القاهرة | على الرغم من القوانين التي أصدرها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والتي سمحت بنزول الجيش إلى الشارع وتوسيع سلطات القضاء العسكرى في محاكمة المدنيين، تشدد القوى الإسلامية المعارضة على أنها ستواصل "مسيرة التحدي" حتى اسقاط "الانقلاب" في ظل خيار المعادلة الصفرية المعتمد من الطرفين حتى اليوم.ويقول محمد، وهو من شباب "الإخوان"، إن "القرارات الاستبدادية مش هتروع الإخوان.

كل بيت إما فيه شهيد أو معتقل. والدليل أن جامعات متعددة شهدت اليومين الماضيين مظاهرات واحتجاجات متنوعة بعد صدور هذه القوانين الفاشية"، لكن القوى الإسلامية لن تستطيع هزم السيسي وحدها، كما يضيف محمد: "بدون غطاء شعبي وتوحد للقوى الثورية الحقيقية، لن نتغلب على هذا الكابوس".
من جهته، ينتقد المهندس حاتم عزام، وهو نائب رئيس "حزب الوسط"، القانون الذي أصدره الرئيس السيسي لحماية المنشآت الحيوية. ويقول عزام إن "تقنين مصر كثكنة عسكرية يعني مزيدا من قتل الحريات المدنية والقمع، كما يعني فشل القمع السابق واستعصاء الحراك الثوري على الانقلاب. ستنتصر الثورة". ويضيف: "لن تكون هناك أي انتخابات أو أي عمليات ديموقراطية مزيفة... فقط عسكرة... وسيسقط هذا الانقلاب بنفس سرعة غبائه وتسارع قمعه وظلمه".
السيسي يمنح الجيش صلاحيات تفوق ما منحه إياها مبارك

ويتفق مع هذا الرأي محمد الكردى، وهو عضو الهيئة العليا لحزب "الوطن". ويشير إلى أن "النظام الحاكم هو نظام ديكتاتوري وأن النقاش والحوار لا مكان له فى سياسات ذلك الحكم"، مشيرا إلى أن "السيسي الذي قتل أبناء الشعب واستولى على الحكم هو من صنع الإرهاب".
ويواصل خلال حديثه لـ"الأخبار"، قائلا إنه "قبل إطاحة الرئيس الشرعي محمد مرسي كانت البلاد تسير نحو الاستقرار"، ولكن "الانقلاب جاء بالإرهاب. ومن لم يعد إليه حقه بعد مقتل ذويه في الشوارع، يحاول الحصول على حقه بيده، مثل الثأر فى الصعيد... لأن الحكومة لا تعطي حق أحد، والقضاء متواطئ مع النظام".
وتابع "برغم القرارات والقوانين الإرهابية، التي يصدرها النظام، فإن عزيمة الشعب تزيد كلما زاد الضغط، وسوف يكون هناك انفجار أشد من 25 يناير".
ويلفت الكاتب الصحافي، محمد جمال عرفة، الانتباه إلى أن قرار السيسي بنزول أفراد الجيش لحماية المنشآت العامة والحيوية لمدة عامين، هو إعلان بانهيار الشرطة وفشلها في القمع.
ويرفض محمد عبد القدوس، الكاتب الإسلامي وعضو مجلس نقابة الصحافيين، غلبة الحل الأمني لمواجهة "الإرهاب"، مشيرا إلى أن "الحرية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد هي الطريق الصحيح لكي تهزم مصر الإرهاب".
واستطراداً، يدين عبد القدوس، في حديثه لـ "الأخبار"، ما سماه "تواطؤ نقيب الصحافيين ورؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة، مع توجهات النظام الاستبدادي"، في إشارة إلى البيان المشترك الصادر يوم الأحد الماضي. ويتابع قائلاً إنه "للمرة الأولى أيضاً في تاريخ الصحافة المصرية، يتفق نقيب الصحافيين ضياء رشوان، علنيا مع معظم رؤساء تحرير الصحف الحكومية والخاصة على وأد حرية الصحافة، ولم يكتفوا بذلك، بل دعوا الدولة بكل أجهزتها إلى التنكيل العلني بالصحافيين المعارضين لسياسات السيسي"، لافتاً إلى التأييد الكامل لكافة الإجراءات التي اتخذتها الدولة، الأمر الذي "يؤكد ولاءهم التام والمطلق للسيسي".
ويتوقع عبد القدوس أن يرفض القطاع الصحافي ذلك البيان "بعد مضي قليل من الوقت".
غير أن قرارات النظام الأخيرة لا تسعى فقط لوقف احتجاجات التيار الإسلامي، بل تستهدف أيضا بث الرعب في نفوس القوى الاجتماعية.
وفي هذا السياق، يشير هيثم محمدين، المحامي العمالي، إلى أنه قبل يوم واحد من صدور تلك القرارات الاستبدادية، ألقت قوات الأمن القبض على عدد من عمال الهيئة العامة للكتاب المحتجين اعتراضاً على تقليص "نسبة الإضافي"، ووفقا للقانون الاخير، كان من الممكن أن يُحالوا على القضاء العسكري باعتبار أن الهيئة العامة للكتب من المنشآت الحيوية. وبالتالي، يقول المحامي العمالي، فإن "القوى العمالية والنقابية مدعوة للتصدي لهذا القانون الجائر، الذي يخدم رجال الأعمال ويكمم أفواه الطبقة العاملة".
وفي سياق متصل، طالبت جبهة "استقلال القضاء ضد الانقلاب"، في بيان لها، الجيش بالعودة إلى ثُكنه وتسليم السلطة، مشيرة إلى أن "تلك الممارسات والعنف من عصابة مسلحة خرجت عن المسار الدستوري الذي خطه الشعب، ما يؤدي بالأوضاع للخروج عن السيطرة".
وأكدت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات رفضها التوسع في إحالة المدنيين على القضاء العسكري، داعية سلطات "الانقلاب" إلى سحب القانون.
كذلك دانت التوسع في توريط القضاء العسكري وإحالة المدنيين أمامه وإجبار القوات المسلحة على الاستمرار في مخالفة دورها والاستهانة بأرواح أبناء مصر المجندين فيها، وترويع الشعب المصري وتهجير بعضه، واقتحام الجامعات وعسكرة الدولة المصرية المدنية بحكم الدستور والإرادة الشعبية.
يذكر أن السلطات الجديدة التي منحها السيسي للجيش، تفوق تلك التي منحها الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي مارس ضغوطاً لا هوادة فيها على المعارضين خلال العقود التي أمضاها في الحكم، قبل إطاحته في "ثورة 25 يناير 2011".
ويسمح المرسوم للجيش بمحاكمة المدنيين في عدة جرائم، تشمل تدمير المنشآت العامة وقطع الطرق.
وعلى الرغم من أن الدستور يمنح الجيش سلطة محاكمة من يعتدون على نحو مباشر على الضباط أو المنشآت العسكرية، إلا أن القانون الجديد يوسع من تلك الصلاحية لتشمل من يعتدون على محطات الكهرباء و "الكباري" وحقول البترول.