الجزائر | شهدت حملة الانتخابات البرلمانية الجزائرية المقرر إجراؤها في العاشر من أيار المقبل مبادرة غير مسبوقة منذ استقلال البلاد عام 1962؛ إذ بادرت مجموعة من النساء في ولاية تيارت بتقديم قائمة انتخابية مستقلة خالية من الرجال، لينافسن على طريقتهن الخاصة عشرات القوائم التي تقدمت بها الأحزاب السياسية للتنافس على مقاعد الولاية في البرلمان. القائمة تقودها عباسية بن موهوب (55 سنة)، التي تحمل شهادة دكتوراه في الإدارة الاستراتيجية من الجامعات البريطانية. هذه المناضلة النسائية قضت 35 عاماً في المهجر، وعادت أخيراً للاستقرار في الجزائر، واختارت أن تباشر إقامتها بخوض هذه التجربة الفريدة من نوعها، التي أُعلنت في مناسبة عيد المرأة العالمي، في لفتة رمزية تهدف إلى تسليط الضوء على الهيمنة الذكورية على الحياة السياسية في الجزائر.
وتضم القائمة نساءً من مختلف الفئات والمستويات التعليمية، بينهن من يشتغلن في التعليم والهندسة والطب والإدارة والقضاء وغيرها من القطاعات الاقتصادية الحيوية، إلى جانب العديد من الناشطات في الحركة الجمعوية والنقابية.
وقالت بن موهوب، بعد الإعلان الرسمي للائحتها الانتخابية، «إن المرأة الجزائرية حاضرة بقوة في كل القطاعات المهنية، وتساهم بمستويات عالية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وحان الأوان لأن يُترجم هذا الحضور أيضاً على الساحة السياسية». وعن المغزى السياسي لاختيارها قائمة نسائية 100 في المئة، تقول: «هي في كل الأحوال تجربة، سواء نجحت انتخابياً أو فشلت، فإنها ستبقى تجربة جديرة بأن تعاش. ولطالما شهدت الاستحقاقات الانتخابية في بلادنا آلاف القوائم الرجالية التي لا توجد ضمنها أي امراة. وكان المجتمع والطبقة السياسية يعدّان ذلك أمراً عادياً لا يكاد يثير الانتباه. لذا، أردنا بقائمتنا أن نخرق الهيمنة الذكورية الطاغية على الأعراف السياسية. ونأمل أن تتعمم التجربة من خلال ظهور قوائم مماثلة مستقبلاً».
تجدر الإشارة إلى أن قوائم الانتخابات في الجزائر تكاد تخلو من النساء، وإن وجدت عناصر نسائية، فإنها تُدرج في المراتب الأخيرة، بما لا يترك لها في الغالب أي حظوظ الفوز. وفي البرلمان الجزائري الحالي لا يزيد عدد النساء على 30 امرأة من أصل 389 نائباً، أي بنسبة لا تتجاوز 7 في المئة. ومن بين هؤلاء البرلمانيات 11 نائبة من «حزب العمال» التروتسكي، الذي يمثّل استثناءً على الساحة الجزائرية، حيث تقوده امرأة هي المناضلة النسائية اليسارية لويزة حنون، التي امتدح زعيم جبهة «الإنقاذ» الإسلامية، الشيخ علي بلحاج، في التسعينيات، تصلب مواقفها ضد النظام، قائلاً: «لويزة حنون هي الرجل الوحيد في المعارضة الجزائرية».
ولم تثر مبادرة القائمة النسائية أي ردود فعل سياسية حتى الآن، لكونها تجربة وحيدة ومحدودة. لكن احتمالات ظهور مبادرات نسائية مماثلة جديدة بعد الصدى الإعلامي الذي لقيته هذه السابقة، من شأنها أن تجعل منها ظاهرة سياسية مثيرة للجدل، في بلد مثل الجزائر التي لا تزال غير مستعد للرقي بدور المرأة على الساحة السياسية. فالتشريعات في بلد المليون شهيد تعد الأكثر إجحافاً بحق النساء من بين الدول المغاربية.
وُيعدّ قانون الأسرة التشريع الوحيد المستوحى من الشريعة الإسلامية وفق رؤاها الأكثر تشدداً، حيث تراه الحركات النسائية غير منصف في ما يتعلق بأحكام الزواج والطلاق وحاضنة الأولاد. لكن لا أحد يلتزم التضييقات على سفر المرأة في هذا القانون؛ لأنها لا تليق ببلد علماني مثل الجزائر.