الكويت | أتت رياح المحكمة الدستورية في الكويت، بما تشتهيه المعارضة، إذ أعلنت أمس، رفضها الطعن المقدّم من قبل الحكومة على تقسيم الدوائر الانتخابية، مؤكّدةً أنّ لا شائبة دستورية في التقسيم المعتمد حالياً، الذي ينصّ على اعتبار البلاد خمس دوائر. ورغم أنّ حكم المحكمة الدستورية يصبّ في مصلحة المعارضة التي كانت تخشى إعادة تقسيم البلاد انتخابياً، بشكل يمنعها من تكرار فوزها الكبير الذي حققته في انتخابات شباط الماضي، التي جرى إبطالها، فإن من شأن هذا الحكم أن يبرّد الأجواء السياسية، إذ سيلغي خطط المعارضة بمقاطعة الانتخابات وتنفيذ الاحتجاجات الشعبية وربما العصيان.
واعتبرت المحكمة في حيثيات حكمها، أن «ما ذكرته الحكومة في أسباب الطعن بقانون الدوائر لا يكشف بذاته عن عيب دستوري ولا يصلح سبباً بهذه المثابة للطعن بعدم الدستورية، لانحسار رقابة هذه المحكمة عنه»، مؤكدة أنها لا تملك «إلزام المشرع بتحديد عدد الدوائر أو تقسيمها على نحو معين، ولا يشكل تحديد القانون للدوائر بخمس دوائر مخالفة لنص الدستور».
ورغم أن المحكمة تركت للمشرِّع تحديد عدد الدوائر الانتخابية، إلا أنها أسقطت إمكانية اعتبار البلاد دائرة واحدة، حيث ذكّرت بعبارة في المادة 81 من الدستور تقول: «تحدّد الدوائر الانتخابية بقانون»، وبالتالي لا مجال لأن تكون البلاد دائرة واحدة، إلا بتعديل دستوري.
وكانت الحكومة قد أحالت إلى المحكمة الدستورية، في 15 من الشهر الماضي، الطعن بقانونية الخمس دوائر لـ«إخلاله بقيمة الصوت وافتقاره لمبدأ التوزيع المتقارب لأعداد الناخبين في الدوائر».
وفور صدور الحكم، أبدى نواب المعارضة ارتياحهم، معلنين في الوقت نفسه عزمهم على مواصلة المطالبة بحلّ مجلس 2009، الذي حكمت المحكمة الدستورية في حزيران الماضي، بعودته وبحلّ مجلس 2012.
ودعا النائب المعارض، مسلم البراك، الحكومة إلى الاجتماع بصورة عاجلة لحلّ مجلس 2009 الذي وصفه بـ«مجلس الخزي والعار الذي دخل مزبلة التاريخ»، مؤكداً عزم كتلة «العمل الشعبي» المعارضة على طرح مشروع قانون الدائرة الواحدة في أولى جلسات المجلس المقبل، رغم ما جاء في حكم المحكمة الدستورية.
ووجّه النائب المعارض، مبارك الوعلان، تحذيراً إلى الحكومة من محاولة الالتفاف على الحكم، داعياً إلى ضرورة حلّ مجلس 2009 والدعوة إلى الانتخابات، فيما اعتبر النائب الإسلامي المعارض وليد الطبطبائي الحكم بمثابة «انتصار لإرادة الأمة»، معزياً «شبيحة ومرتزقة الفقه الدستوري». كما أكدت المعارضة على الاستمرار في مطالبها الإصلاحية، وعلى رأسها الإمارة الدستورية والحكومة المنتخبة.
وبينما تلاقى العديد من نواب الموالاة مع المعارضة على الترحيب بحكم المحكمة الدستورية، أكد هؤلاء ضرورة عودة مجلس 2009. واعتبر النائب يوسف الزلزلة أن «استمرار مجلس 2009 أصبح دستورياً ويجب السماح له بممارسة مهامه». وأيّده النائب عدنان المطوع الذي دعا جميع نواب مجلس 2009 إلى «الانصياع لحكم حل مجلس 2012 وعوده مجلس 2009»، الذي فشل في الانعقاد مراراً لعدم توافر النصاب.
وكانت المعارضة قد حشدت أنصارها في تجمع نظمته في ساحة الإرادة وسط الكويت العاصمة، أول من أمس، حيث جددت التأكيد على مطالبها، مع التلويح بالعصيان المدني في حال قبلت المحكمة الدستورية الطعن المقدم من الحكومة. وشهد حراك المعارضة هذا، بعض المسيرات التي اتجهت نحو مقرّ مجلس الأمة، حيث أغلقت طريقاً رئيسياً لبضع دقائق، وأطلقت شعارات ضد رئيس الحكومة جابر المبارك الصباح.