شكلت نتائج انتخابات اتحادات الطلاب المعلنة حتى الآن في كليات وجامعات مصر مفاجأة قد تنعكس على الانتخابات البرلمانية، بعد الكشف عن اول هزيمة للاسلاميين في صندوق الاقتراع. فالسقوط المدوي في العديد من الكليات لطلاب الإخوان المسلمين والقوائم المحسوبة والقريبة منهم، وحتى الخسارة التي لحقت بهم بشكل صغير في بعض الجامعات كالمنيا، أحدث صدى كبيراً في المجتمع وعند النخبة السياسية التقليدية، ولا سيما أحزاب جبهة الانقاذ عبر السؤال الذي طرحته هذه النتائج ودلالتها. كما عاد التساؤل حول ما اذا كانت أحزاب المعارضة قد أخطأت بمقاطعتها للانتخابات في ظل ما اعتبره الكثيرون فرصة كبيرة لبناء تيار سياسي ديموقراطي بديل عبر استثمار انخفاض شعبية التيار الإسلامي وتفكك إحدى كتله الرئيسية.
القوى السياسية من خارج غالبية جبهة الإنقاذ، كحزب مصر القوية برئاسة عبد المنعم ابو الفتوح الذي حسم أمس خياره بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية، رأت أن عدم الاستفادة من مؤشرات هذه النتائج التي تعكس رأي وتوجه شريحة كبيرة من المجتمع الذي يمثل الشباب من سن 18 وحتى 35 قرابة 65 في المئة من مكوناته هو أكبر خطأ يمكن أن تقدم عليه المعارضة، ولا سيما أن خسارة طلاب الإخوان جاءت في أماكن كانت تعد من معاقلهم كالإسكندرية وأسيوط.
واعتبرت هذه القوى أن خوض الانتخابات يقدم للجماهير البديل السياسي الذي يطمحون إليه من خارج السلطة والمعارضة التقليدية، ومن خارج معسكرات الاستقطاب في ظل حصول المستقلين على حصص كبيرة جداً في هذه الانتخابات، والتي تعد أول خسارة حقيقية للإسلاميين والإخوان في تنافس يُحتكم فيه لصندوق الاقتراع.
هذه النتائج أربكت جبهة الإنقاذ بعد خروج تصريحات تشير إلى وجود أصوات من داخلها تطالب بخوض الانتخابات، وكذلك اعتبار زعيم التيار الشعبي حمدين صباحي أن هذه النتائج تدل على أن «الثورة مستمرة». الأمر الذي استلزم عقد اجتماع طارئ لأحزاب الجبهة في مقر حزب الوفد أمس. لكن الاجتماع لم يبدل الكثير بعدما خلصت فيه الجبهة إلى الإعلان عن استمرار مقاطعة الانتخابات لعدم ملاءمة الأجواء.
وتمسكت الجبهة التي أعلنت عن تدشين قناة فضائية للتواصل مع المواطنين بمطالبها، وأبرزها إقالة الحكومة الحالية والاتفاق على قانون للانتخابات يضمن قواعد النزاهة والحياد ولا يسمح بالطعن فى دستوريته على عكس القانون الحالي، الذي أقام النائب السابق أبو العز الحريري دعوى قضائية لإبطاله.
من جهته، اعتبر محمد عبد السلام، الناشط السياسي والباحث في مؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن نتائج الانتخابات لا يمكن القياس عليها مع انتخابات مجلس النواب، مشدداً على أن المقاطعة لا تزال هي الخيار الأوقع لقوى المعارضة. واستدل على ذلك من خلال تحليله لمسار انتخابات الطلاب.
ونبه عبد السلام إلى أن التحالف الذي جرى في الانتخابات وأسقط طلاب الإخوان والمحسوبون عليهم في الجامعات، بمن فيهم نجل نائب مرشد الجماعة يحيي محمود عزت، كان تحالفاً مدنياً بالمفهوم الواسع ضم حتى تيار يمين الوسط كمصر القوية وفريق صناع الحياة. كما أنه مبني على شباب قادر على بلورة هذا التحالف بعكس انتخابات النواب التي غالباً ما تتميز تحالفاتها بفرض شخصيات فوقية. كما تطرق عبد السلام إلى ما سماه «الأجواء المحيطة للانتخابات» لجهة ضمان عدم تزويرها.
بدوره، رأى شريف محيي الدين، الاستشاري والباحث السياسي فى مؤسسة بيت الحكمة للدراسات الاستراتيجية، أن من الخطأ تعميم نتائج الانتخابات الطلابية على الانتخابات البرلمانية. ولفت إلى أن بعض الأحزاب التي لعبت دور (الكومبارس) الانتخابي والإيحاء بأننا في نموذج تعددي ديموقراطي ايام حسني مبارك، ستسارع إلى الانتخابات البرلمانية حتى ولو كان ذلك بعد قليل من المماطلة والابتزاز السياسي.
أما بالنسبة للأحزاب الجديدة فى جبهة الإنقاذ والتي لم تظهر سوى مع الثورة كحزب الدستور، فتوقع أن يظل موقفها معارضاً للدخول فى الانتخابات.