رام الله | «من قام بهذا العمل يريد تدميرنا. إن الشبان الثلاثة هم بشر مثلنا، ويجب إعادتهم إلى أهاليهم. أجهزة الأمن الفلسطينية تبذل ما بوسعها في محاولة للعثور على المختطفين الإسرائيليين الثلاثة، لا فرق إن كان أميركياً أو إسرائيلياً، فهو قبل كل شيء إنسان، وسيكون لنا حساب عسير مع من ارتكبوا هذه الفعلة، من مصلحتنا أن يستمر التنسيق الأمني مع إسرائيل حتى نتجنب وقوع انتفاضة جديدة».
الكلمات السابقة تلخص صفوة البنية الأمنيّة التي تحكم عمل السلطة الفلسطينية في مناطق الضفة المحتلة، وهي صدرت من أعلى الهرم وأهم المشاركين في صياغة اتفاقات التسوية، وتقدم صورة واضحة عن طبيعة التعاون المستمر مع قوات الاحتلال منذ توقيع «أوسلو» عام 1993. ويبدو أن «الحساب العسير» لم يتأخر بعد إعلان العثور على ثلاثة مستوطنين اختفت آثارهم في الخليل مقتولين خلال أسابيع من البحث قبل أشهر قليلة. وأثمرت السياسة التي يتبعها محمود عباس، ففي الثالث والعشرين من الشهر الماضي اغتالت قوات الاحتلال في منتصف الخليل كلاً من مروان القواسمي، وعامر أبو عيشة، المتهمين بالتخطيط للعملية وتنفيذها.
قبل الخوض في حيثيات عمليات الاغتيال التي جرت في الضفة منذ بداية العام الجاري، من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الحديث عن التنسيق مع الاحتلال والبنية الأمنيّة لرام الله ليس أمراً جديداً خرج إلى السطح مع عملية الخليل الأخيرة، بل هو من الشروط الأساسية التي وضعت منذ نشأة السلطة على اعتبار أنها «كيان شبه مستقل عن الاحتلال».
ويمكن رصد تطور البنية الأمنيّة للسلطة على مرحلتين: الأولى مع نشوئها عام 1993، والثانية كانت عام 2005 حينما تولى عباس رئاسة السلطة خلفاً للراحل ياسر عرفات، ولا سيما أن معظم التغييرات الجوهرية والديناميكية في بنية الأمن جاءت في المرحلة الثانية. ومن أجل فهمٍ أعمق للعقيدة الأمنية التي تحكم كل شاردة وواردة في السلطة، يجب فهم خريطة الطريق التي أسست لعقيدة أمنيّة جديدة، ودور جهاز «الأمن الوقائي» وعنصره المسمى «الفلسطيني الجديد».
منذ توقيع «أوسلو» كان الخطاب الذي يجري ترويجه أن السلطة تعمل على التوفيق بين مطالب التحرر الوطني ومقاومة الاحتلال من جهة، ومن جهة أخرى الإيفاء بمتطلبات بناء الدولة، وهو خطابٌ يعكس كيف أن السلطة تواجه مطلبين متناقضين: فرض سيادة القانون وإبعاد المظاهر المسلحة غير الرسمية (حركتي الجهاد الإسلامي وحماس)، ودعم حق الشعب في المقاومة. من هنا تحديداً، خرجت فكرة «المقاومة الشعبية ـ السلمية» التي عمل على تثبيتها في ما بعد كل من عباس ورئيس وزرائه سلام فياض، وأخيراً اشتكى الأول من أن «الناس لم تخرج وتتجاوب» مع نوع المقاومة الجديد.

خريطة الطريق

خلال انتفاضة الأقصى (2000) وجدت قوات الاحتلال نفسها في مواجهة أفراد الأجهزة الأمنيّة والفصائل الفلسطينية المسلحة معاً، وبانطلاق عملية السور الواقي (آذار ـ تموز 2002) وانضمام المزيد من أفراد الأجهزة الأمنية إلى العمل المسلح، وإعادة احتلال المناطق التي جرى التنازل عنها للسلطة، عمل الاحتلال على تدمير البنية التحتية المادية ـ التنظيمية لقوات الأمن الفلسطينية، وهذا هو سبب المشاهد التي كنا نراها لتدمير مقارّها في مدن الضفة وإخراج أفراد الأمن عراة بلا سلاح، كذلك صودر جزء كبير من المعدات والأسلحة.
في منتصف 2002، عمل الاحتلال على إدارة مناطق الضفة كافة، أي إنه لم يعد هناك أي وجود للسلطة أكان رمزياً أم حقيقياً، لكن ظلت هناك عدة مناطق وجيوب صغيرة لم تتمكن قوات الاحتلال من السيطرة عليها بفعل قوة المقاومين فيها، ثم أصبحت تلك المناطق معاقل للفصائل المسلحة (البلدة القديمة في نابلس، والمخيمات الفلسطينية: بلاطة، والعين، وجنين مثلاً).
أما في مناطق جنوب الضفة، فقد عملت العشائر العائلية على تولي بعض أمور الأمن. وصار المشهد أن السلطة التي كانت تسعى إلى إقامة حكم ذاتي تُخلي الميدان، وخاصة بعد توقف التنسيق مع إسرائيل، وبقيت آنذاك الانتفاضة مستمرة، ولا سيطرة لرام الله لها على الأمن أو أي عمل مسلح خاصة بعد انضمام بعض منتسبي الأجهة الأمنية إلى كتائب شهداء الأقصى التابعة لـ«فتح» وتشكلت مع بدايات الانتفاضة.
الظروف الجديدة التي فرضتها حالة المقاومة المسلحة جعلت موضوع إصلاح جهاز الأمن أمراً مركزياً، وهذا ما دعت إليه الوثائق التي وردت في خريطة الطريق برعاية الولايات المتحدة الأميركية عام 2003، ونصت بوضوح على «استئناف التعاون الأمني الإسرائيلي ـ الفلسطيني، ووضع حد للعنف والإرهاب والتحريض (المقصود هنا المقاومة) عبر إعادة تنظيم أجهزة أمنيّة فعالة».
بناءً على ذلك، بدأت قوات الأمن الفلسطينية بالظهور التدريجي والتنسيق مع الجيش الإسرائيلي. كانوا في بداية الأمر يرتدون ملابس مدنية، ثم سمح لهم بارتداء الزي العسكري وحمل بعض الأجهزة الخفيفة. مع ذلك، كانت الإصلاحات المقترحة في خريطة الطريق تسير ببطء، بما في ذلك توحيد الأجهزة الأمنيّة المختلفة في ثلاثة فروع تكون مسؤولة أمام وزارة الداخلية، علماً بأن تفسير الأميركيين لحالة التعدد، أن ياسر عرفات كان يقف عائقاً أمام عمليات الإصلاح.
نقطة التحول الدراماتيكية في عمليات إعادة إصلاح الأجهزة وتطوير عقيدتها جاءت عام 2004 بعد وفاة عرفات، وتحديداً مع تسلّم خليفته عباس في كانون الثاني 2005. مقارنة بـ«أبو عمار»، كان «أبو مازن» أكثر وضوحاً وحزماً في ما يتعلق بالمقاومة المسلحة، وأكثر استعداداً للتجاوب مع الإصلاحات المقترحة أميركياً وإسرائيلياً. ومنذ تولى عباس السلطة وأعلن نهاية الانتفاضة، أعلن بوضوح أنه «لا مصلحة لنا في المقاومة المسلحة»، وانطلق سريعاً لإعادة الانضباط داخل قطاع الأمن، كذلك طرد الذين اعتبرهم غير فعالين أو غير متعاونين.
ووفقاً لخريطة الطريق، فقد دُمجت الأجهزة الأمنية تحت إطار «الداخلية» ليشمل القطاع الأول (الشرطة المدنيّة، والأمن الوقائي والدفاع المدني)، أما القطاع الثاني فاحتوى على (قوات الأمن الوطني، والاستخبارات العسكرية، والشرطة البحرية، والحرس الرئاسي). في القطاع الثالث كانت المخابرات العامة وحدها، ثم في العام نفسه، أرسلت وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، كونداليزا رايس، منسقاً أمنياً رفيعاً، هو اللفتنانت جنرال وليام وارد، إلى المنطقة للإشراف على إصلاح الأمن.
وشملت مهمة وارد إعداد القوى الأمنيَة تحضيراً لخطة الانفصال الإسرائيلية عن غزة.
وفي الشهر التالي أُنشئ مكتب تنسيق الاتحاد الأوروبي لمساعدة الشرطة الفلسطينية بقيادة بريطانيا (EUPOL COPPS)، وأصبح يعرف في ما بعد ببعثة الشرطة الأوروبية التي عملت على مساعدة وتطويره قطاع العدالة الجنائية والشرطة المدنيّة.

انعطافة ما بعد التحول

يمكن تسجيل نقطة تحول أخرى ظهرت في تطوير عمل أجهزة الأمن وتعميق تعاونها مع الاحتلال عام 2007، حينما فازت حركة «حماس» في انتخابات المجلس التشريعي، وجف التمويل الدولي، بما في ذلك الموجه إلى الأمن، فخوفاً من سيطرة «حماس» على الضفة، شعرت رام الله وإسرائيل والمجتمع الدولي بضرورة إعادة الأمن ليأخذ الصدارة في عمليات الإصلاح.
منذ تلك اللحظة، جاء سلام فياض وأجندته الجديدة التي في ظاهرها تدعو إلى العمل على إقامة دولة فلسطينية، لكنها في واقع الأمر كانت تهدف إلى بناء جهاز أمني محترف وقادر على تفكيك ما بقي من فصائل المقاومة، وتحديداً بالطريقة التي اتبعت في كل من البوسنة، وكوسوفو، وأفغانستان، والعراق، وتيمور الشرقية.
عملت أجندة فياض الجديدة على تأسيس احتكار للقوة في الضفة عبر استخدام القوة نفسها، وهو نفسه قال في مقابلة أجريت معه في حزيران 2010، إن «وفاءنا بالتزاماتنا الأمنيَة وإصلاحات الجهاز الأمني أمور عززت موقفنا في المفاوضات»، ولم يكن لذلك أن ينجح لولا وجود الجنرال الأميركي، كيث دايتون، الذي شغل منصب المنسق الأمني الأميركي للشؤون الإسرائيلية ـ الفلسطينية في تل أبيب عام 2007.
وعمل دايتون على إدارة برنامج تدريب الأجهزة الأمنيّة في «مركز التدريب الدولي الأردني لرجال الشرطة»، وأريحا، وإدارة برنامج الدعم المالي 2007- 2010 (الدفعة الأولى 68 مليون دولار، والدفعة الثانية 75 مليوناً، والثالثة 161 مليوناً)، وكلها للجهاز الأمني الفلسطيني المقدم من الخارجية الأميركية، وفي نتيجة نهائية لبرنامج تدريب كيث دايتون أصبح هنالك ما يعرف بـ«الفلسطيني الجديد» داخل بنية الجهاز الأمني الفلسطيني.

«الأمن الوقائي» و«الفلسطيني الجديد»

بعد هذه الإجراءات صار ممكناً بكل سهولة ملاحظة التحول الذي أحدثه عباس في بنية رجل جهاز الأمن الوقائي على وجه التحديد، وعملياً فـ«الأمن الوقائي» هو جهاز تشكل من مطاردي الانتفاضة الأولى وبعض الأسرى المحررين، أي إن هذا الجهاز كان يحوي المناضلين الذين تحولوا إلى رجال أمن ومحققين يلاحقون المقاومين الآخرين، لاقتناعهم بأن ما يفعلونه هو نضال! والمهم أن الجهاز من الناحية الإدارية يتبع الرئاسة. وهذا ما يتوافق مع الهدف الذي وجد لأجله منصب «منسق شؤون الأمن الأميركي»، أي خلق كيان ينسق بين مختلف المانحين الدوليين بموجب خطة عمل واحدة تمنع تكرار الجهود. وكان الهدف أيضاً تعبئة موارد إضافية وتبديد المخاوف الإسرائيلية بشأن طبيعة قوات الأمن الفلسطينية وقدراتها.
وتحديداً ذكر آنذاك أنه كان على دايتون مساعدة السلطة على تحديد حجم قواتها وإسداء المشورة إلى قادتها بشأن عمليات إعادة الهيكلة والتدريب الضرورية لتحسين قدراتهم «وتطبيق مبدأ سيادة القانون وتحميلهم المسؤولية عن قيادة الشعب الفلسطيني الذي يعملون من أجله». وعن الأطراف التي ساعدته على بناء «الفلسطيني الجديد»، قال الجنرال الأميركي: «كثيراً أزور وفريقي الأردن ومصر، وقد سُمح لنا بالتنسيق مع دول الخليج، كذلك نتعاون مع جميع البعثات الأخرى في المنطقة التي تتعامل مع الصراع العربي ـ الإسرائيلي، بدءاً من كل بلد على حدة، وانتهاءً بالمؤسسات غير الحكومية أو مسؤولي الأمم المتحدة».
وسرعان ما أثمرت النتائج، ومن ذلك تفكيك الخلايا العسكرية والاقتحامات المتكررة والاشتباكات بالرصاص والغاز المسيل للدموع في المخميات الفلسطينية. فمثلاً في 18 نيسان 2014 اقتحمت قوة كبيرة من عناصر الأمن الوقائي في جنين المخيم من مدخله الشرقي تحت وابل كثيف من إطلاق النار الحي، لاعتقال أحد قادة «الجهاد الإسلامي»، هو بسام السعدي. وأدى الإطلاق الكثيف للأعيرة النارية والقنابل الصوتية والغازية إلى إصابات في صفوف المواطنين، علماً أن تلك المحاولة لاعتقاله جاءت بعد ثلاثة أسابيع من عملية عسكرية نفذتها قوات الاحتلال في 22 آذار 2014 واستشهد فيها حمزة أبو الهيجا، وهو أحد قادة كتائب القسام (حماس). واستشهد مع أبو الهيجا خلال تلك العملية محمود أبو زينة، من سرايا القدس (الجهاد الإسلامي)، ويزن جبارين، من كتائب الأقصى (فتح)، بعد إصابتهما بعدة رصاصات في أنحاء متفرقة من جسديهما.
أيضاً، كان مخيما بلاطة والعين في نابلس شاهداً آخر على المهمات الأمنيّة الجديدة. فمنذ عام 2007 حتى اليوم، هناك اشتباكات دورية بين قوات الأمن وشباب المخيمين في محاولة من أجهزة السلطة لاعتقال عدد من المطلوبين بتهمة الفلتان الأمني (التهمة التي تستعملها السلطة لاعتقال من يرفض تسليم سلاحه للسلطة)، وفي نيسان 2014 كانت هناك محاولتان لاقتحام «العين» لإلقاء القبض على عدد من يرفضون تسليم وأنفسهم وسلاحهم للسلطة، والالتحام الأخير في 22 نيسان نتج منه احتراق منزل المواطن محمد دياب وإصابة عدد من الأطفال والنساء بحالات اختناق.
أما في 27 أغسطس 2013، فاستشهد الشاب أمجد فلاح عودة إثر اشتباكات بين أجهزة السلطة وعناصر من «فتح» في مخيم عسكر في نابلس (شمال)، ووقع الاشتباك أثناء محاولة أجهزة السلطة اعتقال أحد المطلوبين لديها في «عسكر» وهو قيادي في فتح رفض تسليم سلاحه، فهددته أجهزة السلطة، واجتمع الشبان، وبدأ العراك بالأيادي ثم الحجارة، حتى أطلقت عناصر الأمن النيران في الهواء، ما أدى إلى إصابة أمجد برأسه مباشرة ووفاته من الفور.
وبغض النظر عن الحالات الحقيقية التي شنت فيها تلك الأجهزة حملات اعتقال وضبط للمخلين بالأمن، فإنه لا يغفل أنها أسهمت في خلق حالة أخرى من الفوضى سببها الصراع الداخلي للأجهزة نفسها، فضلاً عن صراعات داخل «فتح»، ويبقى ذلك أمراً هيّناً أمام النتيجة الأسوأ، وهي نجاح عمليات الاغتيال الإسرائيلية ووصولها إلى المقاومين المطلوبين بسرعة، وإن كان «أقل الشر» أن تنسحب قوات الأمن الفلسطيني خلال الاقتحامات الإسرائيلية، لكنها تقف أحياناً مساندة في دوريات مشتركة بجانب إرجاعها أي مستوطن أو إسرائيلي دخل مناطق السلطة «بالخطأ».
واليوم، يجري الحديث عن عودة هذه الأجهزة بالتدريج إلى قطاع غزة، وجرى ذكر «حرس الرئاسة» و«قوات الأمن الوطني» حتى الآن، الأمر الذي يفتح باب التساؤل عن ماهية دورها ونتيجة الصراع المحتّم مع فصائل المقاومة هناك إن ظلت الأجندة التي تعمل بها أجهزة السلطة على النمط نفسه، وهو ما يعيد الخشية من تكرار تجربة الانقسام الفلسطيني، خاصة أن كتائب القسام أعلنت رسمياً فتح باب التجنيد لتشكيل جيش شعبي رديف، إن كانت القيادة السياسية لـ«حماس» تنوي أمراً آخر؟




عن جهاز «الأمن الوقائي» و«الفلسطيني الجديد»

لا يمكن الادعاء أن البنية الأمنيّة للسلطة الفلسطينية ثابتة، بل هي تتغير مع تغير الظروف على أرض الواقع. مثلاً جهاز الأمن الوقائي لم تنص اتفاقية أوسلو سنة 1993 على تشكيله، لكنه أنشئ لاحقاً وفقاً لاتفاق بين السلطة وإسرائيل جرى التوصل إليه في روما بداية 1994م، وتحديداً بين رئيس الجهاز السابق في غزة محمد دحلان، ورئيس الجهاز في الضفة جبريل الرجوب من جهة، وكل من رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (شين بيت) آنذاك يعقوب بيري، ونائب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أمنون شاحاك من جهة أخرى.
وقد توصل الطرفان في ذلك الاجتماع إلى أن إسرائيل ستعطي «الأمن الوقائي» حرية الحركة والعمل في مختلف المناطق الفلسطينية مقابل أن ينفذ الجهاز حملة واسعة على المعارضة الفلسطينية آنذاك (الجهاد الإسلامي وحماس). أما «الفلسطيني الجديد»، فهو كما يصفه الجنرال الأميركي، كيث دايتون، في الخطاب الذي ألقاه عن «السياسة الأميركية في الشرق الأوسط» ضمن ندوة سوريف 2009 في معهد واشنطن»، وقال فيه إنه جرى تدريس الخريجين على أيدي الأردنيين الذين ضاعفوا جهودهم في سبيل هذه المهمة «على الولاء للعلم الفلسطيني والشعب الفلسطيني، وإن حققنا ذلك فإني أقول بتواضع إننا قد خرَّجنا رجالاً جُدداً».
وكان يبلغ متوسط عمر الخريجين من عشرين إلى اثنين وعشرين عاماً، وعند تخرُّج هؤلاء الشبان ستكون مهمتهم بناء دولة فلسطينية، وهو الأمر الذي يؤمن به ضباطهم أيضاً.
ويضيف دايتون: «ما فعلناه هو بناء رجال جدد، وجعل هذا التغيّر ضباطاً في الجيش الإسرائيلي يسألونني: كم من هؤلاء الرجال الجدد تستطيع أن تصنع؟»، ويكمل خطابه مقتبساً كلام أحد الضباط الذين دربوا «الفلسطيني الجديد»: «أنتم رجال فلسطين تعلمتم هنا كيفية توفير السلامة والأمن للشعب الفلسطيني، أنت من يتحمل هذه المسؤولية، لم تأتوا إلى هنا لمعرفة كيفية محاربة إسرائيل، بل لتعلم كيفية الحفاظ على القانون والنظام وتنفيذ سيادة القانون حتى نتمكن من العيش في أمن وسلام مع إسرائيل».
ولهذا الجهاز دور كبير في العمل داخل الضفة المحتلة ضد المقاومة وفصائلها، إلى جانب أنه كان أساس المعركة بين «حماس» و«فتح» خلال عامي 2006 و2007 في قطاع غزة.

(الأخبار)