الرياض ــ الأخبار في تطور بارز في المملكة التي تمنع حق التظاهر بموجب الدستور، اعتصم العشرات من أهالي المعتقلين السياسيين أمام هيئة حقوق الإنسان وسط العاصمة، الرياض، لأكثر من 24 ساعة، مطالبين بالكشف عن مصير أبنائهم. وبعدما اعتصموا بشكل متواصل لأكثر من 24 ساعة، مطالبين برفع الظلم عن أبنائهم المعتقلين منذ سنوات من دون أي تهم أو محاكمات، تدخلت القوات الأمنية لفض الاعتصام، بعدما اعتدت على إحدى النساء بالصعق الكهربائي والضرب، ما استوجب نقلها الى المستشفى.
والمعتصمون هم أقارب معتقلين سعوديين في أحد سجون منطقة القصيم شمالي الرياض، وبدأوا اعتصامهم أمام هيئة حقوق الإنسان أول من أمس، تزامناً مع مناسبة اليوم الوطني.
وبحسب ما أكد ناشطون، فإن الشرطة اعتدت على إحدى الناشطات من الأهالي وتدعى ريما الجريش بالصعق الكهربائي والضرب، نُقلت على أثره الى المستشفى. لكنّ أهلها عادوا وأكّدوا أنها بخير.
وكانت ريما الجريش قد أدلت بتصريحات للصحافيين قالت فيها إن «عناصر قوات الأمن جاؤوا قائلين: وصلت رسالتكم والآن تفرقوا. فغادرنا». وأضافت «لكننا فوجئنا بحاجز لقوات الطوارئ على مسافة كيلومتر أو أكثر عند النقطة الخارجية لسجن الطرفية (400 كيلومتر شمالي الرياض) وتعرض عناصره لنا بالضرب بالعصي الكهربائية كما اعتقلوا خمسة شبان».
وأوضحت الجريش أن زوجها «معتقل منذ أكثر من تسع سنوات دون اتهامه بأي شيء. إنها اعتقالات تعسفية لمجرد الاشتباه. فإذا كنت في استراحة وتحدثت في أمر لم يعجبهم فسيتم اعتقالك». وأشارت الى وجود «ما لا يقل عن 30 ألف معتقل» في السعودية، حيث تؤكد السلطات عدم وجود معتقلين سياسيين في سجونها. وقالت ريما «يحتفلون باليوم الوطني وأزواجنا في السجون يخضعون للتعذيب من دون توجيه أي تهم أو محاكمات».
وتابعت الجريش، التي يعمل زوجها ممرضاً، «أريد رؤيته، لقد مضى على آخر لقاء معه قرابة ثمانية أشهر، أريد أن أطمئن عليه»، موضحةً أن «بين المعتصمين نحو 60 رجلاً و45 امرأة و13 طفلاً».
بدورها، قالت إحدى المعتصمات «نقف هنا أمام سجن الطرفية، قرب القصيم، منذ عصر الأحد، ولن نتزحزح حتى تحقيق مطلبنا برؤية أقاربنا المعتقلين دون وجه حق». وأضافت «لقد حكمت المحكمة على شقيقي بالسجن ثلاث سنوات منذ أربعة أعوام وانتهت المدة، ولا يزال قابعاً في السجن، كما توفي شقيقي الآخر إبان فترة اعتقاله بسبب الإهمال الصحي». وأجابت، رداً على سؤال، «نعم، اعتقل أشقائي بناءً على ميولهم الدينية، أليس بوسعنا الدفاع عن ديننا؟ بأي شرع يحكمون؟».
وأظهرت لقطات فيديو انتشرت على موقع «يوتيوب» عشرات النساء والرجال والأطفال يرددون هتافات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين ويحملون لافتات يعرضونها على السيارات المارة، بينما تظهر بينهم سيارات للشرطة. وأعلن المعتصمون، أمام هيئة حقوق الإنسان في الرياض، أنهم يريدون فقط الاطمئنان على حالة أبنائهم وعلى أمورهم الصحية ومحاكماتهم. وأشاروا إلى أنهم توجهوا الى رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام، وقال لنا «اذهبوا إلى المحكمة، اذهبوا الى حقوق الإنسان، اذهبو إلى أي شيء». وأكدوا أنهم لا يعلمون التهم الموجهة الى أبنائهم. وقالوا إن بعض المعتقلين مضربون عن الطعام وحالتهم الصحية والإنسانية سيئة جداً، ويتعرضون للإهانات.
وخلال الاعتصام، كان هناك سجال مع بعض المحامين الذين حضروا في الاعتصام، فصرخ والد أحد المعتقلين بحسرة: «ابني معتقل منذ 10 سنوات من دون تهمة»، متسائلاً «هل ولدي هو سرطان؟».
ويأتي هذا الاعتصام عقب كشف حقوقيين سعوديين عن وفاة 13 معتقلاً في سجون المملكة، مطالبين بضرورة الكشف عن أسباب الوفاة. وأبلغت المصادر الحقوقية وكالة «الجزيرة» العربية للأنباء أسماء السجناء الذين توفوا في ظروف غامضة داخل سجون المباحث في المملكة أخيراً، مطالبين رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام بالكشف عن أسباب وفاتهم.
وتتهم منظمات حقوقية السلطات السعودية في السجون بممارسة التعذيب الشديد بحق السجناء، الأمر الذي ينتج منه الوفاة أو العجز أو المرض النفسي، إضافة الى احتجاز آلاف الاشخاص دون توجيه اتهامات إليهم أو محاكمتهم. وتقول إن السلطات تستغل خلافاتها مع المتشددين دينياً لسجن المعارضين السياسيين.
إلى ذلك، أعلنت صحف سعودية أن الملك عبد الله بن عبد العزيز سيعود اليوم (أمس) قادماً من المغرب لوضع الحجر الأساس لتوسعة المسجد النبوي في المدينة المنورة. وغادر الملك السعودي الى الدار البيضاء في زيارة خاصة في 27 آب الماضي. وقبل مغادرته، أوكل الملك (89 عاماً) ولي العهد الأمير سلمان (77 عاماً) إدارة شؤون البلاد في غيابه، للمرة الأولى.
يشار إلى أن الملك كان ألغى الاحتفالات بالعيد الوطني الـ82 للسعودية الذي صادف يوم أول من أمس الأحد.