صنعاء | بات من المؤكد اقتراب موعد المواجهات بين مسلحي جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) ومسلحي تنظيم «القاعدة»، خصوصاً بعد تبادل الطرفين للتهديدات، وتحديد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي محافظتي مأرب والبيضاء هدفاً مقبلاً لخوض المعركة الفاصلة بين جماعته والتتظيم.
«القاعدة» ردّ سريعاً على خطاب الحوثي، عندما أعلنت جماعة «أنصار الشريعة» (فرع من التنظيم) مسؤوليتها عن تنفيذ 4 عمليات ضد الجماعة بين محافظات صعدة وصنعاء ومأرب والبيضاء، أعقبت «خطاب النصر»، وأدت إلى عشرات القتلى والجرحى.
وتحتل محافظة البيضاء أهمية خاصة في الصراع بين الحوثيين و«القاعدة»، لكونها تضم عدداً كبيراً من مسلّحي التنظيم. وشهدت المحافظة مواجهات عدة بين الطرفين وعمليات اغتيال متبادلة، غير أن أهميتها القصوى تعود إلى موقعها الاستراتيجي، حيث تربط البيضاء بين المحافظات الشمالية والجنوبية. وبسبب جغرافيتها، تستخدم غالباً كطريق لتنقلات مسلّحي التنظيم من محافظات ذمار، الجوف، مأرب، شبوة وأبين، وإليها، وهي مناطق تضم عدداً كبيراً من مسلحي «القاعدة»، وكانت مسرحاً لعشرات الغارات الجوية التي تنفذها الطائرات الأميركية من دون طيار منذ 2012. كذلك تمثل ترسانة الأسلحة الكبيرة في معسكرات الجيش هناك صيداً ثميناً يتربّص به مسلحو «القاعدة» وجماعة الحوثيين.
تحتل محافظة البيضاء أهمية خاصة في الصراع بين الحوثيين و«القاعدة»

وفي مؤشر واضح على اعتزام «القاعدة» حشد أنصاره لقتال الحوثيين، دعا التنظيم، قبل نحو أسبوعين، «أهل السُنَّة» إلى حمل السلاح «وأن يسلكوا سبيل الكفاح لمواجهة الحوثي»، وتوعّد فيه بـ«انتصارات قريبة تشفي الصدور وتريح القلوب».
دعوة «القاعدة» إلى «رفع راية الجهاد ضد الحوثيين» ليست جديدة، فغالباً ما برّر التنظيم عملياته التي استهدفت معسكرات للجيش والأمن في عدد من المحافظات الجنوبية بأنها «تستهدف الروافض في الجيش اليمني الذين أرسلهم الحوثيون لقتال أهل السنّة في تلك المحافظات». وكانت عملية ذبح «القاعدة» قبل أكثر من شهرين لأربعة عشر جندياً في محافظة حضرموت شرق البلاد، بحجّة أنهم جنود «حوثيون» بسبب انتمائهم إلى محافظة عمران، هي الإعلان الأكثر وحشية في تاريخ عمليات «القاعدة» ضد أفراد الجيش اليمني، وكانت تدشيناً لمرحلة الصراع على أساس مذهبي.
خلال الأعوام الأخيرة التي شهدت تصاعداً لقوة الحوثيين العسكرية وإحكاماً لسيطرتهم على محافظة صعدة منذ مطلع عام 2011، طفت على السطح مصطلحات تصف المواجهات على أنها بين «الروافض» (الحوثيين) في مقابل «التكفيريين» ولاحقاً «الدواعش» (القاعدة). ونفذ «القاعدة» عمليات انتحارية عدة استهدفت احتفالات وتجمعات للحوثيين في صعدة والجوف وأمانة العاصمة، وتطوّر الموضوع لاحقاً إلى مواجهات عنيفة بين الطرفين بناءً على هذه التقسيمات في منطقة دماج وكتاف في صعدة، ولاحقاً في الجوف وعمران وصنعاء.
لكن التطور اللافت في هذا الصراع هو تقديم الحوثيين أنفسهم عقب سيطرتهم على صنعاء كطرف يحمل لواء مواجهة «القاعدة»، وتعهده بالقضاء عليه وعلى الذين يدعمونه في البلاد. وكان على رأس هذه الأهداف اللواء علي محسن الأحمر والشيخ عبد المجيد الزنداني.
ولعل توجيه «القاعدة» عملياته ضد الحوثيين بدلاً من الأهداف الغربية والجيش والأمن يكشف عن تحول رئيسي في نشاط «القاعدة في جزيرة العرب» إلى الصراع المذهبي.
ويرى البعض أن دخول التنظيم على خط الصراع مع الحوثيين يقصد به الضغط عليهم لتسريع العودة إلى المسار السياسي والتخلي عن مشروعهم بالاستيلاء على السلطة والانفراد بصنع القرار في صنعاء، إضافة إلى سعي الأطراف الإقليمية والدولية لإلهاء الحوثيين وخصومهم في صراع داخلي طويل الأمد، يمكّن الأطراف الخارجية من إعادة ترسيم اليمن وفق مصالحها، وضمان بقاء اليمنيين مشغولين في صراع طويل حتى يعاد ترتيب الأوضاع في دول الجوار، وخصوصاً لدى الجارة الكبرى السعودية، التي تتملكها مخاوف من سيطرة الحوثيين على اليمن، ما سيعزز من تهديداتهم لبوابتها الجنوبية.