بالتزامن مع كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الواضح عن عدم قابلية «شرط رحيل بشار الأسد قبل أيّ عملية سياسية»، طرح الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومعه قطر، من جديد، مطلب ارسال قوات حفظ سلام إلى سوريا. وصرّح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأنّ مطلب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد كشرط مسبق لإطلاق العملية السياسية في سوريا غير قابل للتحقيق. وفي تصريح صحافي، قال: «إنّ شركاءنا مقتنعون بضرورة استثناء بشار الأسد من العملية السياسية كشرط مسبق. لكن هذا الشرط المسبق غير وارد في بيان جنيف، ومستحيل التحقيق، إذ إنه لا يتوقف على أحد».
ودعا المعارضة السورية إلى أن تطرح أفكارها حول إطلاق الحوار، وقال: «إنّ الرئيس الأسد طرح مبادرات تهدف إلى دعوة جميع المعارضين إلى الحوار. وقد تبدو هذه المبادرات غير بعيدة المدى، وقد يراها أحد غير جدية، لكنها مقترحات فعلية. ولو كنت في موضع المعارضة السورية، لقدمت أفكاري أنا حول إطلاق الحوار».
في السياق، دعت موسكو إلى البدء بعملية انتقالية سياسية في سوريا، وفي بيان أصدرته أول من أمس، أكدت وزارة الخارجية الروسية أنّ حلّ النزاع السوري يبدأ بوقف العنف فوراً، وإراقة الدماء وارسال المساعدات الانسانية إلى السوريين، بمن فيهم النازحون واللاجئون». وتابع البيان «كما في السابق، نحن نشدّد بكل حزم على أنّ المسائل المتعلقة بمستقبل سوريا يجب أن يعالجها السوريون أنفسهم، بلا تدخل خارجي وبلا وصفات حلول جاهزة».
وأكدت موسكو، من جديد، دعمها لمهمة السلام التي يقوم بها الموفد العربي ووالدولي الأخضر الإبراهيمي، ولاستمرار المحادثات الثلاثية، كما أعادت التأكيد على دعمها خطة جنيف.
وفي بيان منفصل، أشارت وزارة الخارجية الروسية الى أنّ نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف التقى في جنيف وفداً سورياً بقيادة المعارض ميشال كيلو. وقالت الوزارة إنّهما «يتقاسمان الرأي بأنّ المهمة الأولى هي وقف اعمال العنف فوراً، وبدء حوار وطني». وتعهّد بوغدانوف مواصلة «الاتصالات بوتيرة حثيثة» مع الحكومة السورية والمعارضة.
في موازاة ذاك، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إنّ الطريق الوحيد المتاح لإنهاء أزمة سوريا هو فرض وقف لإطلاق النار بواسطة قوة لحفظ السلام تتألّف تطبيقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وتوقّع، في كلمة خلال اجتماع استثنائي لمجلس وزارء الخارجية العرب في القاهرة، زيادة أعداد اللاجئين السوريين إلى دول الجوار إذا استمرت الأزمة. وطالب بتقديم مساعدات مالية عربية إلى الدول التي نزح اليها اللاجئون، ويتصدرها لبنان والأردن والعراق وتركيا.
وقال العربي إنّه تشاور خلال اليومين الماضيين بشأن إصدار قرار يتفق مع الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة مع الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون والإبراهيمي. وأضاف إنّه يطالب بقوة حفظ سلام «كبيرة وفعالة تضمن وقف القتال الدائر وتوفر الحماية للمدنيين الأبرياء».
ويعقد مجلس وزراء الخارجية العرب اجتماعا استثنائياً بدعوة من لبنان لبحث عدد من القضايا، تتصدرها مشكلة اللاجئين السوريين، ويرأس الاجتماع وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور، رئيس الدورة الحالية لمجلس وزراء الخارجية العرب. وفي كلمته، دعا وزير الخارجية الكويتي، صباح الخالد الصباح، إلى عقد مؤتمر دولي للنازحين السوريين يقام في الكويت نهاية الشهر الجاري، «بدلاًً من المبادرات الفردية لتوفير الدعم المادي للداخل في سوريا والنازحين».
من جهته، أشار وزير الشؤون الخارجية الجزائرية، مراد مدلسي، إلى وجود «ما يقارب 22 ألف لاجئ سوري في الجزائر»، لافتاً إلى «أننا حرصنا على عدم فرض نظام التأشيرة على اللاجئين السوريين». ورأى أنّه «مع استمرار الأزمة السورية، فالمخرج الوحيد هو حتمية ايجاد حلّ سياسي سلمي بأسرع وقت ممكن يضمن سيادة الشعب السوري وكرامته».
من ناحيته، صرّح وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، بأنّ «البحرين ستُنشئ مستشفى ميدانياً في تركيا»، داعياً إلى «المبادرة لتكثيف الجهود لعدم نسيان النازحين في الداخل السوري، الذين لا تقلّ حاجتهم عن اللاجئين في دول الجوار». وشدّد على «ضرورة العمل لإعادة السلام والأمن إلى سوريا الشقيقة».
وقرّرت الجامعة إيفاد بعثة إلى الدول العربية المجاورة لسوريا لتقصّي أوضاع النازحين واحتياجاتهم لتحديد حجم المساعدات المطلوبة، قبل مؤتمر الكويت الدولي للمانحين في الثلاثين من الشهر الحالي.
في غضون ذلك، جدّدت قطر دعوتها إلى ارسال قوة عربية لانهاء إراقة الدماء في سوريا إذا فشلت الجهود الدبلوماسية الحالية. وقال وزير الخارجية القطر حمد بن جاسم آل ثاني، في تصريحات نقلتها قناة الجزيرة، «يجب أن يفكّر العرب في هذا (إرسال قوات) على نحو جدي». وأضاف إنّ الأمر لا يتعلق «بتدخل عسكري بمعنى مناصرة طرف على طرف آخر... بل قوات لحفظ الأمن». وقال «هم ليسوا متفقين، دعنا نكون واقعيين. هناك تباين في الآراء بين الولايات المتحدة وروسيا. نحن ندعم توجه الأخضر الإبراهيمي لإيجاد اتفاق، لكن إلى متى؟ نحن لا نستطيع أن ننتظر إلى ما لا نهاية في هذا الموضوع».
إلى ذلك، أعلنت سويسرا، أول من أمس، أنّها سترسل اليوم إلى مجلس الأمن عريضة وقعها 52 بلداً تطالب باحالة ملف الجرائم المرتكبة في سوريا على المحكمة الجنائية الدولية. وقال وزير خارجية سويسرا، ديديه برخالتر، إنّ «جرائم حرب خطيرة ترتكب في سوريا. يجب القيام بما من شأنه أن يحول دون مرورها من دون عقاب»، مضيفاً «إنّنا نقدّم اقتراحاً، وعلى مجلس الأمن أن يقرّر الآن».
(أ ف ب، رويترز، أ ب)