دمشق | أزمة وطنية جديدة يعيشها السوريون على اختلاف أطيافهم السياسية، يشكّل أسسها بعض المعارضين الشامتين بالنظام، ومن يقف خلفهم من عامة الشعب، حيث لم يعد يُجمع السوريون بوضوح على الوقوف ضدّ أيّ اعتداء إسرائيلي على أراضي بلادهم بلا توضيحات واستثناءات ترافق بيانات يكلّل بعضها إدانة النظام بنفس القدر من الإدانة للغارة الإسرائيلية.
بعيداً عن الآراء الشعبية المتناقضة، أكّد رئيس هيئة الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة السورية، علي عبد الله أيوب، أنّ «سوريا ستنتصر لا محالة»، معتبراً أنّه «مخطئ كل من يتوهم أنّه قادر على وضع القوات المسلحة موضع الاختبار».
وخلال جولة ميدانية على عدد من تشكيلات ووحدات القوات المسلحة، شدّد أيوب على «أننا ثابتون على مواقفنا الوطنية والقومية ولن نتخلى عنها مهما حاول الأعداء القيام بأعمال استفزازية أو عدوانية»، موضحاً «أنّنا ندرك حجم التحدي الذي نواجهه نتيجة تمسكنا بمواقفنا وحقوقنا ونعرف بالوقت نفسه حجم قدراتنا وجاهزيتنا لاستخدام هذه القدرات في الوقت المناسب». ولفت إلى أنّ «المعركة مع إسرائيل مستمرّة، وهي لم تتوقف يوماً»، مشيراً إلى «الارتباط الوثيق بين إسرائيل وأدواتها من عصابات القتل والإجرام التي تمارس الإرهاب الممنهج بحق وطننا وشعبنا».
في هذا الوقت، تواصلت التعليقات السياسية والشعبية على الغارة، فقال النائب السوري السابق والداعية الديني المعارض محمد حبش، عبر صفحته على الفايسبوك: «أدى القصف الإسرائيلي الهمجي الوحشي البربري السفاح لاستشهاد مواطنين اثنين».
بدوره، عبّر كاتب السيناريو المعارض ثائر موسى، على صفحته الشخصية أيضاً، عن حزنه وانكساره حين رأى أنّ الطيران الإسرائيلي قادر على اختراق الأجواء السورية في أي وقت ومكان يريده. ويتابع قائلاً: «سنسمع الأسطوانة الاعتيادية لنظام الممانعة والتصدي. إنهم سيحتفظون لنفسهم بالرد في الزمان والمكان المناسبين». أما المعارض ياسين الحاج صالح فقد علّق بالقول: «إسرائيل تقصف في جمرايا، والنظام الأسدي يرد فوراً في داريا».
وخلف المعارضين، وقف صف من السوريين يدينون النظام بقدر ما يدينون العدو الإسرائيلي، إذ يقول إياد، طبيب مغترب، «لم تأتِ مواقف المعارضة بمستوى طموحات الشعب الثائر، فقد صمت الكثير من معارضي الخارج عن القصف الإسرائيلي خشية قطع تمويل الدول الحليفة لإسرائيل، فهل يختلفون عن النظام المتواطئ؟». آخرون اتّسم موقفهم بالشماتة. سخروا من تسميات النظام المتعلقة بالمقاومة والممانعة.
من جهته، أصدر حزب «سوريا الوطن» المعارض بياناً رفض فيه الاعتداء الإسرائيلي بالتوازي مع رفض وضعه بتصرف المجتمع الدولي، مطالباً بالردّ الفوري على هذا الهجوم أياً كانت أسبابه، ليختتم البيان بالقول: «نضع أنفسنا كحزب قيادة وأعضاء ومناصرين تحت تصرف الجيش العربي السوري إن قرّر الرد».
الانقسام بين المؤيدين ما بين صامت ومنتقد بلغ أوجه، إذ يعتبر هشام، موظف حكومي، أنّ من الخارق للعقل السوري أن تدخل طائرة إسرائيلية الأجواء السورية وتضرب موقعاً ثم تخرج بكل أمان. بدوره، رأى علاء (أستاذ مدرسة)، أنّ الموقع الذي استهدفه الإسرائيليون قد تمّ استهدافه سابقاً والمواقع المشابهة من قبل «الثوار»، في الوقت الذي يُتهم النظام بالعمالة وحماية حدود إسرائيل. واشتعل الخلاف ما بين المؤيدين ممن يعتبرون أنّ من حقوق المواطَنة انتقاد قرارات الدولة وأجهزتها، حيث يجد أمير، طالب جامعي، أنّ توزيع شهادات الوطنية والمزايدات وصل إلى أعلى مراحله، لافتاً إلى أنّ من حقه كمواطن سوري انتقاد أيّ قرار بالشكل الذي يراه مناسباً، سواء كان بتعليق عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو بصاروخ لو استطاع. مواطنون آخرون يرون أنّ القيادة «تعرف عملها»، وعلى جميع المنتقدين كمّ أفواههم، فهم غير متواجدين ميدانياً ومكتفون بالتنظير خلف شاشاتهم.
من ناحيته، كاتب السيناريو السوري فادي قوشقجي، أوضح رأيه على صفحته الخاصة، من خلال احترامه للمواطنين الذين طالبوا الدولة السورية بالرد الفوري إنما مع انتقاده للمعارضين الذين أدانوا النظام بقوله: «يحق للمواطن العادي أن يعتب.. إنما ليس هذا حقاً على الإطلاق لمن يضمّ ضمن فريقه أولئك الذين استضافوا الإسرائيليين، وقالوا لهم: إن جاء شارون ليحارب الأسد نقول له: أنت عيني. ليس حقاً لمن يضم ضمن فريقه ذاك الذي صرخ مطالباً بتدخل عسكري للناتو بهدف إسقاط النظام».
وفي تصريح خاص لـ«الأخبار»، لفت رئيس «تيار بناء الدولة» المعارض لؤي حسين إلى أنّ بيان التيار كان واضحاً في إدانة الغارة الإسرائيلية والنظام معاً، باعتباره المعني بحماية البلاد، في الوقت الذي يستهتر بالحدود ويستعيض عن ذلك بالاشتغال بالعنف داخلياً. وأكد حسين أنّ الشماتة بالنظام من قبل بعض المعارضين غير واردة، ولا سيّما أنّ هذه المواقع المستهدفة من الإسرائيليين ليست مواقع النظام إنما مواقع الدولة السورية. وأوضح بكلام مختصر أنّ التيار، فيما لو ردّ النظام على إسرائيل عسكرياً، سيكون موقفه واضحاً إلى جانب النظام ضد العدو الإسرائيلي.
ويأتي الانفجار الذي حصل قرب السفارة الأميركية في أنقرة ليقدّم فرحة كبرى بالنسبة لكثير من السوريين، الذين اعتبروا أنّ هذا الانفجار هو الردّ الأول من قبل النظام وأدواته على الغارة الإسرائيلية، وأن الحكمة السورية اقتضت عدم الانجرار إلى الحرب وفق إرادة العدو وفي الوقت الذي يريده، فباشروا بالتهليل دون التثبت ممن يتبنى العملية. لكن يخشى آخرون من بوادر حرب «باتت على الأبواب، رغم التسوية السياسية الدولية التي تلوح في الأفق البعيد».
11 تعليق
التعليقات
-
نحن السوريين أكثر عناداً ممانحن السوريين أكثر عناداً مما يتخيله العالم كله نريد جولاننا نريد لواء اسكندرون ...أصبحناً رفاقاً للموت فمم نخاف بعد... فهمنا جيداً قصص الخيانة والتآمر واكتسبنا المهارة اللازمة للسير في طريق التحدي ولم نعد نطيق الصبر
-
دون مواربةالنظام قصر هذه المرة واستحق النقد الجارح . منذ ما يقرب ال 40 عاما والالسنة تلوك سمعة النظام وتخاذله امام اسرائيل ولكنه شرب حليب السباع مع الطائرة التركية فلماذا لم يسقط طائرة اسرائيليةاو يضرب عليها صاروخا على الاقل. العدو يعلم ان لدى النظام صواريخا تسقط طائراته فلا مجال هنا للقول ان اسرائيل كانت تهدف الى معرفة مدى القدرة والتسلح السوريين ضد الطيران ففي نظري حتى لو اكتشف العدو مكان بطارية الصواريخ على الاقل يكون قد اثخن بالجراح . في اي حال كانت فرصة للم الصفوف الوطنية من نظام وتنسيقيات معارضة وحتى المجلس الوطني نفسه والاتحاد ضد العدوان . نعم قصر النظام مع حبي لبشار ، وقصر بشار . الثأر لكرامة سورية بات مطلوبا اكثر من اي وقت .
-
الوطنيّة عندما تصبح وجهة نظر !!بكلّ ماجرى في السنتين الماضيتين كنت أقول هي اختلاف بوجهات النظر أودت وستودي بالبلد إلى أتون الحرب الأهليّة ! أتفهّم وجهتي النظر رغم عدم فهمي المطلق إلى شكل ترجمتها على الأرض !! اليوم وفي غارة إسرائيليّة على الأراضي السوريّة ويستغل البعض الغارة لتسجيل النقاط على النظام السوري كائنا ماكان الموقف منه أو يشمت أو يسخر أو ...أو ...أو فأقول كما قال قوشقجي " يحق للمواطن العادي أن يعتب.. إنما ليس هذا حقاً على الإطلاق لمن يضمّ ضمن فريقه أولئك الذين استضافوا الإسرائيليين، وقالوا لهم: إن جاء شارون ليحارب الأسد نقول له: أنت عيني."مع ملاحظة سيّدأنّ هؤلاء المعارضين الأشاوس كيلو وحاج صالح وغيرهم لم يعتبوا بل سخروا وشمتوا !!! لكلّ المعارضين الذين لم يصدروابيان إدانة صرفا لاشماتة فيه ولا سخرية ,لياسين حاج صالح ولميشيل كيلو ولغيرهم ,المعركة اليوم لم تعد بين طرفي وجهة نظر تقتتلان بدمويّة بل هي بعد تصريحاتكم أصبحت بين الوطن وأعدائه ,وليتكم تلاحظون ياعديميّ الضمير أنّ الوطن لا يمثّله النظام فكلّ الأنظمة إلى زوال كما أنتم أيضا , والوطن باق وقطعة الأرض التي قصفت هي بحجم الوطن حين تقصفها إسرائيل وليست قطعة أرض مملوكة لآل الأسد إن كنتم تعتقدونها كذلك فتشمتون وتسخرون ! ومع ذلك فشكرا جزيلا لكم لأنّكم اليوم جعلتوني أعرف أين أقف بالتحديد ولم أعد لأتردّد ,أختار الوطن كما اخترته من سنتين ولكنّي اليوم عرفت أنّكم أعداءه ولستم فقط أعداء النظام.
-
الإنقسام الشعبي السوريالإنقسام الشعبي يزداد يومياً. الثورة الشعبية أفسحت المجال لوعي شريحة واسعة من الشعب السوري بأن هذا النظام حَكم البلد و كأنَّها مَزرعته الإقطاعية الخاصة و إستباح المناصب و العلاقات العائلية لِجَمع ثروات على حساب المصلحة العامة للشعب السوري و أنشأ أجهزة أمنية خَسيسة إستباحت كرامة المواطن السوري و كَسَرت عُنفوانه حتى أصبح المواطن السوري يُصدِّق أن هكذا مُمارسات هي طبيعية و عادية و أن فكرة الخِدمة العامة النزيهة و موضوع حقوق الإنسان هما مجرد بُدعة! ببساطة ما رأيناه من تَمَسُّكْ بالحُكم من قبل النظام الأسدي السُلطوي بِعكس إرادة غالبية الشعب و حتى لو أنَّ الكلفة هي دمار سورية بالإضافة إلى تاريخ و مُمارسات هذا النظام على مدا ٤٣ عاماً أدَّت و ما تزال إلى تُوَسِّعْ إطِّرادي في الشَريحة من السوريين الذين يَشعرون بأن الحُكم الرشيد و كرامة المواطن يُمكن تحقيقهما في ظل حُكم الغريب وغير السوري أكثر منه في ظل حُكم هذا النظام الغاشم غير القادر على تَخَيُّلْ نَفسَهُ خارج السلطة! لا يَسَعُنا إلّا أن نُوَجِّه التحية و نَتَرَحَمْ على روح سيادة الرئيس شكري القوتلي الذي تخلَّى عن الحكم طوعاً لأجل الوحدة مع مصر ، و على روح سيادة الرئيس أديب الشيشكلي الذي تخلَّى عن الحكم طوعاً كي لا تُراق نقطة دم واحدة في سورية و لم يَخرج علينا أيَّاً منهم بديباجة المؤامرة أو أن لا سورية من بعدهم؟ وا أسفاه عليكِ يا سورية الأبيَّة إلى أين وَصلتِ بالتراجع عِوضاً عن التَطوُّر قُدُماً!
-
فيسبوكحبذا لو أدلت كاتبة المقال بدلوها، وأضافت قيمة إلى مقالها من خلال تحليل ما أو فكرة جديدة أو عرض تاريخي لحالات مشابهة في دول مجاورة، ولم تكتف باستعراض ما قيل. فالجميع تقريباً يعلم ما يدور في أروقة مواقع التواصل الاجتماعي. مع التقدير والمحبة