ركّزت القمة العربية في بغداد أمس على مناقشة الأزمة السوريّة، لكنها اشارت الى ما يجري في فلسطين من انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان، معتبرة أن القدس الشرقية المحتلة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وأكد قادة الدول العربية في ختام قمة بغداد مساء أمس ضرورة اجراء حوار بين الحكومة السورية والمعارضة، معربين عن ادانتهم لخروقات حقوق الانسان في سوريا، حسبما نشره موقع «روسيا اليوم» الالكتروني.
وقال البيان الختامي للقمة بعنوان «اعلان بغداد»، إن القادة العرب يدينون «الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان في حق المدنيين السوريين»، معتبرين ان «مجزرة بابا عمرو المقترفة من الاجهزة الامنية والعسكرية السورية ضد المدنيين جريمة ترقى الى الجرائم ضد الانسانية».
ودعا البيان الحكومة السورية وكافة أطياف المعارضة إلى «التعامل الايجابي مع المبعوث المشترك (كوفي آنان) لبدء حوار وطني جاد يقوم على خطة الحل التي طرحتها الجامعة وقرار الجمعية العامة للامم المتحدة».
كذلك طالبت القمة الحكومة السورية «بالوقف الفوري لكافة أعمال العنف والقتل، وسحب القوات العسكرية والمظاهر المسلحة من المدن والقرى السورية واعادة هذه القوات الى ثكنها من دون أي تأخير».
وشدد القادة العرب على موقفهم «الثابت في الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها وسلامتها الاقليمية وتجنيبها أي تدخل عسكري».
ودان «اعلان بغداد» الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني وعلى الأراضي العربية المحتلة بشدة، مؤكدين على «ضرورة تفعيل القرارات العربية والإسلامية والدولية في مواجهة ممارسة القمع والانتهاكات الإسرائيلية في غزة وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة».
واعتبر القادة العرب «المصالحة الفلسطينية ركيزة أساسية ومصلحة عليا للشعب الفلسطيني»، داعين القيادة الفلسطينية إلى الالتزام بتنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية الموقع في القاهرة بتاريخ الرابع من أيار 2011 وإعلان الدوحة بتاريخ السادس من شباط 2012 لوضع حد للخلافات والانقسام الفلسطيني الداخلي وتوحيد الجهود من أجل إجراء انتخابات جديدة وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وثمّن القادة العرب «الجهود المبذولة لإنجاح تلك المصالحة واستمرارها على أسس من الحوار والتفاهم المشترك».
كذلك أعربوا عن دعمهم الكامل لمدينة القدس وأهلها، مؤكدين أن «القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وأن جميع الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي باطلة قانوناً ولا يترتب عليها إحداث أي تغيير على وضع المدينة القانوني كمدينة محتلة ولا على وضعها السياسي باعتبارها عاصمة لدولة فلسطين».
وشدد البيان الختامي على «ضرورة التوصل إلى حل عادل للصراع العربي- الإسرائيلي على أساس الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية»، «الذي لن يتحقق إلا من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والانسحاب من كافة الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، بما في ذلك الجولان السوري، حتى خط الرابع من حزيران 1967، والتوصل لحل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين بما في ذلك حق العودة ورفض كافة أشكال التوطين والتأكيد على إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية».
ورحّب القادة العرب «بالتطورات المهمة التي شهدتها ليبيا»، وأكدوا على «الدعم القوي للجهود المبذولة من جانب المجلس الوطني الانتقالي والحكومة الليبية لتحقيق الأمن والاستقرار اللازمين للانتقال بليبيا إلى إقامة دولة ديموقراطية تحقق العدل والمساواة والحرية والرخاء لجميع أبناء الشعب الليبي وبما يضمن وحدتها أرضاً وشعباً، ودعم الإجراءات المبذولة من جانب الحكومة الليبية لإعمال حكم القانون وحق الشعب الليبي في استرداد أمواله».
كذلك أكدوا على «دعم السودان الشقيق في مواجهة كل ما يستهدف النيل من سيادته وأمنه واستقراره، وثمّنوا إيفاء السودان بمستحقات السلام في إطار اتفاقية السلام الشامل».
وحثّ القادة العرب الدول الأعضاء ومؤسسات العمل العربي على «تكثيف جهودها المادية والفنية لدعم الاقتصاد السوداني في مواجهة تداعيات انفصال جنوب السودان، ومعالجة ديون السودان الخارجية بشكل ثنائي أو في إطار المبادرات الدولية، وبذل الجهود العربية للعمل معها على رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان».
ووجّه القادة العرب التهنئة للشعب اليمني الشقيق بنجاح الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس عبد ربه منصور هادى، وأشادوا بعملية انتقال السلطة، مؤكدين ضرورة تقديم الدعم اللازم لليمن في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والسياسية والتنموية، والعمل على توفير الخبرات اللازمة لمساعدته في إزالة الأضرار وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.
وتطرق البيان الختامي الى الإعلام، حيث أكد القادة العرب «أهمية الإعلام بكافة وسائله، بما فيه الإعلام الرقمي لما له من دور وتأثير كبيرين والتقيد بالموضوعية والصدقية من دون مساس بحرية التعبير والرأي، ودعوا إلى نبذ الإعلام المحرض الذي يشيع روح الكراهية والتفرقة والطائفية والتكفير وازدراء الأديان».
وفي ما يتعلق بالأسلحة النووية في المنطقة، ذكر «إعلان بغداد» أن الدول العربية جميعها «انضمّت إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في حين ما زالت إسرائيل ترفض الانضمام لتلك المعاهدة الهامة وغيرها من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وترفض إخضاع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشاملة التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وذكّر القادة العرب كذلك «بموافقة الدول العربية على جميع القرارات الصادرة منذ عام 1974 بشأن جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل».
وأكد «إعلان بغداد» أن «وجود أسلحة نووية في المنطقة يمثل تهديداً خطيراً للأمن العربي والإقليمي والدولي، وأن إخفاق مؤتمر 2012 في تحقيق أهدافه سيدفع الدول العربية إلى البحث عن خطوات لضمان أمنها».
وفي ما يتعلق بالخلافات العربية، دعا القادة العرب إلى «تحقيق التكامل الاقتصادي العربي للنهوض باقتصادات الدول التي شهدت هذه التغيرات، مما يتطلب دعماً عربياً يؤمن مستقبلاً آمناً وزاهراً لأجيالها».
وأشاد القادة العرب «بالتطورات والتغييرات السياسية التي جرت في المنطقة العربية، وبالخطوات والتوجهات الديموقراطية الكبرى والتي رفعت مكانة الشعوب العربية وعززت من فرص بناء الدولة على أسس احترام القانون وتحقيق التكافل والعدالة الاجتماعية. وحيّت القمة الشعوب التي قادت هذه الخطوات».
كذلك أعلن القادة العرب في إعلان بغداد «التزامهم بالتضامن العربي والتمسك بالقيم والتقاليد العربية النبيلة، والحفاظ على سلامة الدول العربية كافة واحترام سيادتها وحقها المشروع في الدفاع عن استقلالها الوطني ومواردها وبناء قدراتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية».
وشدد القادة العرب على «ضرورة تسوية الخلافات العربية بالحوار الهادف البنّاء وبالوسائل السلمية، والعمل على تعزيز العلاقات العربية-العربية وتمتين عراها ووشائجها والحفاظ على المصالح القومية العليا للأمة العربية».
ومن ناحية ثانية، أدان القادة العرب «الإرهاب بكافة صوره وأشكاله وأياً كان مصدره ومهما كانت دوافعه ومبرراته»، مؤكدين «ضرورة العمل على اقتلاع جذوره وتجفيف منابعه الفكرية والمالية وإزالة العوامل التي تغذيه، ونبذ التطرف والغلو، والابتعاد عن الفتاوى المحرضة على الفتنة وإثارة النعرات الطائفية، وحث المؤسسات العربية المعنية على زيادة التنسيق في ما بينها لمكافحته».
وأكدوا «ضرورة إتاحة الفرص أمام جيل الشباب لتمكينه من المشاركة الفاعلة في المجتمع، وتوفير فرص العمل له وتطوير العمل العربي المشترك في إقامة المؤسسات التي ترعى مصالح الشباب ودورهم المؤثر في صنع مستقبل بلدانهم».
وشددوا على «مبادئ حقوق الإنسان وضمان حقوق مواطني الدول العربية في المساواة في حق الانتخاب والتنمية والصحة والتعليم».
وأشاروا الى «ضمان حقوق المرأة وتفعيل العلاقات بين المنظمات النسوية في البلدان العربية، والعمل علي تقوية أواصر الأسرة العربية وضمان حقوق الأقليات السياسية والثقافية، وحرية ممارستهم طقوسهم الدينية واحترام تقاليدهم ورعاية مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية».
ودعا «إعلان بغداد» الى تكثيف الحوار بين الأديان والحضارات والشعوب، وإرساء ثقافة الانفتاح وتفعيل التعاون والتنسيق بين المؤسسات الثقافية العربية، وقبول الآخر ودعم مبادئ التآخي والتسامح ونبذ التطرف والابتعاد عن الفتاوى المحرضة على الفتنة، واحترام القيم الإنسانية التي تؤكد على حقوق الإنسان وتعلي كرامته وتصون حريته.



(الأخبار)