دمشق | تقدّر أعداد النازحين السوريين من عرسال إلى الحدود السورية بين 1500 و2000. اضطر هؤلاء إلى البقاء على الحدود اللبنانية ــــ السورية ليومٍ كامل، في انتظار قرار الحكومة السورية في شأنهم. في صبيحة اليوم التالي، أي 10 آب الجاري، أرسلت الحكومة حافلات للنقل العام، رافقتها حافلات تابعة لمنظمة الهلال الأحمر السوري، إلى نقطة المصنع الحدودية حيث جرى تأمين جميع النازحين، لتتجه الحافلات إلى أحد المجمعات التعليمية الجديدة في ضاحية قدسيا في دمشق، والتي جهِّزت لتستقر العائلات النازحة داخلها.

وقبل وصول العائلات، جهّز فريقٌ من المتطوعين المركز المكوّن من بناءين ضخمين يتألف كل منهما من ثلاث طبقات. يقول زياد، أحد المتطوعين في المركز: «بمجرد وصول الأهالي، استقبلهم الفريق ووزعهم على الغرف المخصصة لهم بعد توزيع الحاجات الأساسية من فرش نوم ومساعدات طبية وغذائية عليهم». كذلك تكفل الهلال الأحمر «بتوزيع 800 فرشة و1500 حرام و500 سلة غذائية، بالإضافة إلى 350 سلة صحية».
خلافاً للتوقعات، لم ترسل الحكومة السورية النازحين من عرسال إلى قراهم في بلدات القلمون السوري التي باتت معظمها تحت سيطرة الجيش السوري وحلفائه، ما فتح الباب أمام التنسيقيات المعارضة لترويج الشائعات حول مصير هذه العائلات مثل: «العائلات في مركزٍ للتحقيق والتعذيب»، «الآن تُسمع أصواتهم وهم يجبرون على الهتاف للأسد»، «المعاملة هناك سيئة حيث لا طعام ولا تجهيزات».

يقدم فريق الشباب التطوعي ثلاث وجبات يومياً للأهالي النازحين



يروي مروان، أحد الشباب القيّمين على المركز أنّ «الخدمة هنا أكثر من جيدة مقارنة بباقي مراكز الإيواء، هنا البناءان حديثان ومجهزان جيداً، أما بالنسبة إلى الطعام فيقدِّم فريق الشباب التطوعي ثلاث وجبات يومياً، حيث يكون الطبخ على مدار اليوم بمساعدة الأهالي المقيمين». وحول القيود المفروضة على العائلات، يؤكد مروان لـ«الأخبار» أنّ «هناك ضرورات أمنية تتجلى بعدم الدخول والخروج من المركز، بشكلٍ مؤقت، على أن تحلّ القضية بعد أن تعطي الجهات المختصة إشارتها في ذلك».
سمحت حالة منع العائلات من الدخول والخروج بفتح الباب أمام الفساد. يؤكد أحد أبناء بلدة يبرود: «أردت أن أرى والدي بعد أن أتى من عرسال لآخذه إلى بيتي الذي استأجرته حديثاً في دمشق، إلا أنهم منعوني من ذلك، قائلين إن هناك أوامر بعدم خروج أي فرد إلا بعد نقلهم جميعاً إلى قراهم». ويؤكد الشاب: «دفعت مبلغ ثلاثة آلاف ليرة سورية لأحد القيمين على المركز من أجل أن أرى والدي داخل المركز، وهي الزيارة التي لم تتعد الساعتين».


سببان لاختيار دمشق

في اتصالٍ مع مصدرٍ رسمي، أكد لـ«الأخبار» أن هناك ضرورة أمنية لفرز أفراد العائلات القادمة، بين من هو مدني ومن شارك أو ما زال على اتصالٍ مع المعارضة المسلحة «وذلك بهدف تأمين العائلات بالدرجة الأولى». وحول اختيار ضاحية قدسيا، عوضاً عن قرى القلمون، يقول المصدر: «لنكن عقلانيين ولنسمِّ الأمور بمسمياتها، السبب الأول في ذلك هو أن الضاحية منطقة ليس لها اتصال مباشر مع إحدى الجبهات المشتعلة، ما يمنع ويعرقل نشوء تكتلات عسكرية في حال توافُر الرغبة عند البعض بذلك». أما السبب الثاني، «فهو أن قرى العائلات في القلمون آمنة نسبياً بعد سيطرة الجيش على بعضها، لكنها لم تصبح آمنة بالمطلق بعد، ولذلك فوجود العائلات في دمشق هو أكثر أماناً لهم ولأطفالهم».