بدت إسرائيل أكثر قلقاً ممّا كشفته صواريخ إيلات عن توجه وتصميم على استهدافها، وذلك قياساً لما ألحقته هذه الصواريخ من خسائر مادية فعلية؛ وما فاقم القلق الإسرائيلي، في مقابل هذا النوع من العمليات التي تنطلق من منطقة سيناء، أنّها تضعها في موقع مُقيّد عن المبادرة ورد الفعل، وهو ما يمنح الأطراف الأخرى حرّية أوسع وقدرة أكبر على المبادرة.
هذا الواقع وضع إسرائيل أمام تحديات ومخاوف جديدة، ودفع مؤسستها الأمنية والعسكرية الى رفع لهجة التهديدات وإعطاء توجيهات عملانية جديدة، بحسب ما كشفته القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، التي أكدت أن تقديرات الوضع التي أجراها وزير الدفاع ايهود باراك مع القادة الأمنيين والعسكريين، خلصت الى تبلور توجيه جديد للقوات العاملة على الحدود الإسرائيلية ـــــ المصرية.
وبحسب القناة، فإنه بناءً على التوجيهات الجديدة، إذا شخَّصت القوات الإسرائيلية خلايا تخطط لتنفيذ عملية إطلاق صواريخ نحو اسرائيل، ينبغي المبادرة الى إحباط العملية المخطط لها، لكنها أضافت «لا يبدو أنهم يخططون الآن في الجيش للعمل على ردٍّ عاجل على الصواريخ التي استهدفت إيلات، بل يجري الآن تفكيك المعلومات الاستخبارية بهدف تحديد المسؤولين عما جرى». وأكدت القناة أنّ من مصلحة الجيش تهدئة المنطقة، لذلك لن يحصل ردّ الآن، وبالتأكيد ليس قبل عيد الفصح، خشية من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد.
على ضوء ذلك، أعلن رئيس أركان الجيش بني غانتس، أن اسرئيل تعرف «من يقف وراء الهجوم الأخير على إيلات جنوب الدولة العبرية»، واصفاً عملية اطلاق الصواريخ بالعمل «الخطير جداً». وفي محاولة لإضفاء طابع أكثر جدية على التهديدات والقدرات الإسرائيلية استشهد غانتس بجولة التصعيد الأخيرة بالقول «خلال التصعيد الأخير تسبب ردنا بضرر كبير للمنظمات الإرهابية على نحو مركّز». وأضاف «لقد برهنّا مجدداً أنّ بمقدرونا حماية حياة مواطني اسرائيل، وضرب من يريدون أذيتنا بقوة». وفي رسالة ضمنية الى حزب الله، بحسب القناة نفسها، قال «في مناطق أخرى، تقف دولة اسرائيل أمام مفترق طرق حاسم ذي أهمية استراتيجية كبيرة جداً، أعيننا مفتوحة وسنتخذ أيّ خطوة مطلوبة بغية الحفاظ على أمن مواطنينا». في غضون ذلك، ذكرت صحيفة «معاريف» أن المؤسسة الأمنية فوجئت بعملية اطلاق الصواريخ باتجاه ايلات. ونقلت عن مصدر قيادي رفيع في القيادة الجنوبية تأكيده قبل العملية الصاروخية أنه «في ما يتعلق بالتهديدات من سيناء ليس هناك انذارات عن عمليات في المدى الفوري من سيناء باتجاه اسرائيل، والتقدير أيضاً أن المنظمات الإرهابية لن تطلق قذائف قوسية باتجاه اسرائيل انطلاقاً من سيناء، كما يفعلون من قطاع غزة».
ورأت الصحيفة أن هذه التقديرات تدل على الصعوبات الكبيرة التي تواجه اسرائيل في الحصول على معلومات استخبارية بشأن ما يجري في سيناء، كما أقرت بذلك جهات عسكرية بنفسها. وأضافت إنهم «في المؤسسة الأمنية شخّصوا في الفترة الأخيرة اتجاهاً لفصائل المقاومة نحو نسخ نشاطاتهم من غزة الى سيناء، ومن هناك باتجاه اسرائيل». ورأت أنّ أسباب ذلك تعود الى الانتقال الحر تقريباً، من غزة الى سيناء، وأن اسرائيل لا تستطيع أن تسمح لنفسها، على الأقل على نحو علني، بإحباط أيّ نوع من العمليات داخل سيناء، كما فعلت ذلك في قطاع غزة بسبب العلاقات مع مصر. في المقابل، أكّد رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، اسماعيل هنية، أنه «لا صلة للفصائل الفلسطينية بالقصف الذي استهدف مدينة ايلات». وقال «الحكومة الفلسطينية تتابع هذا الموضوع، وأكدت لكافة الفصائل الفلسطينية ضرورة التقيد والبقاء في داخل الإطار الفلسطيني والساحة الفلسطينية، وكل التأكيدات التي وصلتنا من القوى الفلسطينية تفيد أن لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بما جرى».