تونس | فضيحة جديدة تتعلق بالمجلس الوطني التأسيسي في تونس، كشفها الأمين العام لحزب الانفتاح والوفاء،‌ البحري الجلاصي، بداية الأسبوع، في وقت لا يزال الحوار الوطني فيه متوقفاً، بينما تراجعت حركة النهضة عن مشروع تنقيح النظام الداخلي الذي يمنحها سلطات واسعة في تقرير الجلسات العامة للمجلس. وفي تطورات الفضيحة التي عصفت بالمجلس التأسيسي، قال الجلاصي إنه سلم مبالغ مالية وسيارات لعدد من أعضاء المجلس حتى يلتحقوا بحزبه، لكنهم تنكروا له وتخلوا عن حزبه والتحقوا بحزب آخر مقابل مبالغ مالية أخرى.
واستند الجلاصي الى إيصالات وعقود مثبتة الإمضاءات في البلدية لمبالغ تتراوح بين ٣ آلاف و٨ آلاف يورو. وطالب الجلاصي هؤلاء النواب بتسليمه ما سلمه لهم من أموال ومعدات وضعها على ذمتهم في مقار «الانفتاح والوفاء».
وقدّم الجلاصي قائمة بأسماء هؤلاء النواب الذين لوحظ أن كلهم من المتمسكين بالشرعية. فضيحة أكدت ما يُشاع عن سوق البيع والشراء والسياحة بين الأحزاب التي قام بها عدد من النواب منذ انتخابهم في ٢٣ تشرين الأول ٢٠١١.
في غضون ذلك، طالب بعض الناشطين والحقوقيين النيابة العامة بفتح دعوى قضائية ضد النواب المتهمين وضد الجلاصي، على اعتبار أن القانون التونسي يجرّم الراشي والمرتشي، بينما اعتُبِرت هذه الفضيحة دليلاً آخر على خيبة التونسيين في المجلس التأسيسي الذي يحمّله جزء كبير من التونسيين مسؤولية ما انتهت اليه البلاد من انهيار، باعتباره السلطة العليا في البلاد.
من جهته، نفى أحد النواب المتهمين، طارق بوعزيز، ما ادّعاه الجلاصي، وقال إن الحزب الجديد الذي انتمى اليه (الحركة الجمهورية) سيقاضي رئيس حزب الانفتاح والوفاء. وقال إنه محتال واتهمه بتبييض الأموال. وأكد بوعزيز أن الجلاصي كان ينوي استعمال النواب والحزب في تبييض أموال طائلة تقدر بـ٢٠٠ الف يورو آتية من الخارج من جهات مشبوهة. وفي سياق متصل، سحبت كتلة «النهضة» في المجلس التأسيسي مشروع تنقيح النظام الداخلي الذي يمنحها سلطات واسعة في تقرير الجلسات العامة للمجلس. التنقيح الذي اعتبرته المعارضة انقلاباً على سلطة المجلس واشترطت التراجع عنه للعودة الى الحوار الوطني والى المجلس.
ورغم سحب كتلة «النهضة» لمشروع التنقيح، ما زال الحوار الوطني متوقفاً، إذ جددت الحركة التي تهيمن على الترويكا الحاكمة، على لسان زعيمها راشد الغنوشي، تمسكها بأحمد المستيري كمرشح وحيد لرئاسة الحكومة، وذلك بعد ساعات من عودة الغنوشي من الجزائر ولقائه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. واعتبرت المعارضة هذا التصريح دليلاً آخر على انعدام جدية «النهضة» في البحث عن وفاق، إذ إن أغلب مكونات الحوار الوطني ترفض المستيري بسبب قربه من الحركة الاسلامية وعمره الذي قارب التسعين.
أما على المستوى الأمني، فقد تواصلت انفجارات الألغام في جبال الشعانبي، فيما تطارد قوات الأمن والجيش بؤر الإرهاب النائمة على الحدود، خاصة مع ليبيا والجزائر، إذ تم العثور على كميات جديدة من الأسلحة في مدينة بنقردان على الحدود مع ليبيا.
تبقى تونس رهينة تعنّت كل طرف، بعدما عادت حركة النهضة إلى التمسك بالمستيري مرشحاً لها لرئاسة الحكومة، وشل خارطة الطريق الذي كان يفترض أن تنهي الأزمة آخر هذا الشهر. لكن الى حدّ الآن لم يُطبّق أي بند منها.