أسوأ بس بشكل تاني
معليش خليني احكيك شوي بالفلسطيني؟ يعني الأمور اسهل بتصير: هون، بالسويد يعني يا صديقي، الحمدلله، الأوضاع احسن بكتير وباشياء أكثر بكثير من عندكم. وكيف بدي قلك؟ الدنيا ماشية مع إنّو في اشياء اسوأ، بس بشكل تاني! حتى الوقت بيمرق غير عن لمّا كنت بلبنان. بمخيمات لبنان بتشعر إنّو الوقت واقف، عن جد، وما بيتحركش صح. كل الناس إللي هون بيقولوك إنّو إحنا الفلسطينية مقبرتنا الدول العربية.
يا صديق، هاي الدول الغربية، بتعرف تستفيد من طاقاتك صح. وحتى بتلقّمك ثقافتها وعاداتها بطرق كثير مدروسة. بينما الدول العربية بتحدّ عقلها بإيدها. خليها على رب العباد.
من فترة يا صديقي، كنت قاعد هيك بتذكّر شوية بعض قصص شيطنة الطفولة إللي بتكون شي كبير للطفل بوقتها، وبيضحك عليها بعدين. بتعرف صديق؟ قديش مرق وقت على هاديك الأيام؟ والله اكتر من خمس وعشرين سنة! كنّا نروح نزور صديقنا سيف، متذكرو؟ وأنطّ من الشباك على الشجرة القريبة على علو ست طوابق، ونرجع بعدين نطلع لعندو قال، وندّق ع الباب.
ومرّة كنّا عم نلعب فوتبول عندي بالبيت بنص الممر، وشوّطت إنت الطابة بقوة قمت صبت ستفة الصحون إللي كانت اختي حامليتن، ووقعوا على الأرض واتكسّروا اكيد. يومها، إنت اعتذرت وبررت وحاولت تفلّ، بس ولا شي منعها تصيّح علينا وتبهدلنا. سألتها بعدين، قلتلها ليش ساويتي هيك؟ بتصدق إنّو قالتلي إنّو كان لازم تعمل هيك يعني لازم تغضب! قال: لأنو لو ما نهرتنا وقتها، ما كانتش قدرت تستحمل شيطنتنا بعدين! يا عمي كانت عامليتنا مفششة، واضحة السيرة! انا من فترة ذكرتها بالقصة، بترد بتقللي «كلّو إلا الغضب»! وبتقللي طاقة الولاد وشيطنتهن زيّ المي بمجراها، يعني حتى لو كتمتها بمطرح، ما بتنسد! بتطلع من مطرح تاني وبتقلب عليك. قلتلها عم تتفلسفي عليّ كتير هيك! ردت قالتلي: «... شوف شعبنا»!.
السويد ـــــ سامي عبدالعظيم

اما انا فبالفصحى..

كانوا يستيقظون الساعة الرابعة صباحاً، يتحممون ويرتبون شعرهم ويتأنقون بهندامهم، ثم يخرجون مع خروج الشمس الى النهار، ويعودون مع عودتها. وكان الفرد منهم يملك من الطاقة ما تحتاج له اعمال الأرض من نكش وحرث وتشحيل وتسميد وسقي وزراعة وحصاد وقطاف. أضف الى ذلك، ما كانت تحتاج له ايضاً من انتباه وحماية، من الحيوانات الضارية او من الإنسان الضاري والمعتدي.
منهم من اشترى بارودة. وعندما اصبحت كمية الضواري اكثر من المعتاد، علمنا هنا اننا خرجنا عن توازن الطبيعة حتى في ضواريها، فزيادة الضواري هنا كانت من صنع الإنسان. لذا تزايد الطلب على البارود للحماية. ومع تزايد الضواري ورغبتها المتزايدة بالأرض والمنزل والبستان وسفك دماء اصحاب الارض، وبحكم التوازن الطبيعي للذين كانوا يعيشون في الأرض متوازنين مع الطبيعة، ازداد المقاومون وظهر الفدائيون وازدادت الطاقة على المقاومة.
طاقة عجيبة أعطتها الأرض. كانت كلما كبر الهجوم، تكبر هذه الطاقة. ومع تكاثر ضواري المحتلين وتوسع الاحتلال ليشمل بيوتهم وبيوت جيرانهم القريبين فالأبعد فالأبعد، ومع تزايد غطرسة الاحتلال وارتكابه الفظاعات والمجازر، تحوّلت هذه الطاقة إلى ما أعطى هؤلاء الناس صفة «شعب الجبارين». وكانت هذه الطاقة تتزايد مع كل مولود جديد، والعكس ليس صحيحا، لأنها اي الطاقة، لا تنقص بل تتزايد مع موت احدهم. واستمرت هذه الطاقة بالنمو حتى بعد خروجهم من أرضهم واستمرارهم بالقتال علناً، او تسللا عبر حدود الدول المحيطة.
ولكن الطاقة منعت من الظهور لفترات طويلة، ولأسباب عديدة. ولأنه لا شيء يختفي بل يتحوّل، تماما كما فهمنا من علوم الكيمياء والطبيعة، تحوّلت هذه الطاقة الى الذات. فبرزت الخلافات الفلسطينية ــ الفلسطينية، وبرز ما يعرف بطاقة الموت بدل طاقة الحياة.
صدقت اختك يا رفيق. فالغضب إن لم يوجّه للخارج بالاتجاه المفروض ان يوجّه إليه، يفتك بالداخل. وظاهرة عدم المقاومة في ظل الاحتلال هي غير صحيّة ابدا. يا رفيقي اتذكّر ذلك اليوم يوم كسرنا الصحون وغضبت اختك، ولكن ألم تستفز هي بزيادة، لأن اباك كان لسبب ما غاضبا عليها من قبل؟
برج البراجنة ـــ شاهد عيان