تقوم دعاية النظام على أن الاستثمارات الخليجية ليست عمليات بيع للأصول التي تمتلكها الدولة (أ ف ب)
ويَظهر أن تدخّلات البنك المركزي المصري لمنع انخفاض الجنيه مجدّداً، هي التي حافظت حتى الآن على سعر صرف أقلّ من 19 جنيهاً للدولار الواحد، في ظلّ توقّعات بارتفاعه إلى 20 جنيهاً على الأقلّ في نهاية العام الجاري، وخاصة أن السعر الحالي ليس واقعياً في ظلّ تقييد البنك المركزي عمليات الاستيراد. ويمارس النظام المصري، إزاء الخليج، سياسة التخويف نفسها المتّبَعة مع أوروبا، لكنّ الفارق بين الحالتَين، هو أن طلبات استدرار الأموال من الخليجيين تكاد لا تنقطع منذ بداية 2022، بفعل تفاقم تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، والتي أدّت إلى تزايد عجز الموازنة بصورة غير مسبوقة، وبشكل لا يمكن تحمّله، ولا سيما أن أيّ تخفيض جديد في قيمة الجنيه سيكون له أثر اجتماعي سلبي تخشاه الحكومة، إلى درجة أن الأخيرة أنفقت نحو 20 مليار دولار من الاحتياطي النقدي في الشهور الأربعة الماضية لدعم العملة ومنعها من الانهيار. وعلى رغم أن جزءاً كبيراً من هذه الأموال جاء من الخليج، إلّا أن الارتفاع المطّرد في أسعار القمح والأغذية العالمية، وتأخُّر القرض المحتمل من «صندوق النقد الدولي»، إلى جانب استمرار رفع الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة على الدولار، كلّها عوامل دفعت القاهرة إلى طلب مزيد من الأموال، مع التحذير من أن أيّ هزّة في استقرار النظام المصري ستنعكس على الخليج بشكل مباشر، في حين ترفض دول الخليج مجتمعةً تقديم «شيكات على بياض»، سواءً في ما يتعلّق بودائع بلا فائدة لدى البنك المركزي المصري أو مِنح لا تُردّ.
وتنتظر القاهرة زيارة وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، بعد زيارة ملك البحرين، حمد بن خليفة، في إطار تبادل مكّوكي للزيارات بين السيسي وقادة الخليج والأردن في الفترة التي تسبق جولة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في المنطقة، المُقرَّرة الشهر المقبل، والتي سيلتقي خلالها السيسي في الرياض. ويُتوقّع أن تشهد زيارة ابن سلمان لمصر التوقيع على عدد من الاتفاقات، فيما يجري الترتيب حالياً لزيارة أمير قطر، تميم بن حمد، والتي ستشهد هي الأخرى الإعلان عن اتفاقيات تعاون اقتصادي، تضخّ بموجبها الدوحة مليارات الدولارات في مشاريع في القاهرة، ما يساعد على تحريك العجلة الاقتصادية، علماً أن غالبية هذه المشاريع لا تزال قيد المراجعة من الجانب القطري، بعد زيارات عدّة أجراها مسؤولون مصريون للدوحة. مع ذلك، لا يبدو الدعم الخليجي، إلى الآن، مُرضياً لنظام السيسي، ولكن تبقى اللقاءات المقبلة حاسمة لعدّة أمور، من بينها ما يمكن أن يقدّمه الخليجيون لدعم الاقتصاد المصري، في حين يتسلّح السيسي بالقوّة العسكرية لتأكيد القدرة على «حماية أمن الخليج»، والتلويح بشبح الفوضى التي لن تكون في صالح هذه الأنظمة، في حال وقوعها في مصر، كما في عام 2011 وما بعده.