بغداد | ساعات محدودة قضاها رئيس الوزراء المصري، هشام قنديل، في بغداد، منذ أول من أمس، كانت كافية ليعود وفي جعبته ما يكفي من الاتفاقات الاقتصادية التي من شأنها أن تساهم في تخفيف الضغط ولو جزئياً عن حكومته، فيما تبقى أسباب الحرص العراقي على ارضاء ضيفه المصري موضع تساؤل بعد المعالجة السريعة لأبرز القضايا بين البلدين. الوفد الذي رافق قنديل في زيارته كان خير دليل على أن الاقتصاد يأتي على رأس الزيارة، بعدما اصطحب معه إلى جانب وزير الخارجية وزراء الصناعة، التجارة، البترول، القوى العاملة، بالاضافة الى وزيري الكهرباء ووزير التخطيط. كما ضم وفده أكثر من 50 رجل اعمال مصرياً تنوعت مجالات اهتماماتهم الاستثمارية.
ولكل من هؤلاء الوزراء ملفاته التي عاد غانماً بها. الاتفاق الأبرز كان من نصيب وزير البترول، بعد اعلان المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، علي الموسوي، أمس، أن بلاده وافقت على بيع مصر أربعة ملايين برميل من النفط شهرياً من دون الكشف عن السعر، فضلاً عن دراسة العراق لطلب مد خط انابيب من العراق إلى الأردن فمصر. ويأتي ذلك في محاولة لاحتواء النقص الحاد في المواد البترولية في السوق المصرية.
ثاني الملفات، أكد مصدر داخل السفارة المصرية في بغداد لـ«الأخبار» أنه تعلق بما يعرف «بالحوالات الصفراء، وهي ديون العمالة المصرية المتراكمة على الجانب العراقي منذ التسعينيات حيث تبلغ نحو 1.7 مليار دولار، دفع منها 408 ملايين دولار، والباقي 1.3 مليار دولار، لم تحل سابقاً رغم الوعود التي قطعها العراق للجانب المصري لصرفها على شكل دفعات». وهو ما تمت معالجته أمس قبل أن تحط طائرة قنديل في مطار القاهرة. اذ وافق مجلس الوزراء العراقي أمس على «صرف مستحقات الضمان الاجتماعي للعمال المصريين في العراق بعد تدقيق الوثائق المقدمة للحكومة العراقية».
المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أكد لـ«الأخبار» أن «قنديل بحث كذلك مع الجانب العراقي تقديم تسهيلات لمنح العراقيين التأشيرات السياحية لمصر». ونوه المصدر إلى أن الوفد المصري طالب بفتح أسواق للعمالة المصرية بالعراق، والإفراج عن عدد من السجناء المصريين في السجون العراقية، ومناقشة الحصول على مشاريع في العراق لقطاعي الأعمال المصريين العام والخاص.
وبالفعل، سرعان ما أعلنت الحكومة العراقية، أمس، عن اطلاق سراح المعتقلين المصريين المتهمين بقضايا جنائية وعددهم 33 سجيناً. كما تمت الموافقة على تصفية الديون المدنية والعسكرية للجانب المصري، وفق اتفاق نادي باريس، على العراق.
كما تم الاتفاق، وفقاً لما أكده قنديل أمس، على تشكيل مجلس رجال أعمال «مصري - عراقي» لتوفير وخلق فرص عمل مصرية في السوق العراقية، وتخصيص منطقة صناعية تختص بمواد البناء في العراق وتفتح مجالاً لشركات مصرية.
ويرى المحلل السياسي، واثق الهاشمي، ان أهداف الزيارة وإن خرجت نتائجها الاقتصادية إلى العلن، فإنها حملت بين السطور الكثير من الامور السياسية، وخصوصاً بعد التفاهم بين الطرفين على دعم الحل السلمي للأزمة السورية.
وتحدث عن «تحرك مصري لتقريب وجهات النظر وحل الخلافات السياسية في العراق»، مؤكداً أن «زيارة قنديل الى (رئيس التحالف الوطني العراقي) إبراهيم الجعفري تأتي بناء على التقارب الفكري بين الاخوان المسلمين والجعفري، كما أن زيارته لـ (رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي) عمار الحكيم، تأتي بناء على التعاطف الذي ابداه السيد الحكيم مع الاخوان المسلمين».