القاهرة | تشهد الأسواق المصرية، منذ أيام، شحّاً كبيراً في مادة الأرز، على خلفية صدام بين الحكومة والشركات المنتِجة، أدى إلى توقّف خطوط الإمداد والتوريد. واندلع الصدام بسبب قرار رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، فرض مليون جنيه غرامة على الشركات الممتنِعة عن توريد الأرز بالأسعار الرسمية (12 جنيهاً للسائب منه، و15 جنيهاً للمعبّأ)، التي تفوقها بـ30% تلك التي كانت تُباع بها هذه المادّة في الأسواق خلال الشهور الماضية. وتنتج مصر، سنوياً، نحو 4.4 مليون طنّ من الأرز الذي يُعتبر سلعة أساسية، ويصل متوسّط استهلاك الفرد سنوياً منه إلى 40 كغم، فيما يبلغ ما تحتاجه البلاد نحو 3.2 مليون طن سنوياً، ما يعني القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي بالكامل، وإتاحة جزء للتصدير، لكن الشركات الكبرى متوقّفة عن العمل بشكل شبه كامل من دون إعلان رسمي.وتُراهن الشركات على عدول رئيس الحكومة عن القرار تحت وطأة الضغوط المتزايدة والشكاوى المتصاعدة، خصوصاً أن التجّار أيضاً باتوا يفضّلون شغْل أماكن العرض بمنتجات أكثر ربحية، مقارنةً بالأرز الذي سيكون عليهم عرضه بهامش ربح محدود للغاية. في المقابل، وكعادتها في الأزمات، لم تعترف الحكومة بالمشكلة المتفاقمة، بل صدر عنها بيان رسمي ينفي اختفاء الأرز من الأسواق، مع إعلان توافره في المجمعات الاستهلاكية عبر وزارة التموين التي تتيح منتَجات بجودة أقل. وهكذا، باتت هذه السلعة الاستراتيجية رهينة شدّ وجذب بين الحكومة التي ترغب في تحديد سعرها، وبين الشركات التي تهدّد بترك السوق متعطّشاً لها، مُراهنةً على العجز الحكومي عن الوفاء بجميع الكمّيات المطلوب طرحها في الأسواق.
تلوّح الحكومة بعمليات مصادَرة للكميات المخزّنة، وطرحها جبراً في الأسواق


وإذ تَجرى مفاوضات بين الطرفَين بهدف إيجاد تسوية ما، لا تزال الشركات، التي تبرّر توقّفها عن العمل بالتحديث الخاص بأنظمة التشغيل، ترفض اعتماد التسعير الحكومي، بالنظر إلى ارتفاع مصاريف التشغيل ومستلزمات الإنتاج بشكل كبير، نتيجة تراجع قيمة العملة وزيادة التضخّم. وفي المقابل، تلوّح الحكومة بعمليات مصادَرة للكميات المخزّنة، وطرحها جبراً في الأسواق، مع توقيع العقوبة على المخالفين، لكن هذا التهديد لم يسفر عن نتائج، في ظلّ تأكيد الشركات وفاءها بالتزاماتها، واستمرار العمل في مصانعها وفق طاقتها الإنتاجية الاعتيادية. والجدير ذكره، هنا، لا توجد عقود مبرمة بينها وبين الحكومة على كمّيات محدّدة يجب إنتاجها وفق سقف زمني محدّد، ممّا يزيد من تعقيد الموقف.