آخر سلاح استخدمه الشيخ أحمد الأسير في معركة القصير السورية، كان نداءً وزّعه مناصروه عبر الهواتف، يهدد فيه بـ«قطع الطرقات وإعلان الإضراب العام في حال سيطرة الجيش السوري على القصير». هذا السلاح كان الأكثر سلماً منذ قراره قبل أسابيع بالتدخل العسكري في المعركة، رداً على تدخل حزب الله عندما أعلن تشكيل «كتائب المقاومة الحرة» في صيدا.
وفي الأسبوع الفائت، روّج أنه سينظم عرضاً عسكرياً (لم يحصل) لمقاتليه في باحة مسجد بلال بن رباح. اليوم يبدو الوجوم والصدمة واضحين على وجوه مناصري الأسير في صيدا. يحاول هؤلاء تلمّس الأعذار لانهيار الجيش الحر. فيرى أحدهم أن «المعركة غير متكافئة. فالمجاهدون صمدوا لعامين متتالين، لكنهم انسحبوا بعد تحالف الجيوش السورية والروسية والصينية وحزب الله ضدهم»، في وقت يمنّي آخرون أنفسهم خسارة القصير بسقوط «عشرات القتلى» من حزب الله.
هذا التدخّل التنازلي للأسير في القصير أثار انتقادات واسعة في المدينة، عززتها لقطات الفيديو التي بثّت عبر الإنترنت من المدينة نفسها لإمامها وبعض سكانها يتهمونه بالاستعراض والتخاذل. مع ذلك، فرح الكثيرون لأن تدخل الأسير العسكري في القصير كان وهماً؛ إذ ترفض الكثير من العائلات الصيداوية انخراط أبنائها في عمل عسكري في سوريا.
وفي هذا الإطار، نفى مصدر أمني لـ«الأخبار» الشائعات التي انتشرت حول فقدان الاتصال بشبان صيداويين خلال قتالهم في القصير، لكنه أكد «توجه شبان من مخيم عين الحلوة فعلياً إلى القصير، حيث أذيع أمس مقتل أحدهم وقرب نقل جثته إلى المخيم لتشييعه. أما في شاتيلا، فقد أعلن أمس مقتل ستة عشر من أبناء المخيم في القصير».
المصدر كشف عن تعزيز عمليات رصد تحركات الجماعات الإسلامية المتشددة في ظل المعلومات التي تحدثت عن «اتحادها في جبهة واحدة تمتدّ من طرابلس حتى إقليم الخروب وصيدا وعين الحلوة وصولاً إلى العرقوب». المعلومات نقلت رسائل مناصرة ومؤازرة تبادلتها جماعات الأسير والشيخ سالم الرافعي وبقايا فتح الإسلام وجند الشام في عين الحلوة، وتيار الشيخ محمد الزغبي في شبعا وإمام مسجد الهبارية عبد الحكيم عطوي، تتفق على إعلان الاستنفار الشامل في حال تعرُّض إحداها لحادث ما. لكن مصادر مواكبة أكدت أن كل تلك المجموعات «لا تملك حالياً خطة واضحة لتنفيذ تحرك ما، باستثناء ممارسة رد فعل تجاه حدث خارجي».
وتؤكد المصادر أنّ خطط المواجهة أو الهجوم جميعها تنطلق وتصب في عين الحلوة. فهل تنجرّ القوى الإسلامية البارزة فيه لفتح جبهة لبنانية بمقابل جبهة القصير؟ وفي اتصال مع «الأخبار»، أكد مسؤول عصبة الأنصار، أبو طارق السعدي، أن العصبة «لن تسمح بإطلاق رصاصة واحدة من عين الحلوة في هذا السياق»، رافضاً «محاولة البعض ومنهم الرافعي والأسير التدخل في القتال السوري عبر مقاتلين من المخيم؛ لأننا أصحاب قضية ثابتة ضد أميركا وإسرائيل».
وحذّر المجموعات «التي تفكر بفتح جبهة ضد حزب الله والشيعة انطلاقاً من المخيم، داعياً إياهم إلى الذهاب للقتال في سوريا، وأضاف: «من سيقصد المخيم ليطلق النار على الحزب فسأطلق النار عليه».