القاهرة | وسط استمرار الحكومة المصرية في مساعيها للاستحصال على مليارَي دولار قبل نهاية الشهر المقبل، بهدف سداد الديون ومستحقّاتها، وضبط العجز المالي في موازنة العام المالي الحالي، استقرّت القاهرة على تنفيذ عمليّات بيع منفردة لشركات بأسعار أقلّ من تلك المقدَّرة، وذلك من أجل عدم تخفيض قيمة العملة، الشرط الذي وضعته الصناديق الخليجية لضخّ استثمارات جديدة. وبعد اجتماعات استمرّت على مدى ثلاثة أيام متواصلة، قرّرت الحكومة طرْح 10% إضافيّة من حصّتها في «الشركة المصرية للاتصالات» للبيع، وهي الشركة التي كان يُفترض أن تستحوذ قطر على جزء كبير منها، لكن أيّ اتفاق في شأن التفاصيل لم يجرِ، فيما حدّدت الحكومة سعراً استرشاديّاً للسهم الواحد عند 22.25 جنيه، أي أقلّ من سعر السهم الواحد في البورصة، والذي انخفض، يوم أمس، ليسجّل 23.1 جنيه، بعد تسريب القرار. وجاء سعر التقييم الحكومي، نزولاً عند رغبة المستثمرين الأجانب، واستناداً إلى تقييم الدولار على أساس أعلى من السعر الرسمي المحدّد بنحو 31 جنيهاً تقريباً في البنوك، بينما تجاوز سعره الـ40 جنيهاً في السوق الموازية، علماً أن تقييم الشركة في الجنيه بأقلّ من قيمتها الحقيقية، لا يتّسق مع كوْنها تحقّق أرباحاً مستمرّة، آخرها العام الماضي بنحو 9.2 مليار جنيه، مع الأخذ في الاعتبار أنها المشغّل الوحيد لخدمات الهاتف الأرضي في البلاد.وكانت التقديرات تشير إلى أن سعر سهم الشركة لن يقلّ عن 40 جنيهاً عند طرح أيّ حصّة جديدة في البورصة المصرية، علماً أن قرار الطرح جاء مفاجئاً، على رغم عدم وجود الشركة في قائمة الشركات التي تنوي الحكومة بيعها كليّاً أو جزئيّاً. وتسعى الحكومة، من خلال السعر الاسترشادي الذي حدّدته لسهم «الشركة المصرية للاتصالات»، لتنفيذ عمليات البيع بشكل سريع، سواء لمستثمر استراتيجي أو لتحالف من جهات استثمارية، فيما يُتوقّع أن يحقّق الطرح نحو 123 مليون دولار فقط، ستضاف إلى عمليّات استحواذ من جانب الصناديق الخليجية بأرقام مشابهة، ممّا قد يؤمّن للحكومة مبلغ المليارَي دولار المطلوب قبل نهاية حزيران المقبل.
ثمّة محاولات لحلحلة العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول الخليج


ويأتي التحرك الحكومي في إطار الاستعداد لاستقبال بعثة «صندوق النقد الدولي»، بعدما جرى الاتفاق مبدئيّاً على زيارة البعثة للقاهرة نهاية الشهر المقبل كحدّ أقصى، لإجراء المراجعة الدورية لصرف الشريحة الثانية من قرض «الصندوق»، في حين تتّجه الحكومة، وفق مصادر متطابقة، نحو تأجيل قرار تحريك سعر الصرف للمرّة الرابعة في أقلّ من عامين، إلى بداية العام المالي الجديد، مطلع تموز المقبل، لتجنّب تفاقم العجز النهائي في الموازنة. ولا يُتوقّع أن يؤدّي التحريك المرتقب في سعر الصرف إلى حدوث انفراجة في الأسواق، وذلك لعدّة أسباب يأتي في مقدّمتها عدم توافر سيولة بالدولار يمكن إتاحتها عبر البنوك المختلفة خلال الأشهر المقبلة، فضلاً عن تعثّر عمليات الاستيراد بصورة كبيرة منذ شباط الماضي، وانكماش في العديد من القطاعات، بما فيها قطاعات صناعية وخدمية.
وكشفت مصادر حكومية مصرية، لـ«الأخبار»، أن الوضع المالي الحالي فرض العديد من الضوابط، بخاصّة في ظلّ صعوبة اتّخاذ قرار تحريك سعر الصرف، بالتزامن مع تحريك سعر السولار. ولفتت المصادر إلى أن القيادة السياسية تفضّل التريّث في اتّخاذ القرارات عوضاً عن اتّخاذ قرارات سريعة يمكن أن تكون لها تأثيرات عنيفة على المجتمع، لا سيما بعد القفزة التي حدثت في الأسعار وتوقّعات بحدوث قفزة جديدة في التضخّم الشهر المقبل. وبحسب المصادر، فإن ثمّة محاولات لحلحلة العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج بشكل خاص، لضخّ مزيد من الاستثمارات بناءً على أسعار الصرف الحالية.