مع سقوط حكم «الإخوان المسلمين» في مصر، برز السؤال حول التداعيات التي يمكن أن تخلفها تطورات الساحة المصرية المتلاحقة على اتفاقية كامب ديفيد والالتزامات التي تقيّد السياسة الخارجية للدولة المصرية، خصوصاً أن هناك من قدّر أن التباينات في الساحة المصرية محصورة في الشأن الداخلي. لكن الحملة التي تقودها حملة «تمرد» المصرية، بهدف جمع التواقيع لإلغاء اتفاقية كامب ديفيد، لاقت أصداءً قلقة في تل أبيب. قلق دفع صحيفة «إسرائيل اليوم»، المقربة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الى القول إن الحملة تعكس المفارقة التي يشهدها الشرق الاوسط، إذ على الرغم من أن «الإخوان» لا ينتمون الى «محبّي صهيون»، لكنّ هناك أمراً واحداً حرصوا عليه حين تسلموا الحكم في مصر، وهو ألا يهددوا اتفاقية السلام مع مصر. أما الآن، فإن الليبراليين هم من بدأوا يجمعون التواقيع لإلغاء الاتفاقية. ولفتت الصحيفة الى أنه كان بالإمكان تجاهل هذه الحملة لو لم تصدر عن حركة «تمرد» التي بدأت بدحرجة كرة الثلج التي أسقطت محمد مرسي، إضافة الى أن المطالبة بفك الارتباط مع إسرائيل جزء من حملة أوسع، تطالب بوقف المساعدات الأميركية في أعقاب العقوبات التي تتخذهاواشنطن تجاه الجيش المصري.

ونقلت الصحيفة الاسرائيلية عن محفل سياسي إسرائيلي قوله إن حقيقة وجود محافل في مصر تحاول الدفع قدماً في هذا الموضوع الآن بالتحديد، وصدور الدعوة من جانب عناصر تسمي نفسها «ليبرالية»، تدل أكثر من أي شيء على أنّ سلم الأولويات في مصر مشوّش لا بل غريب. ورأت أن للحملة التي تقودها حركة «تمرد» ضد الولايات المتحدة وإسرائيل فرصة لا بأس بها، لأن بعضاً من مؤيدي الإخوان المسلمين في الشوارع لن يترددوا في التوقيع عليها الى جانب الليبراليين.
في سياق متصل، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن حملة «تمرد» تهدّد بجمع عشرين مليون توقيع اعتراضاً على المساعدة الأميركية لمصر، وتأييداً لإلغاء معاهدة السلام. ولفتت من يستخف بقدرتهم إلى أن يتذكر الـ17مليون توقيع التي جمعوها ضدّ مرسي. وحذّرت من أنّه ينبغي ألا يُفاجأ أحد إذا بدأت علامات السلام مع مصر تتلاشى واحدة بعد أخرى.
الى ذلك، عقد المجلس الوزاري المصغر اجتماعاً سرياً برئاسة نتنياهو، لبحث التطورات الأمنية في مصر. وبحسب صحيفة «هآرتس»، استمر الاجتماع ساعتين، تلقى خلالها الوزراء تقارير من كبار مسؤولي الأجهزة الأمنية ووزارة الخارجية إزاء السيناريوات في مصر، وناقشوا السياسة الاسرائيلية تجاه الأحداث. ونقلت «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن السياسة الاسرائيلية هي «المحافظة على بروفيل إعلامي منخفض قدر الإمكان»، كذلك وجه نتنياهو تعليمات محددة الى الوزراء والمتحدثين باسم الحكومة بعدم التطرق الى الأحداث في مصر.
في غضون ذلك، نفى رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان التقارير التي تتحدث عن تدخل إسرائيل في ما يحدث في مصر وتأثيرها على السياسة الاميركية في ما يتعلق بهذه القضية. وقال في مقابلة مع إذاعة محلية: «يحاولون إدخالنا، وبالقوة، الى داخل هذه الدوامة، وليس لنا أي مصلحة في ذلك، ويجب ألا يكون لنا أي دور في ما يحدث حولنا». وأضاف «هناك محاولات تجري لتوريط إسرائيل في التدخل، ليس فقط في مصر، بل أيضاً في العراق وسوريا ولبنان».
من جهة ثانية، أشارت «هآرتس» الى معلومات نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز»، نقلاً عن مصادر دبلوماسية إسرائيلية قولها إن إسرائيل بعثت برسائل تطمين إلى وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي بأن المساعدات الأميركية لن تتوقف، وأن إسرائيل تدعمه في الخطوات التي اتخذها لمحاربة جماعة «الإخوان المسلمين». وبحسب الصحيفة الاميركية، فإنه في نهاية تموز اقترح السيناتور الجمهوري، راند بول، وقف المساعدة العسكرية لمصر، غير أن اللوبي اليهودي الأميركي «ايباك» وجه رسالة الى أعضاء الكونغرس أشار فيها الى أن اقتطاع المساعدة الاميركية «يمكن أن يعزز عدم الاستقرار في مصر، ويقوِّض المصالح الاميركية ويؤثر سلباً على حليفتنا إسرائيل»، فيما عبر مُشرِّعون آخرون عن مواقف مشابهة. وقد رفض مجلس الشيوخ الاقتراح بأغلبية كبيرة (86 مقابل 13). وفي السياق نفسه، ذكر المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، أن إسرائيل في حالة طوارئ دبلوماسية، تدير خلالها نضالاً دبلوماسياً يائساً تقريباً في مواجهة واشنطن. وأكدت الصحيفة أن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى، بدءاً من رئيس الوزراء، يبذلون الآن جهوداً مضنية مع البيت الابيض ووزارتي الخارجية والدفاع الاميركيتين، وبشكل خاص مع مجلس النواب الاميركي، بهدف تسكين الهجوم الاميركي على حكم الجنرالات في مصر.