القاهرة | الانفراج السياسي بعد إقرار محكمة القضاء الإداري تأجيل الانتخابات لم يقابله انفراج أمني، بعدما اتسعت دائرة الاحتجاجات لتشمل، بعد الشعب المنتفض في بورسعيد والقاهرة والمنصورة والمحلة الكبرى، الشرطة التي بدت الاحتجاجات داخل صفوف الأمن المركزي ككرة الثلج التي تكبر دون أن تنجح وزارة الداخلية في وقفها، وخصوصاً أن اقالة الوزير محمد ابراهيم تتصدر المطالب. فالوزارة، التي تعيش حالة غضب متزايدة نتيجة الانقسام التي يضرب قياداتها بين مؤيد ومعارض لأخونة الوزارة، وبين رفض تام للوزير محمد إبراهيم المعروفة درجة قرابته بأحد قادة الجماعة، وجدت نفسها أمس في مواجهة موجة من الاحتجاجات المتنقلة لأفردها. وأعلن نحو 8 آلاف ضابط ومجند يمثلون 34 تشكيلاً في قطاع الأمن المركزي لمنطقة القناة وسيناء، الاضراب ورفض تنفيذ الأوامر بالتحرك لدعم قوات الأمن في بورسعيد، معللين ذلك برفضهم «مواجهة الشعب مرة أخرى كما حدث في عهد الرئيس السابق». وقامت القوات الغاضبة باحتجاز اللواء ماجد نوح، مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي، في أثناء محاولته تليين موقفهم.
وحدد المضربون قائمة مطالب أهمها إقالة الوزير، الذي كشفت مصادر أمنية لـ«الأخبار» أنه ينوي التوجه الى السعودية برفقة زوجته و25 ضابطاً دون إعلان أسباب هذه الرحلة المفاجئة. ويطالب المحتجون بتسليم عملية تأمين بورسعيد بكاملها للجيش وتحديث التسليح وإقرار تشريعات تحمي رجل الأمن خلال مواجهة «البلطجية».
وفي السياق نفسه، أمهل الأمن المركزي في محافظة الدقهلية الداخلية 48 ساعة لتنفيذ مطالبهم التي من بينها إقالة وزير الداخلية والإفراج الفوري عن زميلهم قائد المدرعة التي دهست أحد المتظاهرين في أحداث المنصورة. وفي تطور للموقف، قام أفراد وضباط الأمن المركزي في المنصورة بمحاولة حرق سجن المنصورة العسكري.
وفي الإسماعيلية، انسحب، وفقاً لوكالة أنباء الأناضول، المئات من الضباط وأفراد الأمن المركزي من تأمين منشآت الشرطة في المحافظة وأعلنوا إضرابهم عن العمل. ويخشى الضباط من تطور الموقف في مدينتهم بعد الأنباء عن نقل المتهمين بمجزرة استاد بورسعيد إلى سجن المدينة، قبل جلسة النطق بالحكم عليهم يوم السبت التي سيسمح فقط للمحامين بحضورها. وفي مصر القديمة، قطع العشرات من ضباط وأفراد قسم شرطة مصر القديمة الطريق بشارع عين الحياة بمدينة الفسطاط للمطالبة بإقالة وزير الداخلية.
وفي موازاة احتجاجات الأمن، لم تجد وزارة الداخلية حلاً سوى اقالة مدير أمن بورسعيد في محاولة لتهدئة العنف الذي يجتاح بورسعيد لليوم الرابع على التوالي. وقال شهود عيان إن المحتجين رشقوا الشرطة بالحجارة واشتبكوا معها، ما أدى إلى اصابة قرابة أكثر من 150 شخصاً. واستمرت وتيرة العنف في بورسعيد رغم تلبية أولى مطالب المحتجين بعد اقالة مدير أمن المحافظة وتعيين اللواء سيد جاد الحق، خلفاً له الذي أكد وضع خطة أمنية محكمة لتأمين المدينة والمنشآت الهامة بالتنسيق مع القوات المسلحة.
وجاء ذلك بالتزامن مع كشف مصادر عسكرية لـ«الأخبار» أن الجيش وتحديداً وزير الدفاع حرص على ابلاغ رسالة واضحة لمرسي، خلال الاتصال الهاتفي بينهما، أول من أمس، بأن «مطالب بورسعيد مشروعة والقوات المسلحة منحازة إلى شعب مصر دائماً وتضحياتنا مستمرة لارضاء المواطنين فقط».
ولفتت المصادر إلى أن السيسي شدد على أن القوات المسلحة لن تصوب رصاصة واحدة في صدر أي مواطن مهما كلفها ذلك من خسائر، فضلاً عن محاولة السيسي إقناع مرسي بإلغاء حالة الطوارئ. وبررت المصادر هذه الردود الحاسمة بمحاولات مرسي المستمرة التصعيد حيال العصيان المدني في المدينة مستخدماً في ذلك قوات الجيش المصري.
وفي اطار محاولات صد اندفاع مرسي في توريط الجيش في بورسعيد، وجد الجيش أمس نفسه مضطراً، على لسان المتحدث باسمه، أحمد محمد علي، إلى نفي ما جرى تداوله عن قيام الجيش بفرض حظر تجوال أو حالة طوارئ جديدة في محيط مديرية أمن بورسعيد ومبنى ديوان عام المحافظة دون فرض أي اجراءات استثنائية.
وكان لافتاً حديثه عن «أن المؤسسة العسكرية تعي جيداً أن أهالي المدينة الباسلة على قدر المسؤولية الوطنية تجاه قواتهم المسلحة، كما كانوا دائماً خلال تاريخ نضالهم الوطني الطويل يداً فى يد وحائط صد لأي عدو يحاول المساس بتراب الوطن». ختام البيان لا يمكن فصله عمّا كشفته التحقيقات الأولية في الهجوم على سجن بورسعيد العمومي وديوان عام المحافظة لجهة اختراق المدينة من قبل ملثمين مجهولي الهوية حاولوا الوقيعة بين الجيش والشعب من جانب وبين الجيش والشرطة من جانب آخر من خلال اطلاق الرصاص الحي على الجنود والمواطنين.
وهو نفس التأكيد الذي أشار إليه الحاكم العسكري في بورسعيد، اللواء عادل الغضبان، بقوله: «لن يفلح أحد في احداث وقيعة بين الشعب والجيش، وسنقطع يد كل من يحاول أن يقتل ابناءنا». لكنه لم يغفل توجيه رسالة للشرطة بقوله: «على الشرطة وقياداتها أن تعلم أن الشعب ليس ضدهم، ولكن أفعال البعض منهم غير مسؤولة».
وفي موازاة اشتباكات بورسعيد، نظّمت روابط مشجعي النادي الأهلي المصري «ألتراس أهلاوي»، مسيرات في عدة محافظات تخللتها محاصرة مقارّ الداخلية في الجيزة والشرقية. وشهدت القاهرة اشتباكات تركزت في محيط كوبري النيل وادت إلى اصابة واعتقال العشرات.
وبالتوازي، اشتعلت المحلة الكبرى غضباً بعد مقتل 4 افراد من أسرة كاملة على أيدي رجال الشرطة في مطاردة بين الشرطة واحدى مجموعة المطلوب. هذا فيما أعاد النائب العام طلعت إبراهيم عبد الله، لتجديد حملته على مجموعة «بلاك بلوك» بعد الاعلان عن تحديد هوية قادة المجموعات واصدار أوامر بضبطهم.
إلى ذلك، قضت محكمة جنايات الجيزة أمس بمعاقبة رجل الأعمال أحمد عز، الذي كان مقرباً جداً من حسني مبارك، بالسجن المشدد لمدد يصل مجموعها إلى 37 عاماً.