بغداد | دعا رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي إلى إصلاح صورة العلاقات بين العراق وتركيا، مشيراً إلى أن التحديات المحدقة بالمنطقة تتطلب تكاتف الجميع، فيما أشار زعيم حزب «الشعب الجمهوري التركي» كمال كيليتشدار أوغلو إلى أن حزبه يعارض سياسة الحكومة التركية بالتدخل في شؤون الدول الأخرى. وأضاف المالكي على هامش لقائه كيليتشدار أوغلو، أن «العراق يسعى إلى بناء علاقات صداقة واحترام ومصالح مشتركة مع جميع دول العالم، ولا سيما الدول المجاورة»، موضحاً أن «العلاقات بين الدول ثابتة والقضايا الأخرى تتغير وتزول»، ومؤكداً أن «العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين في اتساع».
ودعا إلى «إصلاح صورة العلاقات الثنائية بين البلدين؛ لأن التحديات المحدقة بالمنطقة تتطلب تكاتف الجميع لأنها لا تقتصر على جهة دون أخرى».
من جانبه، أكد كمال كيليتشدار أوغلو أن «أمن العراق واستقراره من أمن تركيا واستقرارها»، مبيناً أن «عراقاً قوياً ومستقراً سيكون صمام أمان للمنطقة ولتركيا أيضاً».
وأضاف أوغلو أن «حزب الشعب الجمهوري عارض سياسة الحكومة التركية الحالية الجانحة نحو التدخل في شؤون الدول الأخرى»، لافتاً إلى أن حزبه «عارض سياسة حكومتنا إزاء الأزمة السورية ويجب أن نتعلم من الدرس السوري»، عادّاً زيارته الحالية لبغداد أنها «تأتي لدعم العلاقات بين البلدين وتطويرها على كل المستويات»، مرحباً بـ«استعداد الحكومة العراقية للتعاون مع الشركات التركية ورجال الأعمال الذين رافقوه في هذه الزيارة».
وكان زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض قد وصل أمس إلى العاصمة بغداد تلبية لدعوة من رئيس الحكومة نوري المالكي لتعزيز العلاقات بين البلدين. وفور وصوله عقد كيليتشدار أوغلو اجتماعات مع مستشار الأمن القومي العراقي فالح الفياض ووزير الخارجية هوشيار زيباري، وتحدث بعد ذلك لمجموعة من المثقفين والسياسيين العراقين في مركز «النهرين للدراسات الاستراتيجية». وتناولت مباحثات كيليتشدار أوغلو مع المسؤولين العراقيين مجمل التفاصيل الخاصة بالعلاقات التركية - العراقية والتطورات الإقليمية، ولا سيما الوضع في سوريا وخطر الجماعات الإرهابية هناك وفي المنطقة عموماً.
المسؤولون العراقيون شكوا من جهتهم سياسات رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان تجاه العراق والمنطقة ووصفوها بالطائفية والاستفزازية والعدائية. وأشار المسؤولون إلى احتضان حكومة أردوغان لنائب الرئيس العراقي المحكوم بالإعدام، طارق الهاشمي وعدد من الملاحقين العراقيين قضائياً، واتهم البعض منهم الحكومة التركية بدعم وتدريب الجماعات العراقية الخارجة عن القانون.
وفي ما خص الوضع في سوريا، شدد المسؤولون العراقيون لضيفهم التركي على خطورة سياسات حكومة رجب طيب أردوغان في سوريا، ولفتوا إلى أنها أدت الدور الأساسي في ظاهرة التطرف الديني ذي الطابع الإرهابي في سوريا الذي انعكس على المنطقة. وعبّر المسؤولون عن عدم ارتياحهم لسياسات تركيا في موضوع تقاسم مياه نهري دجلة والفرات، وأكدوا ضرورة التزام القوانين والمعاهدات الدولية.
من جهته، وصف كيليتشدار أوغلو سياسات حكومة أردوغان ذات الملامح العثمانية المذهبية بالخيالية والخطيرة، موضحاً أنه بتسلم حزبه للسلطة، ستسعى تركيا إلى إقامة أحسن العلاقات مع دول الجوار بعيداً عن كافة أنواع التدخل بالشؤون الداخلية لهذه الدول.
وشدد كيليتشدار أوغلو في كلمة له في مركز «النهرين للدراسات» على أن حل المشكلة الكردية في المنطقة يجب أن لا يكون على حساب أمن دول المنطقة وسيادتها ووحدتها.
ويرافق زعيم حزب «الشعب الجمهوري التركي»، نائب زعيم الحزب فاروق لو أوغلو وجورسال تكين وأردوغان توبراك ونائب رئيس مجموعة الحزب في البرلمان عاكف حمزة باشي والنواب عثمان كوروترك وخورشيدغونيش وعلي أوزغوندوز وجاندان يوجاآر وعدد من رجال الأعمال، بالإضافة إلى وفد صحفي.
وتأتي زيارة كيليتشدار أوغلو للعراق في إطار انفتاح الحزب على دول المنطقة؛ إذ من المقرر أن يزور إيران وبعض دول المنطقة، وبعد ذلك أميركا. وتعرض كيليتشدار أوغلو لانتقاد عنيف من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بسبب زيارته العراق، وحذرته وزارة الخارجية التركية رسمياً من أنها لن تتحمل مسؤولية ما قد يواجهه الوفد التركي من مخاطر جدية خلال الزيارة بسبب التفجيرات والهجمات التي تشهدها المدن العراقية. ومن المتوقع أن يتحدث زعيم حزب «الشعب الجمهوري» اليوم في جلسة البرلمان العراقي، وسيزور مدينتي النجف وكركوك ويلتقي القيادات التركمانية العراقية.