإيرلندي وتزويده بمادة استخدمت في تفجير طائرة لوكربي.
وكانت صحيفة «الغارديان» قد ذكرت أن محامي أسر ضحايا لوكربي وهجمات الجيش الجمهوري الإيرلندي، جيسون ماكيو، أعلن في بيان بعد اجتماعه مع قيادة المجلس الانتقالي في بنغازي، أن المجلس «وافق على دفع تعويضات».
من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية، أن مئات المرتزقة من بيلاروسيا يساعدون نظام القذافي على مواجهة ضربات حلف شمالي الأطلسي. وأفاد أحد هؤلاء الضباط للصحيفة بأنهم لا يشاركون في القتال، بل يعمل هؤلاء المرتزقة بصيانة المعدات العسكرية، ومنهم مستشارون ومدربون ومندوبون عن الاستخبارات العسكرية البيلاروسية.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)