النجاة ليست فقط النجاة من الموت جسدياً، بل أن تنجو نفسياً أيضاً
أمّا محمّد (10 سنوات) فيظلّ طيلة الليل ممسكاً بيد أخته التوأم رند، التي لا تفتأ تُردّد له: «يا ضوء عيني يا خيي لا تتركني»، فيما تتلافى أمّهما ترْكهما وأخويهما وحيدَين منذ الكارثة، ولو لبرهة. تقول السيدة، لـ«الأخبار»، إن «أصغر حركة في المنزل باتت مصدر ذعر، حتى لو كانت حركة إغلاق الباب»، مضيفةً أن «أطفالها يرزحون تحت ضغط نفسي هائل»، وأنهم «عند حدوث أيّ هزّة ارتدادية يهرعون إلى الدرج مباشرة». ومن هنا، تعتقد أن «النجاة ليست فقط النجاة من الموت جسدياً، بل أن تنجو نفسياً أيضاً». بدورها، تجلس أم محمد على قارعة الرصيف في حيّ الصالحين في حلب، ملتحِفةً ابنَيها: محمد ذا الثلاثة أعوام، وهنا ذات العام الواحد، قائلةً لـ«الأخبار» إن «ابنها لا ينام، وإن إسهالاً مفرطاً» أصابه منذ الواقعة.
إزاء ذلك، يوضح الاختصاصي النفسي، سام صقور، أن «اضطراب كرب ما بعد الصدمة الذي يصيب الأطفال، يختلف من طفل إلى آخر تبعاً للعمر»، مبيّناً أن «غالبية الحالات تكون على شكل نوبات ذعر أو كوابيس وأحلام وبكاء وتقيّؤ، فيما أخرى تكون في صورة تبلّد، وثالثة لا تَظهر عليها الأعراض على الفور، بل فيما بعد، ربّما بعد سنة أو أكثر». ويشدّد صقور على أن «الأطفال بحاجة ماسّة إلى دعم المحيط، ومنْحهم الشعور بالأمان والراحة»، مضيفاً أن «على الأهل مساعدة أولادهم في التعبير عن دواخلهم سواءً بالحديث أو الرسم».