غزة | مع استمرار الحرب على غزة ودخولها اليوم الثالث على التوالي، تمر مستشفيات القطاع بأزمة كبرى كانت قد بدأت قبل الحرب مع إعلان وزارة الصحة آنذاك نفاد 25% من الأدوية الأساسية، وها هي اليوم تواجه ما يمكن تسميته كارثة، في ظل توالي الشهداء والإصابات في كل دقيقة على أقسام الاستقبال والطوارئ. هذا العدوان الذي يترافق مع أزمة بيئية تعانيها غزة ونسبة تلوث عالية، إضافة إلى زيادة مشكلة انقطاع الكهرباء والبدائل عنها، دفعت الطواقم الطبية منذ اللحظة الأولى للتصعيد إلى إعلان حالة الطوارئ.
وتحدث مدير المكتب الإعلامي لوزارة الصحة في غزة، الدكتور أشرف القدرة، لـ«الأخبار»، واصفاً وضع مستشفيات غزة بأنها في أصعب ظروفها منذ الحرب الماضية، محذراً من أن الأدوية والمستلزمات الطبية الموجودة حالياً لا تكاد تكفي إلا ليومين مقبلين. ونبه القدرة إلى أن المستشفيات في حالة استنزاف كبيرة وصلت حالياً إلى أكثر من 55% على مستوى الاحتياجات كافة بسبب صعوبة الإصابات الواصلة، داعياً الدول العربية والمؤسسات الدولية إلى إنقاذ غزة من الكارثة الصحية الكبيرة إلى جانب وقف العدوان.
داخل المستشفيات، يظهر جلياً أن الإصابات تُعَدّ ما بين الحرجة والمتوسطة، ووفق معاينة «الأخبار» وما تورده صور الوكالات يظهر أن عدداً كبيراً من الشهداء يصلون أشلاء، في حين أن بتر الأطراف هو السمة الغالبة على الإصابات، فضلاً عن الحروق البالغة. ويقول الطبيب مروان رشيد لـ«الأخبار» إن نسبة 40% من الإصابات هي في شريحة الأطفال، مضيفاً: «غالبية إصابات الأطفال خطرة، نظراً إلى أن أجسامهم لا تتحمل الإصابة، كذلك يسهم نقص الأدوية الخاصة بأعمارهم في زيادة آثار الإصابة في ظل استحالة استخدام أدوية لغير سنّهم قد تسبب لهم مضاعفات خطيرة».
ويتابع رشيد: «حالياً تعمل الطواقم الطبية على أن تتأقلم مع كمية الأدوية الضئيلة جداً، وقد لا تكفي لكل مريض جرعة علاجية صغيرة، لكننا لا نستطيع توفير أنواع العلاج لكل حالة، لذلك نعطي حالات الإصابة وفقاً لمن هو أخطر فأقل خطورة». ولا تكتفي إسرائيل باستهداف الفلسطينيين في بيوتهم، فهي تلاحقهم بالقصف بجانب المستشفيات، وخاصة الموجودة قرب الحدود، فهي الأكثر تعرضاً للخطورة، ومنها مستشفيات شمال القطاع (بيت حانون) والجنوب (رفح وخانيوس). وكانت طائرات الاحتلال قد استهدفت أول من أمس محيط مستشفى غزة الأوروبي في خانيونس، ووفق بيان وزارة الصحة فقد جرى استهداف بناية من أبنية المستشفى، ما سبب تصدعاً فيها إضافة إلى إصابة مسعف وممرض. كذلك أخلت إدارة الأوروبي قسم الأطفال، نظراً إلى قرب الاستهداف من القسم، وأيضاً هدم السور الشرقي للمستشفى، علماً أنه نتيجة تصدع 15 منزلاً من المنازل المحاذية للمستشفى لجأ أهالٍ كثيرون من تلك المنطقة إليه. عامل آخر يزيد التعقيد على تلك المستشفيات، فهي تعاني نقصاً حاداً في المستلزمات أكثر من تلك الموجودة في وسط المدينة، لأن الإمدادات الطبية، على قلتها، لا تصلها بسرعة لصعوبة تنقل سيارات الإسعاف في تلك المناطق، ولها في ذلك تجربة طويلة حين استُهدفت الطواقم الطبية في الحربين السابقتين (2008، 2012). وفي هذا العدوان، استهدفت الطائرات سيارة إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في ثاني أيام الحرب أثناء نقلها الضحايا من مدينة غزة، وقد أدى الاستهداف إلى إصابة ضابط الإسعاف بشظايا في كتفه وبطنه. كما قصف، ليل أمس، مقر الهلال الأحمر في بلدة جباليا، وأصيب في القصف ثلاثة مسعفين. ويقول أحد ضباط الإسعاف، مأمون عطا الله، إن منطقة الشمال التي يعمل فيها هي الأكثر عرضة للاستهداف. وأضاف لـ«الأخبار»: «الطائرات في غالب الأوقات لا ترسل صواريخ تحذيرية كما في حال البيوت، لذلك فهي تستهدف المسعفين مباشرة وتتعمد إيقاع ضحايا بيننا».