بدا لافتاً تبرّؤ البرهان، في حديثه الأخير، من التيّار الإسلامي
من ناحية ثانية، بدا لافتاً تبرّؤ البرهان، في حديثه الأخير، من التيّار الإسلامي، وتوجيهه انتقاداً مباشراً إلى قادة حزب «المؤتمر الوطني» المنحلّ، ونداءً بأنْ «يرفعوا أيديهم عن الجيش»، وتأكيداً أنهم «لن يعودوا إلى السلطة مرّة أخرى مُمتطين ظهْر القوات المسلّحة»، التي هي، بحسبه، «قوّات لكلّ السودان وليست لحزب أو جهة ما». وقرأ بعض المراقبين في تصريحات قائد الجيش تلك، تلميحاً إلى أن الحركة الإسلامية بدأت ترتّب لمرحلة ما بعد البرهان، وتستعدّ ربّما لإطاحته والبحث عن بديل له، بعدما برزت إرهاصات انخراطه في تسوية مع مَن تُسمّيهم الحركة «العلمانيين وعملاء السفارات». وكانت قيادات «المؤتمر الوطني» رسمت خططها على أساس استمرار سيطرة الجيش على السلطة، وصولاً إلى انتخابات مبكرة بدأ الحزب، بالفعل، تجميع صفوفه واستعادة معظم قياداته من الخارج، للاستعداد لخوْضها.
ويرى عبد الحكم أن «تصريحات البرهان تحتوي على رسائل داخلية إلى أتباع النظام البائد بالابتعاد عن المؤسّسة العسكرية، في ردّ صريح على الأحاديث عن سيطرة تنظيم الإخوان المسلمين على الجيش»، مضيفاً أن قائد الانقلاب «أراد أيضاً دحض الإشاعات التي تتحدّث عن مساعي أطراف العملية السياسية لتفكيك الجيش». وإذ يَلفت إلى أن «هذه العملية تهدف إلى بناء جيش قومي مهني موحّد، يتمّ فيه دمْج كافة القوّات المسلّحة الأخرى»، فهو يعتقد أن «اكتمال العملية السياسية عبر الآلية الثلاثية واللجنة الرباعية يعني عودة عناصر نظام البشير إلى جحورهم مرّة أخرى». لكن من غير الواضح كيف سيتحقّق ذلك في ظلّ ما قام به البرهان، منذ انقلابه، من إعادة مفصولي الحركة الإسلامية إلى وظائفهم، وإرجاع ممتلكاتهم التي كانت تمّت مصادرتها، وفتْح حساباتهم البنكية المغلَقة بأمْر من «لجنة إزالة التمكين»، بالإضافة إلى إطلاق سراح العديد من أفراد التنظيم. ومن هنا، ذهب البعض في تفسير حديث البرهان إلى أنه مُوجَّه إلى الخارج أكثر منه إلى الداخل، وهو ما لا يُنكره عبد الحكم الذي يَعتبر أن «رسائل قائد الجيش إلى المحيط الإقليمي والدولي هدفها التأكيد أن النظام البائد غير مسموح له بالعودة على أكتاف القوّات المسلّحة، لا سيما أن عدداً من الدول في الإقليم تصنّف جماعة الإخوان المسلمين على أنها تنظيم إرهابي».