فيما كانت الانظار تتجه نحو معرفة نتائج استجواب المجلس النيابي العراقي لرئيس الوزراء نوري المالكي، فجر الأخير مفاجأة بدعوته إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد. وقال المالكي، في بيان نشر على موقع رئاسة الوزراء أمس، إنه «حين يرفض الطرف الآخر الجلوس إلى طاولة المفاوضات، ويصر على سياسة إثارة الازمات المتلاحقة، فإن رئيس الوزراء وجد نفسه مضطراً إلى الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة». وفي موازاة الدعوة إلى تقديم موعد الانتخابات، التي من المفترض أن تجري في عام 2014، طالب بيان المالكي الأفرقاء السياسيين بالعودة «إلى الحوار القائم على أساس الدستور وإجراء الإصلاحات في جميع مؤسسات الدولة». من جهة أخرى، هاجم بيان المالكي رئيس المجلس النيابي، أسامة النجيفي، واتهمه بـ«اختصار» البرلمان بشخصه. وأكد بيان المالكي أنه «تساءل في تصريحاته عن الأسباب التي تمنع النجيفي من التصدي وإعطاء الأولوية لقضايا عديدة ينتهك فيها الدستور بشكل صريح كموضوع النفط والحدود والعلاقات الخارجية والاتهامات الموجهة لـ13 نائباً بقضايا إرهابية وقتل مدنيين أبرياء وآخرين متهمين بالتزوير وقضايا كثيرة أخرى».
وتابع البيان أن «ما يزيد في تعقيد الأمور ويضاعف العقبات التي تواجه عملية التعامل والتكامل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، محاولات النجيفي اختصار البرلمان بشخصه وقائمته من خلال أدائه الذي أقل ما يقال عنه أنه ليس محايداً وغير مهني»، موضحاً أن «من بين تلك المؤشرات الكثيرة التي تؤكد هذه الحقيقة هو توقيعه على ورقة أربيل باسم رئيس مجلس النواب، مع أن الآخرين اكتفوا بالتوقيع على تلك الورقة بالنيابة عن كتلهم السياسية».
وشدد المالكي على أن «السلطة التشريعية التي تمنح الشرعية لباقي السلطات بحاجة إلى حركة إصلاحية سريعة وقوية، حيث تدعم الحكومة بقوة تلك الإصلاحات، لكونها ملتزمة بما يقره الدستور في الرقابة ومساءلة الحكومة، على أن تكون بعيدة عن الدوافع السياسية».
وتعليقاً على دعوة رئيس الوزراء، أعرب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، عن أمله بألا تصل الأزمة السياسية إلى مرحلة الاضطرار إلى إجراء انتخابات مبكرة، مضيفاً «إننا نأمل أن تحل الأزمة عبر إجراء الإصلاحات».
بدوره، أوضح الأمين العام لكتلة الأحرار، التابعة للتيار الصدري، ضياء الأسدي، أن الانتخابات المبكرة «تتطلب وقتاً وتوافقاً من الصعب الحصول عليه في هذه المرحلة»، مشيراً إلى أن «التوافق الذي توافر للحكومة الحالية لا يمكن الحصول عليه في ظل هذه الظروف». وتابع «لذلك نحن نقول إنه ليس ملائماً حل البرلمان لأنه لن يكون في مصلحة الشعب».
من جهته، أكد النائب في القائمة «العراقية»، حيدر الملا، أن «القائمة، في حال أقدم رئيس الوزراء على تقديم طلب لحل مجلس النواب وموافقة المجلس عليه، فإنها ستحترم هذا الخيار الدستوري». وأضاف أن «العراقية مع أي خيار دستوري نص عليه الدستور العراقي، ولكنها أيضاً تطالب المالكي بأن يفهم الديموقراطية في اتجاهين، عندما تكون في صالحه وعندما لا تخدمه».
في المقابل، انتقدت رئاسة مجلس النواب العراقي، أمس، تصريحات المالكي التي أكد فيها أنه لن يكون هناك استجواب أو سحب ثقة منه قبل تصحيح عمل البرلمان. وشددت على ضرورة حضوره إلى الاستجواب عملاً بما يمليه الدستور، مؤكدة أن البرلمان هو السلطة الأعلى في البلاد. وأكدت هيئة الرئاسة، في بيان، ضرورة «احترام الدستور من خلال وجوب حضور الجميع في مجلس النواب للمساءلة أو الاستجواب عند طلب المجلس ذلك، وعدم المساس بالركيزة الأساسية للبناء الديموقراطي».
بدورها، وصفت القائمة «العراقية» دعوات الإصلاح التي أطلقها المالكي بأنها صفقات مؤقتة للخروج من الأزمة. وقال مستشار القائمة، هاني عاشور، في بيان، إن «دعوات الإصلاح إذا ما انطلقت من وجهة نظر طرف واحد من دون أن تمس مطالب الشعب وتتبناها فستكون أشبه بصفقات ومحاولات مؤقتة للخروج من الأزمة، كما أنها لن تكون أكثر من مضيعة للوقت ولن تغير شيئاً في طريق تطوير بناء الدولة».
وأضاف عاشور أن أساس الأزمة السياسية الحالية هو رفض الشراكة والتفرد بالقرار. ورأى أن وضع العراق بعد عشر سنوات من التغيير لا يزال متعثراً وضبابياً، لذلك لن يكون للإصلاح أي معنى من دون تشخيص المرض وإزالته، وأنه سيكون بمثابة الهروب من الأزمة وترحيلها.
ميدانياً، قتل 16 شخصاً وأصيب ما يزيد على عشرين آخرين بجروح في حوادث متفرقة في أنحاء البلاد.
(الأخبار، يو بي آي، أ ف ب)