أعلنت وزارة الدفاع السورية أمس وقف الأعمال العسكرية ضد «المجموعات الإرهابية المسلحة» اعتباراً من صباح اليوم، وهو الموعد الذي حدده الموفد الدولي الخاص كوفي أنان لكل الأطراف في سوريا لوقف العنف. ونقلت وسائل الإعلام السورية الرسمية عن مصدر مسؤول في وزارة الدفاع قوله «بعد تنفيذ قواتنا المسلحة مهامها الناجحة في مكافحة الاعمال الاجرامية للمجموعات المسلحة وبسط سلطة الدولة على أراضيها، تقرر وقف هذه الاعمال اعتباراً من صباح يوم غد الخميس». وأضاف «ستبقى قواتنا المسلحة الباسلة متأهّبة للرد على أي اعتداء تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة ضد المدنيين وعناصر حفظ النظام والقوات المسلحة والممتلكات الخاصة والعامة لحماية أمن الوطن والمواطن».
في الوقت نفسه، أعلن موفد الامم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي أنان من جنيف أنه تسلّم تعهّداً مكتوباً من النظام السوري بوقف العمليات العسكرية ابتداءً من الخميس. وقال المتحدث باسمه أحمد فوزي إن «كوفي أنان تسلم رسالة من وزير خارجية الجمهورية العربية السورية يبلغه فيها قرار وقف جميع الأعمال العسكرية في جميع الاراضي السورية ابتداءً من الساعة السادسة صباحاً، مع الاحتفاظ بحق الرد على أي اعتداء تقوم به المجموعات الارهابية المسلحة ضد المدنيين وعناصر حفظ النظام والقوات المسلحة والممتلكات الخاصة والعامة». وأضاف أن الأمين العام السابق للأمم المتحدة «سيواصل العمل مع الحكومة السورية والمعارضة لضمان التطبيق الشامل للخطة المؤلفة من ست نقاط، ويتطلع إلى الحصول على الدعم المتواصل للدول المعنية بهذا الخصوص».
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أن روسيا أخذت علماً بموافقة دمشق على وقف عملياتها العسكرية فجر الخميس. وقال في حسابه على موقع «تويتر» «الآن بات دور المعارضة المسلحة، بحسب شروط خطة أنان» للسلام. وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قد أبلغ الثلاثاء موسكو أن سلطات بلاده بدأت تنفيذ خطة أنان وسحب الآليات من بعض المدن.
وعشية دخول مهلة أنان حيّز التنفيذ، استمرت العمليات العسكرية الاربعاء في مناطق سورية عدة. وبعد وقت قصير من إعلان وقف الاعمال العسكرية، تجدد القصف من قوات النظام على مدينة الرستن في ريف حمص التي تحاول القوات النظامية اقتحامها، بحسب ما أفادت تنسيقية الرستن. وأشارت إلى اشتباكات على المدخل الشمالي للمدينة بين قوات النظام وعناصر الجيش السوري الحر. وتضم مدينة الرستن عدداً كبيراً من المنشقين، وقد اقتحمتها القوات النظامية قبل أشهر بعد معارك عنيفة، قبل أن تخرج منها وتحاصرها.
وقتل 14 شخصاً أمس في عمليات قصف واقتحامات وعمليات دهم وإطلاق نار في مدينتي حمص والقصير في محافظة حمص، وريف دمشق ودير الزور وريف اللاذقية، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. والقتلى هم 13 مدنياً وضابط منشق قتل في اشتباكات في جبل الأكراد في ريف اللاذقية. وشملت العمليات العسكرية أيضاً مناطق في ريف دمشق وحماة وريف حلب، بحسب ناشطين. في المقابل، أعلنت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن «مجموعة إرهابية مسلحة اغتالت العميد جمال الخالد بإطلاق الرصاص عليه خلال ذهابه إلى عمله بمنطقة عقربا في ريف دمشق». وأضافت أن «المجموعة الإرهابية» استهدفت سيارة الضابط نحو الساعة الثامنة صباحاً «ما أدى إلى استشهاده وسائقه المجند جنيد حسن المحمود». وأفيد عن تعزيزات عسكرية وأمنية في الزبداني وحرستا في ريف دمشق وبلدة معربة في درعا ومدينة الرقة. وفي تعليق على الإعلان السوري، قالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند «سنحكم على نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد من خلال أفعاله وليس أقواله»، مشكّكة في عزم النظام السوري على الوفاء بتعهداته التي قدمها إلى أنان.
ونقلت وسائل الإعلام التركية عن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قوله حول الموضوع السوري «لا تدفعونا إلى حدود قدرتنا. لا نريد أن نفكر في الدخول إلى هناك. لكن إن كانت من جهة قادرة على إجبارنا على قرار كهذا فهي النظام السوري». بدروها، أعربت الصين عن «قلقها العميق» من استمرار أعمال العنف في سوريا، ودعت دمشق إلى تطبيق خطة أنان الذي حذر أمس، بعد لقائه وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، من تسليح المعارضة السورية قائلاً إن «عسكرة الازمة السورية ستكون كارثية». وذكر صالحي من جهته أن «إيران تعارض التدخلات الأجنبية في شؤون أي دولة وترى أن أي تغيير في سوريا يجب أن يتم في ظل الحكومة» الحالية. بدوره، أعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي، أمس، عن اقتراح إيراني لحل الأزمة السورية يقوم على وضع آلية تجعل المعارضة توقف العنف، والدول الداعمة لها توقف إمدادها بالسلاح، وإجراء انتخابات برلمانية على أساس الدستور المعدّل. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا» عن جليلي، خلال لقائه أنان، أن الأزمة السورية يمكن أن تحلّ إذا احترمت جميع الأطراف القيم الديموقراطية. ونقلت وكالة «إرنا» عن أنان ترحيبه بالمقترح الإيراني، وقوله إن إحدى العقبات الرئيسية أمام مهمته هي أن بعض الدول تحاول تغيير النظام السوري، وهو ما يتعارض مع مهمته وأهداف الأمم المتحدة. كذلك بحث أنان مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد التطورات الأخيرة في المنطقة، وخصوصاً الأزمة في سوريا. وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» أن أنان ناقش خلال لقاء عقده مع نجاد في مطار جزيرة قشم جنوب البلاد التطورات في المنطقة. وأشارت إلى أنه خلال المحادثات راجع الطرفان التطورات الإقليمية والعالمية، وخصوصاً الأزمة السورية.
ويتوقع أن يعود أنان إلى جنيف، وأن يقدم إفادة إلى مجلس الأمن يوم الخميس بشأن الالتزام بوقف إطلاق النار. وقالت بسمة القضماني، المتحدثة باسم المجلس الوطني السوري، لرويترز، إنه إذا تقاعست سوريا عن احترام وقف إطلاق النار، فإنه يجب على العالم أن يتّحد ضد الرئيس بشار الأسد، وأن يستخدم حظر الأسلحة وعقوبات أخرى لإجباره على إنهاء العنف. إلى ذلك، أعلن نائب الأمين العام للجامعة أحمد بن حلي أنه «تقرر عقد اجتماع للجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية في الدوحة في الثامن عشر من الشهر الجاري برئاسة رئيس الوزراء وزير خارجية قطر، الشيخ حمد بن جاسم، لمناقشة تطورات الأوضاع في سوريا بعد أسبوع كامل على بدء موعد وقف إطلاق النار».
(سانا، رويترز، يو بي آي ، أ ف ب)