غزة | تحاول الحكومة الإسرائيلية نقل حربها النفسية ضد الصحافيين الأجانب الموجودين في قطاع غزة لتغطية جرائمها ضد المدنيين العزل، بإرسال رسائل إليهم عبر بريدهم الالكتروني الخاص، تطالبهم بالاتصال بمكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي في حال قرروا مغادرة غزة عبر معبر إيرز، المنفذ الوحيد للدخول إلى القطاع أو الخروج منه.
وتنص الرسالة التي وصلت الى الصحافيين الأجانب على أن الحكومة الإسرائيلية ليست مسؤولة عن أي صحافي يصاب أثناء عمله الميداني، خصوصاً أنها تنوي مواصلة عمليتها العسكرية ضد القطاع.
وبدا واضحاً في نهاية رسالة مكتب الإعلام الإسرائيلي تهديد الصحافيين وذلك بقولها: «نؤكد أن غزة والمناطق المجاورة لها هي ساحة معركة، وأنكم تغطون الأعمال العدائية ما يعرض الصحافيين للخطر، وكذلك مخاطر على المعدات، وهو نتيجة استراتيجية حماس بالاختباء وراء السكان المدنيين في كثير من الأحيان، وقد تستغل الصحافيين كدروع بشرية ووضعهم بشكل متعمد امام خطر الإصابة أو الموت. لذلك ننصح كل أعضاء الصحافة باتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة، وفي حال احتجتم إلى المساعدة الاتصال بمكتبنا لتسهيل المرور من معبر إيرز، وبأي حال من الأحوال إسرائيل ليست مسؤولة عن الإصابة أو الضرر الذي يحدث نتيجة التقارير الميدانية».



الصحافية أليسون التي فضلت الاحتفاظ باسم عائلتها نظراًَ إلى أن تصريحاتها مراقبة بكثب، تلقت الرسالة بابتسامة استهجان واستغراب، خاصة حين تذكرت جلسة التحقيق التي خضعت لها من قبل السلطات الإسرائيلية قبيل دخولها قطاع غزة. وأوضحت ويلسون لـ «الأخبار»، «عندما هممت بالدخول الى قطاع غزة، خضعت لجلسة تحقيق طويلة، استمرت 4 ساعات متواصلة، حول هدفي من زيارة غزة، وإن كنت متضامنة مع الغزيين أم لا؟، لكنني أخبرتهم بأنني صحافية موفدة من وسيلتي الإعلامية التي أعمل بها»، وهو ما تم التحقق منه وبعد إيفائي كافة شروطهم طلبوا مني أن أكون بأمان لأنني ذاهبة إلى أكثر منطقة إرهاباً». وتتابع أليوسن أنها وفور دخولها غزة فوجئت بأنه لا صحة لأي معلومة زودتهم بها إسرائيل. وكذلك الحال بالنسبة للصحافي جيسي الذي يحاول أن يجاري الأحداث وتغطية كل ما يستطيع القيام به من غزة. يقول جيسي لـ «الأخبار» إن «إسرائيل ترتكب مجازر فعلياً، وتحاول أن تقنعنا بأنها تستهدف حماس والمنظمات المسلحة، لكن الواقع يخبرنا عكس ذلك، لأن الضحايا جميعهم من المدنيين، وتستهدف منازلهم وتشرد أطفالهم وتقتل نساءهم».
بدوره أوضح الصحافي دافيد جونسون الذي كاد يفقد حياته أثناء تصويره قصف منزل في مدينة رفح في جنوب القطاع، لـ «الأخبار»: «جنون حقيقي ترتكبه إسرائيل بحق المدنيين، أنا لم أر حتى الآن اياً منعناصر حماس التي كانوا يخيفوننا منها، وأنها ستستخدمنا دروعا بشرية لتحمي نفسها، ولكننا لم نر أياً منهم، كل ما نراه قتلى تتزايد أعدادهم».
وفي محاولة لمنع دخول المزيد من الصحافيين إلى القطاع، لتغطية المجازر التي ترتكبها، تفرض إسرائيل إجراءات صعبة للغاية، منها أن يحصل الصحافي على بطاقة صحافة إسرائيلية وهو ما لا يمكن تحصيله إلا بعد إخضاع الصحافي لجلسات تحقيق تمتد بين 3 و4 ساعات متواصلة إن كان الصحافي محظوظاً، أما إن كان غير محظوظ فقد تستغرق عمليات التحقيق معهم عدة أيام، قد تكون نهايتها العودة إلى بلده بلا عودة.
عدد من الصحافيين الأجانب أكد لـ «الأخبار» أن وسائلهم الإعلامية أوصتهم بأنهم ناقلون للخبر وليسوا فاعلين فيه، بالتالي لا يحق لهم أن يقرروا في مواقع الصراعات، خاصة وأن إسرائيل قد تستهدفهم في حال لم ترض عن التغطية الميدانية. وأوضحوا أن الوسائل الإعلامية التي يراسلونها مراقبة بشكل مباشر من السلطات الإسرائيلية بشكل كبير وواضح.
وحول الهدف من توجيه الرسالة يقول الصحافيون الأجانب إن إسرائيل تسعى إلى توسيع عمليتها العسكرية ضد قطاع غزة، وتحاول أن تمنع إيصال الصورة الحقيقية إلى العالم الخارجي.
أليسون اختصرت الإجراءات الإسرائيلية بالقول «المشاهد المأساوية التي نراها تجعلنا نقف عاجزين عن التعبير عما يجري، وهو ما تريد إسرائيل إخفاءه عن العالم».